تاريخ النشر: 01/01/1997
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:إن من أقدم كتب الأدب وأكثرها تداولاً وانتشاراً على اختلاف النزعات واللغات كتاب "كليلة ودمنة". وقد كتب في هذا الباب غير واحد من العلماء المستشرقين أشهرهم البارون سلفستر دي ساسي الفرنسي وبنفيه وثيودور نولدكه الألمانيان وكيث فالكونر الإنكليزي وأغناطيوس غويدي الإيطالي ووليم رايت الإنكليزي وهنري زوتنبرغ الفرنسي وشاركهم الأب ...لويس شيخو المارديني في ترجمته المعروفة. ومن الآراء والأبحاث المجموعة عن هؤلاء جميعهم حول أصل هذا الكتاب تم استخلاص ما يلي: تأليف هذا الكتاب باللغة السنسكريتية هو كتاب في إصلاح الأخلاق وتهذيب النفوس، وضعه الفيلسوف الهندي بيدبا منذ نيف وعشرين قرناً لملك من ملوك الهند اسمه دبشليم، ذكروا أنه تولى الهند بعد فتح الإسكندر وطغى وبغى فأراد بيدبا إصلاحه وتدريبه فألف هذا الكتاب، وجعل النصح فيه على ألسنة البهائم والطيور على عادة الهنود البراهمة في عصورهم القديمة، فإنهم كانوا يرون الحكمة على ألسنة الحيوانات لاعتقادهم بتناسخ الأرواح.
والمظنون أن معظم ما يتناقله الناس من أمثال هذه الأقاصيص أصله من الهند. وقد صنف في هذا الموضوع وعلى هذه الكيفية غير واحد من الحكماء. ويقال أن بيدبا كان أول فاتح لهذا الباب، وكل من صنف بعده في نوادر الحكايات مقتبس من ضيائه. وترجع مواضيع النصح في هذا الكتاب إلى ما يحتاج إليه الناس في معاملاتهم كوجوب الابتعاد عن سماع الساعي والنمّام، وسوء خاتمة الأشرار، ومنافع الأصحاب، وعدم جواز الأمن من كيد العدوّ، ومضار الإهمال والغفلة، وآفة التعجيل وفائدة الحزم، وعدم الاعتماد على أرباب الحقد ونحو ذلك مما يهذب النفوس ويرقى بالعواطف، وضمنه حكايات بعضها من بعض ترجع إلى 12 باباً هي: الأسد والثور، الحمامة المطوقة، البوم والغربان، القرد والغيلم، الناسك وابن عرس، الجرذ والسنور، الملك والطائر فنزه، الأسد وابن آوى والناسك، اللبؤة والأسوار والشعهر، إيلاذَ وبلاذَ وإيراخت، السائح والصائغ، ابن الملك وأصحابه. هذه أبواب كتاب كليلة ودمنة عند منشأه في اللغة السنسكريتية، ثم أخذ الناس في نقله والزيادة فيه، فنقل إلى اللغة التيبية والفارسية، ومن هذه إلى العربية وإلى معظم لغات العالم المتمدن، حتى الفارسية والهندية فإنهم نقلوه إليها من اللغة العربية وقد نهض أهل النقد والبحث من العلماء المستشرقين في هذا العصر للتنقيب عن النسخة السنسكريتية الأصلية فلم يعثروا عليها، ولكنهم وقفوا على أبواب متفرقة في كتب الهند القديمة ولا سيما "المهابهاراتا" و"البانشاتانترا" و"الهيتوباديسا"، فوجدوا الأبواب الخمسة الأولى من باب الأسد والثور إلى باب الناسك وابن عرس في كتاب "البانشاتانترا" ومعناه: الكتب الخمسة؛ والثلاثة التالية وجدوها في كتاب "المهابهاراتا"، ووقفوا على فصلين آخرين في "الهيتوباديسا"، ولذلك يظن بنفيه، صاحب البحث في هذا الشأن، أن هذه الأبواب لمّا ترجمها برزويه إلى الفارسية القديمة، لم تكن مجموعة في كتاب واحد، وإذا كان مؤلفها واحداً، كما زعموا، فإنها تشتت بعد ذلك ودخلت من خلال كتب أخرى. فلما نقلها برزويه جعلها كتاباً واحداً عرف بها بالاسم.
وأما بالنسبة للترجمات التي حظي بها هذا الكتاب، فإن الترجمة العربية تعدُّ من أهم ترجماته، لأنها حفظته وكانت واسطة نقله إلى سائر اللغات الحية. نقله إلى العربية عبد الله بن المقفع كاتب أبي جعفر المنصور العباسي. وكان ابن المقفع عريقاً في الفارسية عالماً بآدابها، متمكناً من أساليبها لأنها لغته ولغة آبائه. وكان يعرف اللغتين الفهلوية واليونانية، وقد نشأ بالبصرة في النصف الأول من القرن الثاني للهجرة، وهي حافلة بالأدباء والشعراء فبرع في اللغة العربية وآدابها، وكان سليم الذوق ذا قريحة إنشائية. فلمّا أقدم على نقل كتاب كليلة ودمنة من الفهلوية إلى العربية، جاءت عباراته شاملة للبلاغة والسهولة، وقد تحدّاها من جاء بعده؛ لأنه أقدم من حفظ إنشاؤه في المواضيع الأدبية باللغة العربية. إقرأ المزيد