سلطات وموجبات الوكيل وانتهاء وكالته في القانون المقارن
(0)    
المرتبة: 168,414
تاريخ النشر: 01/01/2004
الناشر: منشورات الحلبي الحقوقية
نبذة نيل وفرات:نحتاج للوكالة في كل خطوة من خطوات حياتنا القانونية اليومية، فمن منا لا يحتاج لمن يدير أعماله في وطنه إذ اضطر للسفر إلى الخارج لقضاء فترة طويلة كانت أم قصيرة، أو إذا أصيب بمرض أعاقه عن ممارسة أعماله بنفسه، ومن منا لا يحتاج لمحام وكيل يرافع ويدافع عنه في ...الدعاوى المقامة منه أو ضده، حتى أن الاستعانة بمحام أصبحت إلزامية في بعض درجات المحاكمة وفي حالات كثيرة نصت عليها القوانين المختلفة.
وفي عصرنا الحاضر ونتيجة للتطور الحاصل في كافة المجالات لا سيما على الصعيد الاقتصادي، وقد لا يكتفي الشخص الطبيعي أو المعنوي بوكيل واحد، فقد يكون لديه عدة وكلاء يعملون باسمه ولحسابه في أكثر من بلد، مما يساعده في إنجاز أعماله دون حاجة لانتقاله من بلد لآخر، فالوكالة توفر الجهد والوقت، فبدلاً من أن يتعاقد النائب مع الغير فيكتسب الحقوق والالتزامات الناشئة عن العقد، ثم ينقلها للأصيل بعملية قانونية جديدة، يتعاقد باسم الأصيل فيقوم العقد بين هذا الأخير والغير مباشرة، ويتحقق الأثر المقصود بعملية قانونية واحدة.
وقد ظهرت الحاجة للوكالة منذ القدم، وذلك نتيجة للحروب والفتوحات التي كانت تحصل من وقت لآخر، حيث يضطر بعض الأشخاص للتغيب، مما كان يستدعي اللجوء لمن يدافع عن مصالحهم وإدارة أموالهم طيلة فترة غيابهم.
والوكالة مشروعة في الفقه الإسلامي وقد نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وكل من يقبل عنه زواجه، ومن اشترى له شاه، وقد أسهبت مجلة الأحكام العدلية المستمدة من الشريعة الإسلامية، ومن فقه أبي حنيفة بشكل خاص، في شرح أحكام الوكالة.
وقد قسك قانون الموجبات والعقود إلى قسمين: القسم الأول تحدث في الموجبات على وجه عام، والقسم الثاني تحدث عن قواعد مختصة ببعض العقود، وتفرع القسم الأول إلى سبعة كتب، بينما تفرع القسم الثاني إلى اثني عشر كتاباً، تناول الكتاب الثامن منها عقد الوكالة، فيكون المشترع قد أفرد قسماً لبعض العقود وهي التي دعاها بالعقود المسماة، عندما ميز في المادة 167 بين عدة تقسيمات للعقود من جملتها تقسيمه لها إلى مسماة، وغير مسماة، ثم أوضحت المادة 175 بأن العقود تكون مسماة "أو غير مسماة" حسبما يكون القانون قد وضع أو لم يضع لها تسمية وشكلاً معينين.
وفائدة هذا التقسيم في التشريع الحديث هي أن قانون الموجبات والعقود قد وضع قواعد خاصة للعقود المسماة، كعقد البيع والإجارة والوكالة، لا تطبق على العقود غير المسماة إلا من قبيل القياس وبالنظر إلى التناسب بينها وبين العقود المسماة المعينة (م175).
ولم يتبع المشترع اللبناني في تقسيمه للعقود المسماة ما اتبعه المشترع المصري الذي قسمها حسب موضوعها إلى عقود ترد على الملكية، وعقود ترد على المنفعة، وعقود ترد على عمل الإنسان، ومن هذه العقود الأخيرة عقد الوكالة بينما اكتفى المشترع اللبناني بسردها فقط.
والوكالة لغة جمعها وكالات: اسم من التوكيل بمعنى التفويض والاعتماد، أي تفويض التصرف إلى الغير وقد عرفتها مجلة الأحكام العدلية بأنها، تفويض واحد أمره لآخر، وإقامته مقامه في ذلك الأمر، ويقال لذلك الواحد موكل، ولمن أقامه وكيل، ولذلك الأمر موكل به.
وأهم خصائص عقد الوكالة هي خاصة النيابة التي تعني قيام شخص يسمى النائب بإبرام تصرف قانوني باسم ولحساب شخص آخر يسمى الأصيل بحيث ينتج التصرف آثاره مباشرة في ذمة الأصيل، وقد تكون الوكالة بدون نيابة عندما يعمل الوكيل باسمه الشخصي كما هو الأمر بالنسبة للاسم المستعار.
