السكان والتنمية - العدد 13
(0)    
المرتبة: 421,850
تاريخ النشر: 01/01/1994
الناشر: المركز العربي للمعلومات
نبذة نيل وفرات:تحول مؤتمر السكان والتنمية الذي عقد في القاهرة (أيلول الماضي) إلى سوق عكاظ -كان عنوانه الضمني الدنيا والدين، فيما كان موضوعه الأساسي الإجهاض وغيره من قضايا السكان المثيرة للجدل.
أما وثيقة المؤتمر التي كانت موضع الجدل والنقاش والرفض فقد جرى مناقشتها في ثلاثة اجتماعات تحضيرية عقدت خلال السنتين الأخيرتين وهي ...تتبنى بصورة أساسية مبادئ أقرها المؤتمران العالميان السابقان للسكان في بوخارست (1974) ومكسيكو ستين (1984). كما تتبنى بصورة أساسية إضافة إلى ذلك مقررات مؤتمر قمة البيئة والتنمية في ريو دي جانيرو (1992)، و"استراتيجية التنمية الدولية لعقد الأمم المتحدة الرابع للتنمية" و"الاتفاق الدولي لإلغاء جميع أشكال التمييز العنصري".
وقد كان من الصعب على الأمم المتحدة أن تختار للمؤتمر العالمي للسكان والتنمية موقعاً أكثر ملاءمة من القاهرة المكتظة حتى التخمة، فهذه المدينة موطن لأربعة عشر مليوناً من الناس وتقدم الدليل الناصع على عواقب النزوع البشري القوي لفلتان إنجاب الأطفال بلا قيد أو ما يبشر ببرنامج متطور لتحديد النسل يحفظ شؤون الدين وحقوق الدنيا.
على أن الموضوع الأهم الذي ضاع وسط ضجيج الكلام حول الجنس والإجهاض في مؤتمر القاهرة هو قصور الدول الفقيرة في تحقيق معدلات مقبولة في التنمية ودور الدول الغنية في تراجع التنمية في هذه الدول، والحوار المفقود بينهما في عهد "الفوضى الدولية" القائمة كما كان في عهد "الحرب الباردة" بالأمس.
ولئن كان الكثير من الاعتراض على الوثيقة الأساسية لمؤتمر السكان والتنمية ينطلق من اختلافات عميقة وضئيلة في ثقافات المجتمعات المعنية بهذه المسألة واتصالها بمستقبل البشرية، فإن مؤتمرات كهذه ضرورية جداً لوضع هذه الاختلافات ضمن نصاب حواري يحقق أمرين معاً، فمن جهة يتيح توضيح الاختلافات الثقافية العميقة والمشروعة، ومن جهة ثانية يعالج المسألة في بعدها العالمي وباعتبارها فعلاً مشكلة عالمية رئيسية من طرحها القس الإنكليزي الشهير مالتوس إلى اليوم.
أما الموضوع مطروح للنقاش على الدول النامية والفقيرة، قبل غيرها، وهروب بعضها إلى مقاطعة مثل هذه المؤتمرات بات يتعدى الموقف المبدئي ليشكل إمعاناً في تفاقم واقع الحال وهروباً من مواجهة التحديات التي يفرضها مثل هذا النقاش على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يضع علامات استفهام كثيرة هو المواقف "المبدئية" ذاتها.
فلا يعقل أن نشكو طوال الوقت من التآمر الغربي ومن تجاهل سياسات النظام العالمي الجديد لخصائص مجتمعات الدول النامية، ثم حينما تتاح لنا فرصة الاشتراك في النقاش والتأثير في صنع الرأي العام العالمي, نقاطع ونهدد ونهرب من مجرد انعقاد المؤتمر في بلد "من بلادنا الإسلامية-العربية النامية)، وكأن كل ما لدينا من حجج ومن تقاليد ومن مشاعر لا يمكن أن تؤثر في غيرها.
ولأن النقاش حول هذا الموضوع بالذات (السكان والتنمية) يجب أن يتوسع بشجاعة الرأي والموقف كان هذا الملف من "معلومات" حول مؤتمر القاهرة وبعض ما أثاره من مناقشات. وهو يضم كافة المداخلات والدراسات التي قدمت في مؤتمر القاهرة، والذي دام تسعة أيام، وحضر جلساته وفود تمثل 180 دولة، وأنهى أعماله بتبني وثيقة من 13 صفحة تتضمن خطة عمل للعقدين المقبلين لانعقاد المؤتمر للحد من الزيادة السكانية بإجماع الوفود المشاركة، فيما رفض الفاتيكان ثمانية فصول من أصل ستة عشر فصلاً، وتحفظت دول إسلامية عدة بينها غيران على العديد من الفصول أيضاً لمخالفتها الشريعة الإسلامية.
وكان المؤتمر بأيامه التسعة فرصة لمراجعة مشكلة سكان الأرض ليس من منظار إحصائي بل من خلفيات اقتصادية واجتماعية تتبدى بأوضح أشكالها حالياً في ظل انتهاء الحرب الباردة التي طغت حساباتها على أعمال ونتائج المؤتمرين السابقين (في بوخارست عام 1974 وفي نيومكسيكو عام 1984. إقرأ المزيد