'إيباك': الأجندة الأمريكية لمصلحة الكيان الصهيوني
(0)    
المرتبة: 151,555
تاريخ النشر: 01/01/2003
الناشر: مركز باحث للدراسات
نبذة نيل وفرات:يبدو أن خير مثال يضرب على أن الكيان الصهيوني، حاضره، مستقبله، استقراره، تقدمه، أهدافه، مخططاته، قضية أمريكية داخلية، وإن ظهرت في الشكل على أنها غير ذلك، هو عمل ما يطلق عليه اسم "اللجنة الإسرائيلية-الأمريكية للشؤون العامة" أو ما يعرّفها البعض بمجموعة الضغط الأقوى من كل ما يماثلها من مجموعات ...يهودية تنتشر في الولايات المتحدة المتحدة الأمريكية. وتبرز قوة هذه اللجنة ليس من اعتمادها على قوة أصوات وتبرعات اليهود، كما يحاول أن يروج البعض؛ بل من طبيعة القضايا التي تدافع عنها، وبالتالي قرب تلك القضايا من مؤسسات صناعة السياسة الأمريكية، علاوة على طبيعة البيئة السياسية والإعلامية التي تعمل فيها هذه اللجنة.
في هذا الصدد ترى الباحثة كارول سيلفرمان في دراسة لها صدرت من جامعة فرجينيا الأمريكية عام 1996 بعنوان "الصورة في مقابل الحقيقة... جماعات المصالح العرقية في علمية السياسة الخارجي... دراسة حالة إيباك" ترى أن "إيباك" أكثر قدرة على التأثير على أعضاء الكونغرس بحكم كونهم أكثر تأثيراً بالضغط الجماهيري والإعلامي الداخلي، ولذا تفضل الإيباك أن تمارس ضغوطها على الكونغرس كما تحب أن تعطي قضايا السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط أبعاداً داخلية، ورغم ذلك فإن إيباك ليست تلك الأسطورة التي ترغم الولايات المتحدة على تغيير سياستها.." والجدير ذكره أن إيباك تضم بين صفوفها أكثر من 55 ألف عضو، وتبلغ ميزانيتها أكثر من 4.2 مليون دولار وتقوم على تنظيم سياسي متجذر تمارس السياسة باعتبارها منظمة أمريكية وليست قوة ضغط أجنبية، وتضم إيباك شبكة من الأعضاء الناشطين والنابغين ومن بين صفوف إيباك هناك 115 مؤلفاً متفرغاً من أجل إعداد البحوث والدراسات المناسبة. وينجح نشطاء إيباك في اكتشاف المرشحين السياسيين المحتملين قبل وصولهم إلى واشنطن بفترة طويلة، ومنهم من لا يعرف مكان "إسرائيل" على الخارطة، ولا يفقهون شيئاً عن الصراع في الشرق الأوسط إلا أنهم يدركون حاجتهم للكثير من المال حتى يتم انتخابهم.
