مسألة الحدود في الشرق الأوسط
(0)    
المرتبة: 63,307
تاريخ النشر: 01/11/2005
الناشر: عويدات للنشر والطباعة
توفر الكتاب: يتوفر في غضون 48 ساعة
حمّل iKitab (أجهزة لوحية وهواتف ذكية)


نبذة نيل وفرات:في دراسة عن الحدود، يمكن ألا يطرح السؤال التالي الساذج والأساسي في آن معاً: لماذا أقام البشر هذه الحدود؟ هذه الفكرة التي تعني اقتطاع أجزاء من الأرض للإقامة فيها تحت سيادة هشة في بعض الأحيان، كانت إحدى أكثر الأفكار المفجعة التي استخدمتها البشرية في الواقع، لأنها أوجدت، منذ اليوم ...المشؤوم الذي رسمت فيه الحدود الأولى، أشكالاً عديدة ومتنوعة من التوتر وتحولت في الغالب إلى حروب لا نهاية لها، دفاعاً عن تلك الحدود واقتحاماً لها ونقلها واجتيازها وتغييرها وإنكارها أو الاستيلاء عليها. ولكي تكون الحدود ثابتة ودائمة، لا بد أن تكون مقبولة من الأطراف الموجودة لأنها تعتبرها عادلة، ولا حاجة لتصدر معطيات استراتيجية، اقتصادية وسكانية أو حتى ثقافية، إذا لم يتوفر في النهاية، قبول ملائم للاعتراف المتبادل بشرعية تقاسم السيادة.
وفي النهاية يرتبط بهذا الشأن رسم الحدود، في مفهومها الحديث، منفصلة عن هذا الشكل من السلطة المحددة تاريخياً بالدولة. ولهذا فإن الخطوط الفاصلة التي تعرفها اليوم هي حديثة في مجملها، لأنها في معظمها تعود في تاريخها إلى القرن العشرين؛ وهي لاحقة للكثير من الاضطرابات الجيوسياسية المرتبطة بنهاية إمبراطورية، كما جرى بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وبالموجات الكبيرة لإزالة الاستعمار لسنوات الخسمينات والستينات، أو كذلك، في زمن أكثر حداثة، بانهيار الكتلة الشيوعية في أوروبا. وفي كل مرة، كان لا بد من رسم حدود تقيم دولاً جديدة تتحدد بدقة، لتأخذ صيغة ويبر الكلاسيكية، كهيئات سياسية تمارس، على أرض معينة، احتكارها للعنف الشرعي.
يأتي هذا الكتاب ضمن هذا الإطار مستهدفاً طموحاً بتقديم بنية تاريخية لهذه الجغرافيا السياسية، من خلال متابعة الخطوط العريضة للمسارات التي أدت إلى رسم حدود الدول التي توجد اليوم في الشرق الأوسط من الحدود السورية إلى البحر الأحمر، ولا شك فإن هذا التاريخ معروف جيداً، لكنه من المثير للاهتمام الجمع في بيئة واحدة لجميع التحولات التي أدت إلى هذه التجزئة بقدر ما لهذا العدد من التوترات الحالية، بشكل أو بآخر من صلة قوية مع هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ المنطقة. ودون العودة إلى هذه المسائل من تجزئة الأراضي التي جددت اتساع الدولة وصورتها الجغرافية، وبالتالي هوية جيرانها، وبنية سكانها، وطاقات مواردها الاقتصادية وقدراتها على الوصول إلى البحر.
من المؤكد أن هذه العودة إلى بدايات النشوء لا تفسر كل شيء لان الكثير من العوامل الأخرى، كانت ولا تزال فاعلة، لكنها تسمح بالإمساك بهذه اللحظة الحاسمة والأساسية، حيث جمع السكان، الذين لم يكونوا يعرفون بعضهم البعض، ويجهلون كل شيء عن الدولة، هذا الشكل للسلطة المستورد من الغرب، خلال أسابيع أو أشهر، للعيش معاً في هذه الإطار السياسي الجديد، بينما آخرون، على عكس ذلك، محكوماً عليهم بعدم الحصول على مثل تلك الدولة. وكما سيرى القارئ خلال صفحات هذا الكتاب، فإن المعايير الأساسية الفاعلة، قد كانت في مسارات الفصل بين الحدود، وبالتالي إقامة الدول، قليلة جداً في الواقع.
وهذه لمحة عن المحاور التي تطرق إليها البحث في هذه الدراسة: المحور الأول: منطق الاستعمار والطموحات الوطنية، المحور الثاني: عوامل الضعف والتناقض في النظام الإقليمي الجديد، المحور الثالث: شبه الجزيرة العربية تصبح سعودية، المحور الرابع: القضايا الإقليمية في النزاع العربي-الإسرائيلي، والفلسطيني-الإسرائيلي. إقرأ المزيد