تاريخ النشر: 01/05/2005
الناشر: دار الفكر العربي للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:إن المشكلة التي يعاني منها مصطلح الإرهاب هو أنه أصبح تهمة تلصق بالآخرين., فكل طرف يتم الآخر بأنه إرهابي وقد يمارس هو أعمالاً إرهابية أشد قسوة وضراوة من خصمه. يضاف إلى ذلك فإن الإرعاب عمل داخلي وليس عملاً دولياً. غير أن انتماء المنفذين لأعمال العنف إلى جنسيات أجنبية. أو ...أنهم يقيمون في دولة وينفذون من أعمالهم في دولة أخرى. أو أن بعض الأعمال قد تتجاوز حدود دولة واحدة، كما هو الحال في خطف الطائرات. مما دفع الدول إلى عقد العديد من المعاهدات الدولية. بذلك ظهر نوع آخر من الإرهاب أطلق عليه اسم "الإرهاب الدولي".
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي تبلور مفهوم جديد لأعمال العنف المسلح باتجاه تحريم جميع أنواعها بما فيه الكفاح المسلح لتحقيق حق تقرير المصير ومعاقبة القائمين به. وملاحقتهم في الدول الأخرى بحجة إنها ترعى الإرهاب.
وهذا الخلط في المفاهيم بين من يمتلك القوة ويرهب الآخرين ومن انتهكت حقوقه ويناضل من أجل استردادها. وبين استخدام العنف من قبل السلطة واستخدامه من قبل الأفراد. وبين العنف الموجه من دولة ضد دولة أخرى والعنف الموجه من الأفراد ضد أفراد آخرين. أوقع الكثير من الباحثين في الخلط بين الإرهاب حق الكفاح المسلح من أجل تحقيق المصير والتمرد والعصيان والعدوان والحالات الأخرى التي تتضمن استخدام القوة المسلحة.
وانطلاقاً من ذلك فقد ظهر في الوقت الحاضر مفهومان متناقضان لمصطلح الإرهاب طرحاً على صعيد مؤتمرات الأمم المتحدة لتحديد مفهوم الإرهاب. الأول: يضفي مصطلح الإرهاب على كل عمل من أعمال العنف يصدر من الأفراد مهما كان الغرض منه. ويعد هذا العمل جريمة. وتتزعم هذا الاتجاه الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية والكيان الصهيوني. والثاني: يميز بين العنف المشروع والعنف غير المشروع. فالعنف المشروع يهدف إلى تحقيق التحرر من الاستعمار أو الاحتلال الأجنبي، وهو ما يطلق عليه اسم حق الكفاح المسلح في نطاق حق تقرير المصير وحق المدنيين بمقاومة سلطات الاحتلال الأجنبي. أما العنف غير المشروع فهو الذي يهدف إلى تحقيق عمل غير مشروع لا يقره القانون. كاغتصاب أرض الغير وطرد السكان الأصليين. وهذا العنف أطلق عليه بالإرهاب. وتنادى بهذا الاتجاه الدول التي عانت من الاحتلال الأجنبي.
وهذا الخلاف حول تحديد مفهوم الإرهاب الدولي في مؤتمرات الأمم المتحدة تعزز بتطبيق عملي للاتجاه الأول الذي يعد كل عمل مهما كانت دوافعه إرهاباً دولياً. فقد عمدت الولايات المتحدة إلى شن حملة عسكرية واسعة ضد ما أسمته إرهاباً دولياً. شمل منظمات ودولاً إسلامية في السابع من تشرين الأول –أكتوبر- من عام 2001 على أثر ضرب برجي التجارة العالمية في نيويورك ومركز البنتاغون في واشنطن في الحادي عشر من أيلول/سبتمبر من العام المذكور. وبحجة ذلك قامت باحتلال دولة أفغانستان وتدميرها.
وبالنظر لاختلاط مفهوم الإرهاب مع مفاهيم قانونية وسياسية أخرى كالعدوان والحرب والجرائم المنظمة فقد اختلط هذا المفهوم لدى العديد من الباحثين وصعب عليهم التمييز بين هذه المصطلحات وخلطوا بينها.
وعلى الرغم من أن الإرهاب يعد أضعف أنواع الكفاح المسلح، فعلى الصعيد الداخلي فالإرهاب أقل تأثيراً من الثورة والتمرد والعصيان والانتفاضة. أما على الصعيد الدولي فهو أقل من الحرب والعدوان وأعمال الثأر والاحتلال العسكري وقطع العلاقات الدبلوماسية، إلا أن الدول أولته اهتماماً كبيراً لأنه أصبح يهدد الدول الكبرى ويصيب مصالحها.
في هذا الإطار يأتي الكتاب الذي بين يدينا والذي يتناول الإرهاب عبر التاريخ محدداً مفهوم الإرهاب الدولي وتمييزه عن أعمال العنف المسلح الأخرى، ثم يحدد إرهاب الدولة ضد مواطنيها وإرهاب الأفراد ضد دولتهم والإرهاب الدولي، ثم يحدد حالات العنف المسلح المشروعة كحق تقرير المصير وحق المدنيين في مقاومة الاحتلال وهو ما تتضمنه فصول الكتاب المتتالية وصفحاته. إقرأ المزيد