تاريخ النشر: 01/01/1996
الناشر: دار الغرب الإسلامي
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:علم أصول الفقه علم يحتوي على مقوّمات الأصالة والعمق والتميز، وتمثل مباحثه الفلسفة الإسلامية الخالصة التي أبدعها العقل المسلم. ففي مباحث الأصول نجد القواعد المنهجية المضبوطة، والتحاليل المنطقية الدقيقة، التي تنبئ عن قدرة عقلية جبارة على التنظيم والتقسيم، والتحليل والتركيب، وإلى هذا فإن علم الأصول يحمل الخصائص المعيارية التي ...تجعله بالنسبة لعلوم الشريعة بمثابة المنطق بالنسبة لعلوم الفلسفة، فهو تقنين عام يراعي أصول الاستدلال بنوعيه الاستنباطي والاستقرائي، وهذا يدل دلالة واضحة لا لبس فيها على أن علماء الإسلام اهتدوا إلى المنهج الاستقرائي قبل أن يهتدي إليه الغرب بمئات السنين. إن هذا الإبداع الحضاري إنما هو في الحقيقة انبثاق أصيل من نصوص الوحي، المتمثلة في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريعة. وإحياء كتب الأصول هو إحياء لمنهج البحث الإسلامي الذي يكوّن المنظومة العقلية للمنهج الفكري الإسلامي المتميز، الذي ينبغي أن يكون بديلاً للمنطق والمنهج الغربي ذي الأصول الوثنية.
هذا ما حفز الباحث على متتبع الفكر الأصولي في كثير من مصادره الأصلية، فحصاً واستقراء للكشف عن تلك الجهود، في محاولة لتقديرها بما لها وما عليها. ومن حيث لا يحتسب وجد الباحث نفسه مع أبي الحسن ابن القصار المالكي، الفقيه البغدادي، في قراءة جديدة لعلم الأصول بعامة ولأصول فقه المالكية بوجه خاص، وذلك في مقدمته التي هي بين يدي القارئ وهي "المقدمة في الأصول" التي تعتبر أقدم نص أصولي واصل بعد رسالة الإمام الشافعي. وهي تحمل آثار زمنها من تداخل بعض مباحث الأصول، ولا ضير في هذا، ولكن الأمر الذي تميزت به أنها حُرّرت بطريقة لا تختلف في نسقها وبنائها عمّا بدأه الإمام مالك في موطئه، وما قعّده ورتبه الإمام الشافعي في الرسالة، فهي من الكتب الأصولية التي نهضت بإحياء طريقة الفقهاء الذين ارتضوا منهج أهل الحديث ونسجوا على منواله. وقد توفّر الباحث على خدمة هذه المقدمة بتمحيص ألفاظها وعباراتها، ممعناً البحث في مبانيها ومعانيها، محلياً حواشيها، مصححاً مسوداتها وتجاربها.
هذا ويعتبر صاحب هذه المقدمة القاضي أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن القصار البغدادي، من أعلام المحققين، ومن جهابذة أهل النظر المدققين، فمنزلته في المذهب المالكي منزلة عظيمة، إذ أشاد بذكره الفقهاء، وذاع صيته في مختلف محافل الدرس والتعليم بمشرق العالم الإسلامي ومغربه، وكان كتابه العظيم "عيون الأدلة في مسائل الخلاف بين علماء الأمصار" ولا يزال من الكتب الذائعة الصيت في بابه، ويعتبر عند المالكية من المآثر التي يبقى ذكرها في الأعقاب. إقرأ المزيد