المدخرات ؛ أحكامها وطرق تكوينها واستثمارها في الفقه الإسلامي
(0)    
المرتبة: 78,099
تاريخ النشر: 01/01/2001
الناشر: دار النفائس للنشر والتوزيع
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:الادخار هو عبارة عن اقتطاع جزء من الدخل (المال) الذي يتحصل عليه الأفراد والجماعات بسبب إسهامهم أو مشاركتهم بعنصر من عناصر الإنتاج (الموارد الطبيعية، ورأس المال العيني المتداول أو الثابت أو النقدي، والعمل والتنظيم) فإن ذلك الجزء المقتطع يعتبر من المنظور الإسلامي مالاً من مال الله الذي يمن به ...على من يشاء من عباده نتيجة أخذهم بوسائل تحصيله وحيازته المشروعة.
ولئن اعتبر الإسلام الادخار عبادة من العبادات التي أوجبها الله على الأفراد والجماعات بيد أن إبراز أهمية هذه العبادة وضرورتها وسبل تحقيقها وتطبيقها في أرض الواقع يفتقر إلى التأصيل العلمي المتزن الرزين، فضلاً عن أنه في كثير من الأحيان يجد المرء لدى بعض الباحثين في العصر الحديث خلطاً والتباساً بين مفهوم الادخار ومفهوم الاكتناز سواء على مستوى حقيقتها أو على مستوى حكمهما من المنظور الإسلامي الأمر الذي يدفع البعض إلى اعتبارهما وجهين لعملة واحدة، والحال أنهما عملتان مختلفان تمام الاختلاف.
ولهذا فالحاجة تمس اليوم إلى تفصيل القول في المسالة الادخارية مفهوماً وحكماً وعلاقة ومكانة، كما أن الحاجة تدعو إلى تناول جميع المباحث المتعلقة بها تناولاً علمياً منهجياً محكماً بحيث تغدو معرفة قضايا الادخار مفهوماً وحكماً وأنواعاً شأناً ميسوراً.
أجل إن حيازة الفرد والجماعة المدخرات التي يتحصل عليها عبر عوائد الإنتاج وتكاليفه، لا تعني بالضرورة قيامهم وامتثالهم للتوجيه الإلهي الذي ينبغي أن يتلو الحيازة والذي يتمثل في الأمر بالقيام بواجب تنمية هذه المدخرات، لذلك فإن الحاجة تلح وتملي على الباحثين تسليط الضوء على المسالة الاستثمارية مفهوماً وحكماً، وعلاقة الاستثمار بالادخار بوصفهما وجهين لعملة واحدة من المنظور الإسلامي، وباعتبارهما عمليتين متداخلتين ومترابطتين ولا يمكن الفصل بينهما شرعاً.
إن تفصيل القول في سبل الحيازة المدخرات وطرق اكتسابها ينبغي أن يسبق الحديث عن سبل استثمارها وتنميتها وتوفيرها، وذلك أن الاستثمار عملية تلي الحيازة والتمكن، وبما أن ثمة سبلاً متعددة لحياة المدخرات، فإن الحاجة تمس إلى تفصيل القول في الطرق التي يتم عبرها تكوين المدخرات من إنتاج بعناصره وعوائده، وإنفاق بنوعيه وضوابطه، وذلك بوصفهما المصدرين اللذين يتوقف على تكاتفمها وتكاملهما تكون المدخرات.
واعتباراً إلى وجود طرق قديمة للاستثمار وأخرى حديثة، وانطلاقاً من وجود نزاع بين الباحثين المسلمين حول الطرق المحبذة لاستثمار المدخرات في المنظور الإسلامي، وهم بين مائلين إلى القول بضرورة التزام بالطرق الاستثمارية القديمة (من عنان ومفاوضة ومضاربة ومرابحة وغيرها)، ومائلين إلى القول بضرورة تجاوز تلك الطرق الاستثمارية التاريخية الظرفية، واعتماد طرق استثمارية حديثة (من شركات مساهمة وتضامن وشراء أوراق مالية من سندات، وغيرها، لهذا فإنه لا بد من تحرير القول في هذا الشأن وإلقاء الضوء على مدى ثبات وصلاحية تلك الشروط الاجتهادية التي نسجت ذات يوم حول الطرق الاستثمارية القديمة، بل لا بد من تقديم تصور محكم منضبط حول هذه المسالة الشائكة علماً بأن جملة من المؤسسات المالية الإسلامية المعاصرة لا تزال حائرة ومترددة بين الطرق التي ينبغي لها اعتمادها عند استثمار مدخراتها، فهي إن انتهجت الطرق الاستثمارية القديمة، فإنها ستواجه-بلا شك- مصاعب ومشاكل عسيرة، وذلك نتيجة تغير طبيعة المعاملات المالية، ونتيجة تغير الظروف والأحوال والعوائد والواقعات، كما أ،ها إن اعتمدت الطرق الاستثمارية الحديثة، فإنها لن تسلم من ألسنة القيل والقال، وستظل نظرات العامة من الناس إليها متوجسة ومتخوفة.
ولهذا فإن هذا الكتاب سيحاول قدر الاستطاعة تفصيل القول حول مدى ثبات تلك الآراء الاجتهادية الفقهية، ومدى إمكانية تجاوزها واستبدالها باجتهادات فقهية عصرية واقعية تخاطب الواقع المعيش، وتسعى إلى توجيهه وفق المنهج الإلهي السامي متخذة من المقاصد الشرعية العلية أساسً للترجيح والاختيار والانطلاق.
في البداية تم تفصيل القول في علاقة مصطلح الادخار بالاكتناز من جهة، وبالاحتكار من جهة أخرى، ثم تم تأصيل القول في حكم الادخار من المنظور الإسلامي، بعد ذلك تم تسليط الضوء على مصطلح الإنتاج مفهوماً وأهدافاً وعناصر وعوائد سعياً إلى إبراز الدور الموكول بالإنتاج من المنظور الإسلامي في تكوين المدخرات.
من ثم تم تفصيل القول في مصطلح الإنتاج وتبيان الأهداف والمقاصد السامية من مشروعية الإنتاج من المنظور الإسلامي، كما وتم إبرازها للإنتاج من دور في تكوين المدخرات في المنظور الإسلامي، وذلك بإلقاء الضوء على الدور الذي يناط بالإنفاق بشقيه الاستهلاكي، والإنتاجي في تكوين المدخرات، كما وتم الاعتناء بسرد جملة من نصوص الكتاب والسنة التي صرحت بتحريم الإسراف والتبذير والتقتير، وأوعد فاعلوه بسوء العاقبة وبالعذاب الشديد يوم القيامة.
إلى جانب هذا تم تخصيص جزء من الدراسة المتضمنة في هذا الكتاب لدراسة أساليب استثمارية المدخرات من المنظور الإسلامي، وتم الاعتناء بتقسيم تلك الأساليب والطرق الاستثمارية إلى قسمين: أولهما: طرق استثمارية فقهية قديمة، وتشمل استثمار المدخرات عن طريق التجارة، وعن طريق شركات العنان والمفاوضة وعن طريق المضاربة والمرابحة. إقرأ المزيد