ولا يتوقف نشاط إيباك فقط عند إيصال المرشحين إلى الكونغرس أو الإدارة؛ بل يقوم طاقمها بالمشاركة في كل جلسة من جلسات الكونغرس التي تتعلق بالكيان الصهيوني، ويقوم باحثوها بتحليل وثائق بخمس لغات تنتشر في زاوية من العالم وتدور حول علاقات واشنطن و"إسرائيل" والتشريعات ضد الإرهاب، والعلاقات الاستراتيجية بين الطرفين وفي المقابل فإن بعض أعضاء الكونغرس الذين تدفعهم إيباك إلى الأمام ينتسبون بعد تقاعدهم إلى قطاع العاملين في مجال نشاطات اللوبي وذلك من أجل مواصلة الطريق الذي وصفته إيباك فيه. لا شك أن أجندة العمل التي تختارها إيباك ووسائل تأثيرها تؤهلها لتحقيق الفوز في ما تخطط له وفي مقدمته إيصال شخصيات أمريكية إلى مواقع صنع السياسة والقرار، ومن الأمثلة على ذلك: 1-دور إيباك في إيصال شخصيات مثل مارتين أنديك وديمس روس وجوزيف ليبرمان ونيوت عينفريتش وكثيرين إلى مواقع القرار في الولايات المتحدة، وهم يعتبرن من خريجيها. 2-إيصال آرثر غولد برغر إلى مجلس الأمن وهو الذي مثل الولايات المتحدة بعد حرب حزيران عام 1967 عندما صدر القرار 242. فهو إضافة إلى تمثيله الولايات المتحدة؛ هو من القادة الأساسيين للحركة الصهيونية العالمية وترأس مؤتمرات صهيونية عدة. 3-لعب اللوبي الصهيوني دوراً أساسياً في تعيين ألكسندر هيغ وزيراً للخارجية الأمريكية في بداية عهد الرئيس ريغان، وهو الذي دعم وغطى الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982. 4-نتيجة لضغط إيباك تمّ استبعاد وليم سكرانتون الذي كان مرشحاً لمنصب وزير خارجية في عهد الرئيس نيكسون. وقد تمّ استبعاده إثر تصريحه بعد جولة في الشرق الأوسط فور انتخاب نيكسون: إن السياسة الأمريكية يجب أن تكون أكثر توازناً بين العرب وإسرائيل. ومن المؤكد أن دور إيباك المشار إليه سابقاً لا يعني أبداً أن المؤسسة السياسية التشريعية الأمريكية أصبحت بفعل هذا الدور وكأنها سفينة مخطوفة من قبل رجال إيباك؛ بل إن الدور الذي لعبته تلك الشخصيات كان ناجعاً ليس فقط بفعل مؤهلاتهم إنما أيضاً بسبب القضايا المطروحة لديهم وقناعاتهم بخصوصها مع المؤسسة السياسية الأمريكية وذلك باعتبار "إسرائيل" قضية أمريكية داخلية.
ويبرز هذا التماهي بشكل جلي باندماج أهداف إيباك مع أهداف الإدارة الأمريكية في هذه المرحلة بالتحديد، أي في إطار إدارة جورج بوش الابن وهيمنة ما سمي بالمحافظين على هذه الإدارة حيث أثبتت الوقائع وخاصة في مؤتمر إيباك لعام 2003 أن دور إيباك قد تنامى بفعل هيمنة المحافظين الجدد على صناعة القرار أمريكي، ولم يأفل هذا الدور أو يتقلص كما توقع العديد من المفكرين والسياسيين العرب. إن هذا المؤتمر الذي عقد في آذار من عام 2003 جاء في ظل العدوان الأمريكي-البريطاني على العراق الشقيق تحت مبررات واهية وشعارات مضللة وبالتالي أجواء التحضيرات الأمريكية لترتيب منطقة الشرق الأوسط وفق المصالح الأمريكية الصهيونية بما يعنيه ذلك في الوعي الأمريكي المحافظ من إسقاط أنظمة وهز العصا أمام أنظمة أخرى وفرض ما سمي بالإصلاحات على أنظمة كانت إلى وقت قريب صديقة للولايات المتحدة وتبديل رموز برموز أخرى وإجراء انقلاب في محمل البنية الاستراتيجية في المنطقة بما في ذلك المتعلق بالفكر والثقافة والوعي.
ومن الواضح أن ضيوف هذا المؤتمر وفي مقدمتهم وزير الخارجية "الإسرائيلي" سيلفان شالوم وزير الخارجية الأمريكي كولن باول ومستشارة الإدارة الأمريكية للأمن القومي كوندليسارايس وزعماء الديموقراطيين الجمهوريين على حد سواء قد التقوا على أهداف واحدة حيث لا تتميز كلماتها بعضها عن بعض سوى بالصياغات والكلمات المنتقاة للتعبير عن هذه الأهداف. وبإمكان القارئ تلمس ذلك من خلال اطلاعه على تلك الكلمات التي ألقيت في هذا المؤتمر السياسي للجنة الأمريكية-الإسرائيلية" للعلاقات العامة "إيباك" والتي تمّ جمعها في هذا الكتاب وذلك ليكون القارئ على وعي تام بتلك الاستراتيجيات السياسية التي تتحكم بالولايات المتحدة، والتي توجه سياستها بصورة دائمة إلى ما يحقق المصالح الصهيونية. إقرأ المزيد