الوسيط في القانون الدستوري اللبناني
(0)    
المرتبة: 95,584
تاريخ النشر: 01/04/2008
الناشر: خاص-زهير شكر
نبذة نيل وفرات:يشكل النظام السياسي والدستوري اللبناني نموذجاً خاصاً للأنظمة الليبرالية التي نسخت عن النظم الدستوري الغربية في بيئة اقتصادية واجتماعية وثقافية غير ملائمة. وإذا كانت غالبية الأنظمة "الليبرالية" العربية قد سقطت منذ مدة وحلت مكانها أنظمة مواجهة أو كلية، فإن صمود النظام الدستوري اللبناني لغاية العام 1975 لم يكن نتيجة ...مناعته وملاءمته بل نتيجة التناقضات الطافية داخل المجتمع اللبناني مما حال دون تبلور وعي اجتماعي وطني حول مسألة النظام السياسي,
يعتمد هذا المؤلف في دراسة النظام السياسي اللبناني على المنهج الاجتماعي، الذي يربط النظام السياسي بمختلف عناصر النظام الاجتماعي العام، وذلك بهدف استكشاف خصائصه المميزة وآليته.
وإذا كانت المناهج الاجتماعية ضرورية لفهم النظم الدستورية الغربية، وهي نظم كلاسيكية تتميز بتطبيقها للمبادئ والديموقراطية"، وبوجود دساتير وضعية توزع السلطة السياسية بين مختلف المؤسسات الدستورية، فإنها تفرض نفسها في دراسة النظم السياسية والدستورية في دول العالم الثالث، ومنها لبنان، حيث اعتمدت هذه الدول، كأساس لنظمها، نماذج الدساتير الغربية دون تكييفها مع واقعها الاجتماعي مما أوجد عدة مرتكزات بعضها متناقضة مع النظام السياسي.
فالمنهج الاجتماعي ضروري لفهم نظام سياسي كالنظام اللبناني باعتباره نظاماً فريداً متميزاً ومركباً لارتكازه على مجموعة من العوامل والأسس المتناقضة (الديموقراطية الطائفية، الإقطاع السياسي، الليبرالية الاقتصادية) على أساس من التوازن الهش فيما بين هذه العوامل، مما جعله معرضاً باستمرار للأزمات السياسية الباردة حيناً والحادة والدموية حيناً آخر.
والعلاقة وثيقة في لبنان بين مؤسسات النظام وبين نشأة الكيان اللبناني وتطوره. ولذلك فإنه يصبح من الصعوبة بمكان فهم النظام الدستوري اللبناني وأزمته المستمرة منذ عام 1975 دون ربط ذلك بالمسالة التاريخية (نشأة الكيان اللبناني) وبالمسألة الاجتماعية السياسية (تركيبة المجتمع اللبناني وتطور موقف الطوائف من الكيان).
إن خصوصية النظام السياسي اللبناني ناتجة عن الترابط بين الكيان وبين الصيغة الطائفية. وبالتالي فإن أزمة الانتماء الوطني والانتماء القومي هي من أهم أسباب أزمة النظام. ذلك أن الموارنة رأوا في إنشاء الدولة اللبنانية تتويجاً لجهودهم منذ منتصف القرن التاسع عشر في الحصول على كيانهم الخاص. فقد شكلت الدولة الجديدة، بالنسبة لهم، تطويراً للمتصرفية التي أعطت جبل لبنان طابعاً مسيحياً، ورفض المسلمين رداً على ذلك الكيان الجديد مطالبين الوحدة مع سوريا. وإذا كان الميثاق الوطني قد أوجد صيغة وطنية-طائفية مقبولة ارتكزت على أساس التسوية، إلا أنه لم يوجد أرضية مشتركة لبناء مجتمع مدني موحد الانتماء.
لقد حال كل ذلك دون تبلور انتماء وطني سليم وبالتالي دون بناء دولة حديثة على أساس من مبادئ المساواة والعدالة ومفهوم المواطنة. انطلاقاً من ذلك نفهم تمسك الموارنة بنظام الحكم القائم والذي يرتكز على أساسين: دستور 1926 وميثاق 1943. وإذا كان الدستور يعطي رئيس الجمهورية صلاحيات هامة، فإن هيمنة هذا الأخير على مقدرات الحكم هي نتيجة للطائفية السياسية التي حالت دون تطبيق كامل نصوص الدستور بصورة صحيحة. فالنظام الطائفي الذي طبق منذ الاستقلال لغاية إقرار التعديلات الدستورية لعام 1990 على الأقل كرس هيمنة رئيس الجمهورية على مقدرات الدولة من خلال هيمنة المارونية السياسية داخل مؤسسات الدولة الدستورية والإدارية والعسكرية والأمنية والقضائية والمالية.
تشكل هذه الدراسة محاولة تتميز بالشمولية في فهم النظام السياسي والدستوري اللبناني وتعتمد على المنهج الاجتماعي. إقرأ المزيد