تاريخ النشر: 01/08/2005
الناشر: دار القارئ
نبذة نيل وفرات:إن العظماء في التاريخ قد سادوا شعوبهم من خلال سيرة رسموها طامعين في عرف هذه الدنيا الزائلة، فنالوا ما كان يصبون إليه وقد أفل نجمهم بعد حين، واندثرت معالمهم فأصبحوا أثراً بعد عين.
ومما برز على صفحات التاريخ عظماء ربانيون آخرون ليس همّهم إلا إصلاح المجتمع وهداية الناس، وإنقاذ البشر ...وإخراجهم من الظلمة إلى النور، ومن الضلال إلى الهدى، هذه الطبقة هم الأنبياء والمرسلون وأوصياؤهم، وقد منّ الله سبحانه وتعالى على الخلق أن بعث فيهم رسولاً من أنفسهم، وقد ساد هؤلاء الأنبياء شعوبهم لا لمصلحة كانوا يبتغونها لأنفسهم، بل كان عملهم خالصاً لوجه الله تعالى ونظرتهم إلى الناس نظرة شمولية، وهدفهم ربّانياً؛ وقد توسّمت فيهم الروح الخيّرة والرأفة والرحمة لبني آدم كافّةً، مما يعني التوجه إلى الناس بمبادئ خالدة هي جزء من السنن وقد أمضتها الشريعة الغرّاء فأصبحت سيرة حسنة يُقْتد بها لما فيها من منافع وصلاح يعجز العقل عن وصفها، ويكلّ الإنسان في الثناء عليها.
من هذا المنطلق، يأتي هذا الكتاب الذي يذكر حملة من سيرة بطل الإسلام وقائد الفرسان وعظيم من عظماء الأرض والسماء؛ ألا وهو الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام، أخو الرسول صلى الله عليه وسلم وزوج البتول، والد السبطين؛ الحسن والحسين عليهما السلام، والتي استهلها المؤلف بمقدمةٍ لمسيرة الإمام علي العطرة ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم عليّاً قبل رحيله، لما في هذه الوصية من نفع للمسلمين وتذكرةً لهم بما ينبغي الإلتزام به والدفاع عنه وأداء ما بذمتهم من وصايا قد تحمّلوها من صاحب الرسالة الأعظم نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم.
ومما جاء في هذه الوصية قال الشريف الرضيّ: حدثني هارون... حدثني عيسى الضرير عن أبي الحسن عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دفع الوصية إلى علي عليه السلام: يا عليّ أعدّ لهذا جواباً غداً بين يدي ذي العرش فإني محاجك يوم القيامة بكتاب الله حلاله وحرامه ومتشابهه ما أنزل الله وعلى تبليغه من أمرتك بتبليغه وعلى فرائض الله كما أُنزلت وعلى أحكامه كلّها؛ من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتحاض عليه وإحيائه مع إقامة حدود الله كلّها، وطاعته في الأمور بأسرها، وإقام الصلاة لأوقاتها، وإيتاء الزكاة أهلها، والحج إلى بيت الله، والجهاد في سبيله، فما أنت صانع يا عليّ؟ قال: فقلت بأبي أنت وأمي إني أرجو بكرامة الله تعالى ومنزلتك عنده ونعمته عليك أن يعينني ربي عزّ وجلّ، ويثبتني فلا ألقاك بين يدي الله مقصّراً ولا متوانياً ولا مفرّطاً ولا أصفر وجهك، وقاه وجهي ووجوه آبائي وأمهاتي؛ بل تجدني بأبي أنت وأمي مشهراً لوصيتك إن شاء الله تعالى، وعلى طريقك ما دمت حيّاً حتى أقدم عليك ثم الأول فالأول من ولدي غير مقصرين ولا مفرطين، ثم أُغميَ عليه صلى الله عليه وسلم فانكببت على صدره ووجهه وأنا أقول: واوحشتاه بأبي أنت وأمي ووحشة ابنتك وابنيك واطولَ غمّاه بعدك يا حبيبي انقطعت أخبار السماء وفقدت بعدك جبرائيل فلا أحسّ به، ثم أفاق صلى الله عليه وسلم...
ويتابع المؤلف ما رافق من أحداث تفصيلية رافقت وصية النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليأتي على ما جاء في آخر هذه الوصية فيما ذكر من خطبته صلى الله عليه وسلم قبل وفاته: "... فكان فيما ذكر من خطبته يا معشر المهاجرين والأنصار... ليبلّغ شاهدكم غائبكم ألا أنّي قد خلّفت فيكم كتاب الله فيه النور والهدى والبيان لما فرض الله تعالى من شيء... وخلّفت فيكم العلم الأكبر علم الدين ونور الهدى، وهو عليّ بن أبي طالب وهو جعل الله... من أحبه وتولاه اليوم وبعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله، ومن عاداه وأبغضه اليوم وبعد اليوم جاء يوم القيامة أصمّ وأعمى لا حجّة له عند الله... أيها الناس الله الله في أهل بيتي فإنهم أركان الدين ومصابيح الظلام ومعاون العلم، علي أخي ووزيري وأميني والقائم من بعدي بأمر الله والموفي بذمّتي ومحبي سنتي وهو الناس إيماناً بي وآخرهم عهداً عند الموت وأولهم لقاءً إلى يوم القيامة فليبلّغ شاهدكم غائبكم، أيها الناس من كانت له تبعة منها أنا ذا ومن كانت له عِدَّة أو دين فليأت علي بن أبي طالب فإنه ضامن له كله حتى لا يبقى لأحد قبلي تبعة...
على ضوء ما تقدم... كم من منزلة عليه ورائعة كانت للإمام علي كرم الله وجهه لدى الرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن تلك منزلته فكيف كانت سيرته؟!...
من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يتولى سرد سيرة أمير المؤمنين علي عليه السلام، وقد جاءت عناوين فصولها على النحو التالي: 1-لمحة تاريخية عن حياة أمير المؤمنين عليه السلام، 2-أمير المؤمنين علي عليه السلام والقضاء، 3-فيما نزلت في أمير المؤمنين من الآيات، 4-عليّ عليه السلام والآيات المحكمات وردّ المتشابه من القرآن الكريم إلى المحكم في آياته، 5-شجاعة أمير المؤمنين وجهاده، 6-من أقوال أمير المؤمنين وفضائله الساطعة، 7-من خصائص أمير المؤمنين علي عليه السلام برواية الزمخشري. إقرأ المزيد