تاريخ النشر: 01/09/2006
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية
نبذة نيل وفرات:للعمل في أوطاننا معضلات شتى، من ذات أغراضه، وفي علاقاته مع الميادين المتصلة بممارسته، والمعينة على استيفاء الإحاطة الشاملة بجوانبه المختلفة، مثل ميادين البيئة والظروف المحيطة، وميدان الأوضاع السكانية، وميادين النشاط الاقتصادي، وميدان المناهج التربوية والتكوين المهني وميدان العلاقات الاجتماعية، المهنية والعامة، وميدان العلاقات الخارجية. فلا تزال مجتمعاتنا العربية ...تلقى أشد العنت في مجابهة البطالة والحد من تفاقم حجمها، وبخاصة بطالة الشباب وأصحاب الكفاءات، وفي التحكم الرصين في موجات الهجرة الداخلية، المتسببة في الاختلال العمراني بين فضاءات الانتشار الحضري واكتظاظ المدن، وبين انكماش الفضاء الريفي وتقلص المساحات الزراعية. كما تلقى مجتمعاتنا عنتاً شديداً في الحد من هجرة الاغتراب إلى الخارج ومن النزيف الوطني من الكفاءات بصورة خاصة، وفي اجتناب ما ينجم عنه من تفقير خطير للأوطان في مواردها البشرية وفي قوى التغيير والتقدم والإصلاح، ولا يزال الاجتهاد بشأن المناهج التربوية، يذهب بنا مذاهب مختلفة، في التحكيم بين المقاصد العلمية لتكوين المواطن الصالح، ومقتضيات الاستجابة لطلب السوق وحاجته إلى العامل الماهر المتزود بمواصفات فنية لا تفتأ تتحول، وهل نجحد أننا لا ننفك نتصرف في وقت العمل تصرف تبذير مشين، ونحن نعلم أن للوقت ثمناً غالياً، بجميع المقاييس المالية والاجتماعية والمعيارية، ولا نتعظ بالتجارب الرشيدة لبعض الأمم المتقدمة كاليابان أو كوريا في ما تلتزمه من الصرامة في تعمير أوقات العمل.
يعرض الكتاب عدداً محدوداً من قضايا العمل، بالاعتماد على القدر المتاح من المعلومات والبيانات الكمية والنوعية، ومستمدة من المراجع العربية أولاً، ومن تصانيف المؤلفين العرب بلغة أجنبية، ثم من المراجع الغربية العديدة، وكان تمحيص هذه المراجع، ومقارنة المعلومات الإحصائية بعضها ببعض، ومحاولة الخروج من النقص في منظوماتها الزمنية، ومن التضارب بين مقاديرها، أو من غيابها تماماً، مثل إحصاءات البطالة في بعض الجداول الوطنية، من الأعمال التي أخذت جهداً خاصاً، كان من الأفضل لو تيسر بذله في تعميم الإحاطة بأغراض أخرى في البحث.
ومما يدعو إلى الارتياح في باب المراجع، واجب الإشادة بما توفر للكاتب من مراجع متنوعة ومفيدة،من منشورات مركز دراسات الوحدة العربية، في بيروت، وما حفل به حصاد التصنيف من دراسات علمية جادة، ومن أبحاث موضوعية معمقة في القضايا الكبرى للأمة العربية، مثل قضايا الاقتصاد والتنمية والتكامل الصناعي والأمن الغذائي، والتبعية والعولمة. والخوصصة والملكية العامة للمشاريع، ومثل قضايا النفط والطاقة ووحدة المورد، وصناعة الإنشاءات، وانتقال العمالة ورؤوس الأموال، ومثل قضايا المجتمع المدني، وما تناوله التصنيف من تجارب ميدانية للتنمية في منطقة الخليج العربي أو المغرب العربي أو في العراق ومصر والأردن، وإذا كان موضوع العمل بمقاييسه الضيقة، لم تشمله إلى اليوم، مكتبة منشورات المركز، فإن في هذه المكتبة دراسات فرعية للتنمية ومقاييس التبعية، وهي خلفيات دراسية عامة، ومستندات واجبة لتوسيع نطاق البحث، والإحاطة بجوانبه المتصلة.
إن تركيز الكتاب على قضايا العمل، في مقاييسها العربية يتناولها من بعض جوانبها، من دون إغفال المقارنة مع أوضاعها بالبلاد الأجنبية. وينطلق هذا لحصر من اعتبارين اثنين: أولهما أن حاجة المكتبة العربية إلى تصنيف عربي في قضايا العمل العربية، هي اليوم أكثر من حاجتها إلى مراجع عربية عن هذه القضايا في بيئة أجنبية. فالمراجع كثيرة ومتاحة باللغات الأجنبية في هذه الأغراض. أما ثانيهما فهو من جنس الالتزام الفكري لقضية تكتسي أهمية بالغة في علاقتها بمشروع النهضة للمجتمع العربي. إذ أن العمل يمثل الفريضة الغائبة بين شروط الثروة في مجتمع فقير، أوطانه زاخرة بالموارد، وفي شعوب مسيرتها متعثرة، وبين أيديها من أسباب التقدم ما لم يتوافر بعضه أو مثله لشعوب صناعية ناهضة مثل اليابان وهولندا وسويسرا.
ولا يخلو ذلك الالتزام من مثالية فكرية، قد تكون عند الواقعيين خروجاً عن الموضوعية العلمية، وخلطاً غير سليم بين حقول المعرفة اليقينية الصالحة لترشيد الممارسة، وحقول المعرفة الظنية الافتراضية، المعدودة هروباً من مرارة الواقع. إقرأ المزيد