أما في العلاقة بين الموكل والوكيل، فتسرد قواعد الوكالة حيث لكل منهما الرجوع على الآخر تنفيذاً لهذا العقد فينقل الوكيل آثار العقد الذي أجراه إلى الموكل بعقد آخر، كما يدفع الموكل للوكيل كل ما أسلفه من مال وما قام به من نفقات بغية إبرام العقد وتنفيذ الالتزامات الناشئة عنه.
وتكون الوكالة دون نيابة على الصعيد التجاري في حالة الوسيط التجاري ولكن الغالب أن تكون الوكالة نيابية، وخاصة النيابة هي التي تميز عقد الوكالة بوجه خاص عن عقد العمل وعقد المقاولة.
وبما أن موضوع عقد الوكالة واسع ومتشعب فقد حصر هذا البحث بعدة نواحي مهمة منه وهي سلطات وموجبات الوكيل وانتهاء وكالته. فلجهة سلطات الوكيل، جرى التمييز بين الوكالات تبعاً للسلطات التي تمنحها للوكيل، وإمكانية التوفيق بين مبدأ التفسير الحصري للوكالة والتوابع الضرورية لها.
أما لجهة موجبات الوكيل، فتناول البحث كيفية الالتزام بالتنفيذ، والعناية الواجبة به، وهل أن موجب الوكيل هو من نوع بذل عناية أم تحقيق، غاية؟ كما سيتناول مسؤولية الوكيل، والعوامل التي تؤثر في مدى هذه المسؤولية، وتعدد الوكلاء، ومتى يكون التضامن موجوداً بينهم، وهل يمكن الوكيل إنابة غيره في تنفيذ الوكالة، وموجب الوكيل بتأدية الحساب عن الوكالة، ومتى يمكن إعفاءه من هذا الموجب، بالإضافة لرد ما في يده للموكل، وهل يجوز له التعاقد مع نفسه؟
أما لجهة انتهاء الوكالة تناول البحث أسباب الانتهاء العائدة للقواعد العامة، وأسباب الانتهاء الخاصة بها، وهذه الأسباب هي أما أسباب قائمة على الاعتبار الشخصي (وفاة الموكل، وفاة الوكيل) وإما لكون عقد الوكالة غير لازم (العزل، والعدول) وبما أن مبدأ العزل يتعلق بالنظام العام إلا أن لهذا المبدأ استثناء يتمثل بالوكالة غير القابلة للعزل التي تستوجب شروطاً فما هي هذه الشروط؟ كما أن هناك تقييداً لهذا المبدأ يتمثل بالوكالة ذات المصلحة المشتركة التي يؤخذ بها في المجال التجاري فما هي الشروط اللازمة للقول بوجود هذه الوكالة؟ وفيما خص العدول عن الوكالة فهل يمكن تقييد هذا الحق، وهل يجوز الاتفاق على عدم العدول، وفيما يتعلق بمرور الزمن هل أن الوكالة تخضع له أم لا؟ سيجيب على هذه الأسئلة التي طرحت وعلى غيرها من خلال هذه الدراسة التي تم تقسيمها إلى قسمين: القسم الأول تناول سلطات الوكيل وموجباته، والقسم الثاني انتهاء وكالته.
أما القسم الأول: فيتألف من فصلين الأول لسلطات الوكيل، والثاني لموجباته، كما ينقسم الفصل الأول إلى فرعين، الأول يتناول أنواع الوكالات، والثاني تفسيرها، أما الفصل الثاني: فيتوزع إلى أربعة فروع الأول يتناول تنفيذ الوكالة، والثاني تأدية الحساب عنها، والثالث رد كل ما للموكل في يد الوكيل، والرابع عدم جواز تعاقد الوكيل مع نفسه.
أما القسم الثاني: فيتألف أيضاً من فصلين، يعالج الأول انتهاء الوكالة لأسباب تعود إلى القواعد العامة، ويعالج الثاني انتهاء الوكالة لأسباب خاصة بها.
ويتوزع الفصل الأول إلى ستة فروع: الفرع الأول انتهاء الوكالة بإتمام العمل الذي أعطيت لأجله، والثاني انتهاؤها بحلول الأجل المعين لها، والثالث لاستحالة تنفيذها، والرابع بحدوث تغيير في حالة الموكل أو الوكيل، والخامس بتحقيق شرط الإلغاء، والسادس لإخلال أحد المتعاقدين بالتزامه. أما الفصل الثاني فيتوزع إلى فرعين: الأول أسباب الانتهاء القائمة على الاعتبار الشخصي، والثاني أسباب الانتهاء العائدة لكون الوكالة عقداً غير لازم. إقرأ المزيد