صورة المرأة في الأدب الأندلسي في عصر الطوائف والمرابطين
(0)    
المرتبة: 209,360
تاريخ النشر: 01/01/2003
الناشر: عالم الكتب الحديث
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:يتميز المجتمع الأندلسي عن غيره بأنه مجتمع يكاد يكون كله شعراء. وكان الحس الشعري سمة مشتركة بين أفراده، وقد استطاعت المرأة الأندلسية، في عصر الطوائف والمرابطين، أن تظفر بحظ كبيرة من النشاط العلمي والأدبي. ولم تعد قرطبة وحدها قبلة الأنظار، يؤمها الشعراء والأدباء من شتى الأنحاء، بل تكاثرت المراكز ...الأدبية، كما تكاثر المادحون ومحبو الأدب، وأصبح التنافس شديداً بين الممالك والبلدان، لما يتميز به ملوك الطوائف من شاعرية وحس نقدي.
وكان للمرأة الأندلسية نصيب وافر في مضمار الشعر، جعلها تبز أقرانها من نساء المشرق وتتفوق في بعض الأحيان على الرجال. وقد كان عددهم من الوفرة بحيث شكل ملمحاً بارزاً من ملامح الشعر الأندلسي، وكان فنهن يدفع الدارس إلى الوقوف متأملاً مستبيناً ما فيه من أسباب الجدة ومظاهر الإمتاع والإبداع.
وتأتي أهمية هذه الدراسة في إبراز صورة المرأة في الأدب الأندلسي، في عصر الطوائف والمرابطين، ذلك أن هذا الموضوع لم يدرس دراسة وافية مستقلة في الفترة التي تغطيها الدراسة.
وقد احتكمت منهجية هذا الدراسة إلى استقراء الأدب الأندلسي (فترة الدراسة) وتبين موضوعاته وأساليبه الفنية, من ثم الوقوف عند النصوص ودراستها. ولم يتقيد البحث بمنهج محدد في تحليل النصوص ودراستها، وإنما أفاد من مختلف المناهج الحديثة حسب ما اقتضته الدراسة.
وهكذا خلص هذا البحث إلى نتائج توزعت بين الفصول نذكر منها:أولاً: أظهر البحث ملامح المجتمع الأندلسي، الذي غدا ظاهرة غريبة في تعداد أجناسه، وأديانه. فتكون المجتمع من أمشاج من العناصر البشرية منها: الفاتحون من عرب وبربر، ومنها أهل البلاد الذين أسلم بعضهم، وظل بعضهم الآخر على عقائدهم القديمة. ومنها المولدون الذين كانوا ثمرة المصاهرات بين الفاتحين والسكان الأصليين. وقد عاشت هذه العناصر في تسامح ووئام يحكمها عدل الإسلام وسعة صدور المسلمين.
ثانياً: كشفت هذه الدراسة، أن هذه المرحلة "عصر الطوائف والمرابطين" لم تكن مرحلة ظلام، أو فقراً أدبياً. ثالثاً: بين البحث الوضع المتميز للمرأة الأندلسية، والمكانة الرفيعة التي تبوأتها في المجتمع، فقد أسهمت في مختلف شؤون الحياة، وبرز منهن حافظات للقرآن الكريم، وراويات للحديث الشريف، وشاعرات وأديبات استطعن أن يفرضن وجودهن في المجتمع، وأن يشاركن في المجالس الأدبية. وأن ينشئن لهن صالونات أدبية.
رابعاً: كما كشف البحث عن مدى الجب والاحترام اللذين يكنهما الرجل للمرأة الأندلسية، أماً وأختاً، وابنة، وزوجة، ومحبوبة. وقد صورها الرجل إنسانةً لا يستطيع أن يحيا من غيرها، فكانت محور حديثه وإلهامه.
خامساً: أظهر البحث جرأة المرأة في الإفصاح عن نفسها وعن رغباتها، ومشاعرها تجاه الرجل بصراحة لا مثيل لها، وذلك راجع إلى طبيعة المجتمع الأندلسي من جهة، وإلى أثر البيئة في تكوين الشخصية وتوجيهها، وإلى الحرية التي ظفرت بها المرأة الأندلسية، بسبب التسامح الديني الذي أباح لها الاختلاط، وأجاز لها أن تشارك الرجل في سائر ميادين الحياة.
سادساً: كشف البحث أن إسهاماً المرأة الأندلسية في مجال الأدب في الفترة التي تناولها البحث كان كبيراً، رغم أن قسماً كبيراً من شعرهن فقد لأسباب تطرق إليها البحث في مكانها، وتقع مسؤولية ضياع الشعر النسوي على أولئك المتعصبين من الرواة الذين يرون الشاعرية خاصة بالرجال، وعلامة من علامات الفحولة، وينبغي أن يقتصر عليهم، وما كانوا يستشهدون من الشعر النسوي إلا بالمثير الذي لا يتعدى البيت والبيتين وثلاثة الأبيات.
سابعاً: كشف البحث عن الشعر الذي تناوله، وبين أنه توزع في اتجاهين اثنين أحدهما: تقليدي، والآخر محدث، وكان لكل منهما بواعثه، ودواعيه فالاتجاه التقليدي كانت ترفده النماذج التراثية التي تدفقت على الأندلس من المشرق من طلاب اللغة والنحو، وعلوم الشرع إلى جانب الروافد المحلية. أما الاتجاه المحدث فكان يعضده الجو الحضاري الصاخب الذي عرفته الأندلس، وتطور أذواق الناس، والطبيعة الساحرة التي خلبت النفوس بجمالها، بالإضافة إلى اثر الحركة الشعرية المجددة في المشرق. إلا أن أياً من الاتجاهين لم يعرف شعراء منقطعين انقطاعاً مطلقاً، إنما كان وكد الشعراء المراوحة بين الاتجاهين. إقرأ المزيد