تاريخ النشر: 01/08/2005
الناشر: دار الفكر العربي للطباعة والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:إن مصطلح المنظمة الدولية من المصطلحات الحديثة في النظام الدولي. فلم يعهد التاريخ الإنساني والتاريخ الإسلامي هذا المصطلح بالمفهوم المتداول في الوقت الحاضر. فالإسلام يقوم على أساس التوحيد في العبادة والتوحيد في الولاية على المسلمين. وتتطلب المنظمة الدولية وجود دول متعددة يحصل بينها اتفاق على إنشاء مؤسسة دولية تتولى ...تنسيق العلاقات الدولية. فالتاريخ الإسلامي قام على وجود دولة إسلامية واحدة قوية لا تسمح بقيام دول إسلامية أخرى تنافسها. وإذا ما ظهرت مثل هذه الدولة فإن العلاقات بينهما غالباً ما تكون مشوبة بالصراع والحروب وعدم اعتراف كل منهما بالأخرى.
فوحدة الدولة الإسلامية هي الأساس في قيادة المسلمين في العالم. وهذا لا يعني عدم معرفة مفهوم منظمات دولية بين الدولة الإسلامية والدول الأخرى. فمثل هذه المنظمات معروفة في وقتي السلم والحرب. فالعلاقات بين الدول الإسلامية والدول غير الإسلامية مسألة ضرورية. غير أن المشكلة تكون أوسع في قيام منظمة دولية بين عدد من الدول الإسلامية. فعندما دب الضعف في الدولة الإسلامية ظهرت دول إسلامية أخرى إلى جانب الدولة الإسلامية الراعية للمسلمين، فرضت الظروف والتحديات الخارجية عليها أن توحد مواقفها وتنشئ فيما بينها نظاماً دولياً إسلامياً يتولى التنسيق بينها لمواجهة التحديات الخارجية التي تواجه المسلمين بصورة عامة.
وإذا كانت وحدة الدولة الإسلامية هي الأساس في قيادة المسلمين فإن المنظمة الدولية ليست محرمة من الناحية الفقهية بل هي شيء أفضل من لا شيء. فالمنظمة الإسلامية تتولى التقريب والتنسيق في مواقف المسلمين إزاء الصراعات والتحديات الخارجية. وهذا ما وضح بصورة خاصة في أواخر الدولة العباسية عندما قامت دول إسلامية إلى جانبها.
وبسقوط الدولة العثمانية انتهى وجود الدولة الإسلامية الموحدة، وأصبح هذا العالم أقاليم خاضعة للاحتلال الأجنبي البريطاني. وبعد انتهاء هذا الاحتلال تحول العالم الإسلامي إلى دول متعددة متصارعة في أحيان عدة. ومن هذا الواقع ظهرت دعوات عديدة من المفكرين الإسلاميين نحو إقامة منظمة إسلامية تجمع الدول الإسلامية في تنظيم دولي خاص ليس لمواجهة التحديات الأجنبية التي تواجه المسلمين فحسب، بل للتنسيق والتقارب بين العالم الإسلامي الممزق وتوثيق أواصر التعاون لخدمة الإسلام والدفاع عن المسلمين.
وكان حرق المسجد الأقصى من قبل الكيان الصهيوني في عام 1969 حافزاً وباعثاً لبعض قادة الدول الإسلامية في أن ينهضوا ويعملوا على إنشاء منظمة دولية إسلامية لحماية المسلمين ومقدساتهم. وأسفرت هذه الجهود عن قيام منظمة المؤتمر الإسلامي في مؤتمر جدة المنعقد في 29 شباط - 4 آذار من عام 1972.
وفي إطار التعريف بهذه المنظمة يأتي البحث الذي بين أيدينا، غير أنه قد ارتأى بداية وقبل الدخول في إشكالية بحثه أن يستعرض تاريخ الدولة الإسلامية منذ ظهور الإسلام حتى سقوط الدولة العثمانية، من ثم عرج على دراسة الدعوات التي نادت بقيام تنظيم دولي إسلامي يوحد المسلمين في مواجهة النظام الدولي المعاصر، وإذا ما فرغ من هذه النقطة اهتم بدراسة تاريخ منظمة المؤتمر الإسلامي وأسباب قيامها.
ولا بد من الإشارة إلى أن تاريخ منظمة المؤتمر الإسلامي لم يبدأ من يوم إنشائها وانتهت به. فتاريخ المنظمة بدأ من هذا اليوم واستمر متواصلاً. فبعد انعقاد ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي في عام 1969 حصلت تطورات دولية عديدة في النظام الدولي مما أدلى إلى تطور هذه المنظمة بشكل يتناسب والتطورات السياسية والاقتصادية والعسكرية والتكتلات التي يشهدها المجتمع الدولي. وهذا ما أثر في القواعد التي تبنتها المنظمة فكان لا بد من مسايرة التطورات التي حصلت على النظام الذي اتبعته المنظمة ودراسة اللجان والمراكز والمنظمات التي ألحقت بها يوماً بعد آخر، وهذا يتطلب دراسة التطورات التي صاحبت حياة المنظمة وعملها المستمر.
وبناء على ذلك فإن هذه الدراسة شملت على بابين. تناول الأول: دراسة تطور التنظيم الدولي بصورة عامة والتنظيم الدولي الإسلامي في التاريخ الإسلامية ووزع على ثلاثة فصول تناول الأول: التنظيم الدولي في التاريخ الإسلامي. وفي الثاني: دعوة المفكرين الإسلاميين إلى إنشاء منظمة إسلامية للدول الإسلامية. أما الفصل الثالث: فتناول تاريخ إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي. وفي الباب الثاني تناول لأهداف منظمة المؤتمر الإسلامي ومبادئها وهيئاتها. إقرأ المزيد