تاريخ النشر: 01/01/2009
الناشر: دار عمار للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:هذا كتاب مضى على تأليفه حوالي ألف سنة إلا خمسين عاماً تقريباً، ومع ذلك لم يفقد قيمته العلمية، وذلك لأنه يتحدث عن أصوات العربية الفصحى ويبين خصائصها النطقية وأحكامها التركيبية، والعربية الفصحى منذ أن نزل القرآن الكريم حافظت على أصواتها من التغير والتبدل إلى حد كبير، فالكتاب إذن يعالج ...أصوات اللغة التي تكتب بها وتدرس بها ونستعملها في كثير من مظاهر حياتنا الجادة، كما أننا نقرأ القرآن الكريم بها. والكتب ذات القيمة العلمية التي تعالج موضوع الكتاب لا تزال قليلة في العربية، والكتاب من هذه الناحية يسد بعض الفراغ الحاصل بسبب ذلك.
وبالعودة للمنهج الذي سار عليه "عبد الوهاب القرطبي" في تأليفه لهذا الكتاب نجده قد تجلى بتقديم دراسة تجريدية أولاً تعتني ببيان مخارج الأصوات وصفاتها، ثم دراستها وهي مؤتلفة في التركيب المنطوق يجعل مادة الكتاب مفيدة إلى حد كبير، ومناسبة لتعليم النطق الصحيح. أما ميزة هذا الكتاب فتبرز ليس فقط في منهجه فقط، وإنما نجد للمؤلف نظرات عميقة في فهم الظواهر الصوتية، فكلامه عن ظواهر المد والتشديد، والتليين والإظهار والإخفاء والقلب في الباب الثاني جاء واضحاً وعميقاً ومبيناً بالأمثلة.
وختم المؤلف الباب الثاني بالحديث عن الشوائب الصوتية التي تدخل على الحروف بالتجاور في التركيب ونبه إلى ما يتمتع منها وإلى ما يجوز، وهي من الموضوعات التي أولاها المؤلف عناية لا يشاركه فيها مؤلف آخر، وعقد من دقائق علم الأصوات اللغوية.
وجعل الباب الثالث في الكلام على الحركات والسكون، وهذا شيء يكاد ينفرد به كتاب (الموضح) بين كتب علم التجويد القديمة، والقرطبي حين يتحدث عن الحركات كان يستند إلى فهم دقيق لهذه الأصوات، وإدراك صحيح للعلاقة بينها، وهو ما عبر عنه بهذه الفقرة التي صدر بها الباب، والتي تصلح أن تكون قانوناً في نطق هذه الأصوات: "فنقول الذي ينبغي أن يعتمده القارئ من ذلك أن يحفظ مقادير الحركات والسكنات، فلا يشبع الفتحة بحيث تصير ألفاً، ولا الضمة بحيث تخرج واواً، ولا الكسرة بحيث تتحول ياءً، فيكون واضعاً للحرف موضع الحركة، ولا يوهنها ويختلسها ويبالغ فيضعف الصوت عن تأديتها ويتلاشى النطق بها ويتحول سكوناً.
أما في المقدمة فتحدث عن اللحن في اللغة والاصطلاح وعن اللحن الخفي والجلي، والأسباب التي أدت إلى ظهور اللحن الخفي، شيء تميز به كتاب الموضح، فالبحث عن أسباب الإنحرافات الصوتية المتمثلة بظاهرة اللحن الخفي لم يلتفت إليها الباحثون قبل عبد الوهاب القرطبي، ولم يدخلوها في كتبهم.
وكذلك الفصل الذي ختم به المؤلف الكتاب في ذكر كيفية القراءة وبيان ما يستقبح منها وما يستحسن ويختار منها ويستهجن، يعد خاتمة متميزة لكتبا يدرس أصوات اللغة ويعالج ظواهر النطق. والوقوف على الانحرافات اللهجية والعيوب النطقية أمر متمم لمعرفة مخارج الأصوات وصفاتها وأحكامها الناشئة لها من التركيب.
وبالجملة إن كتاب الموضح يقف في مقدمة الكتب التي عنيت بدراسة أصوات اللغة العربية، من الناحية التاريخية أولاً، فالعربية تفخر بهذا الكتاب وأمثاله التي كتبت قبل ألف سنة، وهي على هذه الدرجة من النضج في دراسة علم الأصوات، ومن الناحية الموضوعية ثانياً لأن الكتاب يقدم دراسة شاملة لقضايا علم الأصوات اللغوية، لا يقلل من قيمتها الملاحظات القليلة التي يمكن أن يوردها علماء الأصوات المحدثون حولها. إقرأ المزيد