الأصولية الإسلامية العربية المعاصرة بين النص الثابت والواقع المتغير
(0)    
المرتبة: 31,366
تاريخ النشر: 01/04/2005
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية
توفر الكتاب: يتوفر في غضون أسبوع
حمّل iKitab (أجهزة لوحية وهواتف ذكية)


نبذة نيل وفرات:موضوع هذه الأطروحة هو دراسة تحليلة نقدية للفكر الأصولي الإسلامي العربي المعاصر في مسألتي الأمة والدولة والمجتمع والعدالة الاجتماعية. والنقد المقصود هو تتبع الطروحات الفكرية الأصولية لبيان ما لها وما عليها. ولما كان الفكر الأصولي اتسع وزها في العقدين المنصرمين، وتشعبت فرقه وحركاته السياسية والتنظيمية، رأى الباحث أن يحصر ...البحث، ما أمكن، تجنباً للغوص في مسائل لا طائل تحتها، وحرصاً على تحديد نقطة بدء تسمح بالتأسيس لنظرة أقرب إلى المنهجية الهادفة منها إلى الضرب على غير هدى. إذاً، البحث لا يدرس الظاهرة الأصولية في نشأتها التاريخية وتطورها إلى ما بلغته اليوم. ففي عمل مثل هذا وقوع في المحذور.
إذاً، موضوع البحث ينصب أساساً على المفكرين المسلمين العرب المعاصرين المؤسسين للحركات الأصولية الراهنة. أمثال حسن البنا (1906-1949م) وسيد قطب (1906-1966م) ذلك لأن تلك الحركات، فكرياً وتنظيمياً، استندت إلى المبادئ النظرية الأولى التي وضعها مفكرو الأصولية في مرحلة التأسيس، فأصبحت أصلاً، بحد ذاتها، ومعيناً ينتهل منه الأصوليون اللاحقون.
بهذا المعنى، ليس غرض الدراسة الحكم على الإسلام سلباً أو إيجاباً، ولا الحكم للأصولية أو عليها. ولا هي دراسة "تأريخية" تبحث عن نشأة الحركات الأصولية ميدانياً، وتغوص في كشف سرية عملها وتنظيمها. الدراسة ترمي إلى اكتشاف كنه العقل الأصولي الذي يبتني على تصورات مقررة على نحو نهائي تصورات لأوضاع قائمة تمتاز باللانهائية، إذ هي تتجدد وتتغير وفقاً لعوامل ونواميس تخضع لها المجتمعات نشأة وتطوراً.
ولا تتمتع الدراسة بالمطلقية، بل تتصل بالريث والحيث، كأنما فهم العقل غير ممكن خارج المكان والزمان.
إن الباعث الأول على اختيار هذه الدراسة رغبة معرفية في تتبع هذه الإشكاليات: كيف حاول العقل الأصولي أن ينتج نظريات من القرآن، الذي هو ليس كتاب نظريات، وكيف استطاع الفكر الأصولي ابتناء على أقوال النبي مقاربة إيديولوجيات سياسية واجتماعية معاصرة؟
وتنبع أهمية دراسة الأصولية العربية المعاصرة، لا من كونها فقط امتداداً تاريخياً وطبيعياً للسلفية الإسلامية، بل بالنظر إلى أنها تشكل ظاهرة في واقع الحياة العامة على مستوى المسلمين أولاً، ولأنها، ثانياً: تقدم نفسها كطرف يمثل مشروعية العمل بموازاة التيارات الفكرية والسياسية السائدة.
ونظراً إلى الموقع الفكري والسياسي والنضالي الذي تحتله الحركات الأصولية في وقتنا الحاضر، فهي محط أنظار الدارسين والمستشرقين وساسة الدول والمعاهد ومراكز الدراسات الإستراتيجية، ولأنها مرشحة للاستمرار في المستقبل بموازاة التغيرات الدولية الجارية، نرى أنها تستحق دراسة جديدة، لا تأخذ بالمنهج الاستشراقي، بل تحاول أن تقوم رؤية مغايرة حول ظاهرة الأصولية في مجال الفكر قبل أي شيء آخر.
أما اختيار الأعلام الثلاثة البنا وقطب والصدر بذاتهم فالغرض منه ليس إضافة دراسة أخرى حول حياتهم ومؤلفاتهم وآثارهم ونضالهم السياسي، فما كتب حولهم كثير. لكن البحث يربط ما بين ما تفرق من شتيت آرائهم في بناء نظري-فكري متسق هو ما يطمح إليه لملء نقص في هذا الميدان.
ولأن الأصولية تقدم مشروعها السياسي والفكري في إطار تحقيق التقدم الذي لا يعني مجاراة الأمم بما بلغته من أنماط في تنظيم المجتمع ووسائل إدارته، وما نجم من سلوكيات وأخلاق، بل ترى التقدم في بعث الإسلام في المجتمعات العربية، لذا حصرت الدراسة في تحليل عناصر الاجتماع بالمفهوم الأصولي، وعرض أفكار العدالة، وتحليل مفهوم الدولة، وعرض نظرية الحكم الإسلامي التي تدعو الأصولية إليها، لدرس الإشكاليات من زاوية النقد الإيجابي، وبالتالي استكشاف الأساليب التي يلجأ إليها الأصوليون المسلمون العرب على الصعيد الفكري لتجاوز المأزق الكبير المترتب على البعد بين النصوص الثابتة وقوانين العلم الجديدة والمتغيرة.
ولبلوغ الغاية المرتجاة، كان لا بد من اختيار منهج واضح للبحث. فعلى الرغم من أن الأصولية ظاهرة تاريخية إلا أنه تم إثار عرض نشأتها بوصفها مصدراً من مصادر الأصولية العربية المعاصرة، وتم حصر البحث في العقود الخمسة (1930-1980) من القرن العشرين بأعلام مشهورين ومؤثرين في الحركات الإسلامية عموماً. وتم استبعاد منطق إسقاط الأحكام الجاهزة، فقرر الاعماد إلى الأفكار والآراء التي تخص الأعلام المدروسين في الأطروحة. حرصاً على الدقة والموضوعية.
ولأن الموضوعية تقضي بتقديم "الوقائع الفكرية" كما هي تمهيداً للبحث في الصعوبات، لذا انصب الاهتمام على إظهار هذه الوقائع. إقرأ المزيد