استهداف العراق، العقوبات والغارات في السياسة الأمريكية
(0)    
المرتبة: 123,275
تاريخ النشر: 01/12/2004
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية
نبذة نيل وفرات:يشكل العراق في الدعايات الأمريكية والبريطانية مشكلة في الشرق الأوسط، حيث يتماهى العراق بصورة عامة مع الرئيس العراقي، الزعيم الذي أضيفت عليه صفات شيطانية وبصورة منتظمة استبعد من كل المفاوضات. (لا مشكلة أن واشنطن ووكالة المخابرات المركزية ورجال الأعمال الأميركيين وجدوا مناسباً لهم أن يكونوا أصدقاء للرئيس العراقي ...لفترة امتدت لأكثر من عقد).
هذا هو رئيس الدول العربية الذي لا بد من إبقائه (في الحصار) و(داخل القفص) أو "داخل القمقم" أو، حسب تفكير أمريكي، بريطاني لاحق، لا بد من الإحاطة به لإزالة كل تهديد مزعوم يشكله على جيرانه والغرب والعالم. لقد حكم استراتيجيو واشنطن بأنه لضرب "الملك الشيطاني" ولإنجاز جداول أعمال سرية واسعة فإن أي عمل ضد العراق مسموح به. ولقد عانى العراق لأطول من عقد من غارات الصاروخ كروز والقصف الذي لا ينتهي بالقنابل، والهجمات الإيرانية في الجنوب، والغزوات التركية في الشمال والتخريب الإرهابي والمحاولات الانقلابية ضد الرئيس العراقي والدعايات السوداء التي لا تعرف ندماً، ونظام عقوبات مستمرة، وهي ما اعترف أكثر مسؤوليي الأمم المتحدة اتزاناً بأنها اكتسبت أبعاداً للإبادة الجماعية.
وجاءت أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 لترفع مستوى التركيز على العراق، حتى حينما كانت الحرب على أفغانستان بقيادة الولايات المتحدة تخطط وتنفذ. لقد عجزت الولايات المتحدة، على الرغم من المجهود غير العادي، في العثور على أي روابط مقنعة بين صدام حسين وأسامة بن لادن أو شبكة "القاعدة" الإرهابية، مع ذلك فقد ظل جوهرياً في استراتيجية واشنطن أن يستهدف العراق. كانت وفي جانب منها مسألة "عمل لم ينته": لقد صمم بوش الثاني على إكمال الوظيفة التي كان قد بدأها بوش الأول. ولكن فكرة إسقاط الرئيس العراقي لم تبدأ مع إدارة جورج.و، بوش.
فكثيراً ما أكدت مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية في إدارة كلينتون أن العقوبات الاقتصادية تستهدف في جانب منها تحقيق "تغيير النظام الحاكم"، وهي سياسة غير مشروعة لم يكن لها تفويض من الأمم المتحدة، وفي 6 كانون الأول/ديسمبر 1999، بعد نحو عقد من القصف والحصار، أعلن توماس بيكرنغ وكيل وزارة الخارجية أن سياسة واشنطن بشأن العراق تستند إلى ثلاث دعائم: الاحتواء، والإغاثة الإنسانية، وتغيير النظام، الأمر الذي كان يعني في الواقع عقوبات ودوريات جوية غير مشروعة فوق مناطق "حظر الطيران"، ووجوداً عسكرياً أميركياً عدوانياً في المنطقة، ودعماً لإرهابيين مناهضين لصدام ("إننا لا نستبعد تقديم مساعدة قاتلة").
وفي يوم 7 حزيران/يونيو 1999 كان العراق يتقدم بواحدة من شكاواه الكثيرة إلى الأمم المتحدة بشأن الدعم الأمريكي للإرهاب ضد البلد. وفي يوم 6 تموز/يوليو شكا العراق بشأن قيام موظفي الأمم المتحدة بدس بيض الجراد كجزء من هجوم بيولوجي على الزراعة العراقية.
مثل هذه الأمور، إلى جانب حملة القصف الأمريكية والعقوبات الخالية من الرحمة كان تثير غضباً واسع النطاق في المجتمع الدولي وحتى في الولايات المتحدة وفي يوم 6 حزيران/يونيو 2000، ردت فادية رافيدي، وهي طالبة فلسطينية، على مادلين أولبرايت التي كانت قد ألقت خطاباً في جمهور في جامعة كاليفورنيا، بمدينة بيركلي. اتهمت رافيدي أولبرايت بالكذب عن طريق الحذف، وبالمسؤولية عبر عقوبات الأمم المتحدة عن موت آلاف من المدنيين الأبرياء العراقيين، وبالإخفاق في إبلاغ مستمعيها أن شركة أمريكية هي التي أمرت الرئيس العراقي بأسلحته الكيماوية وأنه سبق لوكالة المخابرات المركزية أن ساعدته.
ثم، وما أثار رعب سلطات الجامعة التي ظنت أنها قد راقبت خطبة فادية جيداً، أن فادية رافيدي ذهبت إلى قول ما لا يقال: إن ذخائر اليورانيوم المنضب الأمريكية الصنع التي أطلقها الأمريكيون في عام 1991 إبان حرب الخليج يمكن أن تكون هي المتسببة في تدمير حياة آلاف آخرين من العراقيين.
لقد أبقيت العقوبات الاقتصادية، التي دعمها الأمريكيون ضد بلد لوثته بالفعل الآثار الإشعاعية والكيماوية للحرب، فكانت في تصور كثيرين على نطاق واسع بمثابة "أسلحة للدمار الشامل". أخذ كبار مسؤولي الأمم المتحدة يستقيلون من وظائفهم احتجاجاً على تأثيرات العقوبات: "سكوت ريتر" الذي كان في أحد الأوقات على رأس مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة، عاد إلى بغداد ليصور فيلماً للدمار الاجتماعي الذي يسببه الحظر؛ إن الآثار الفتاكة للعقوبات قد تفاقمت بفعل البقايا المميتة للحرب، وليس أقلها إيذاءً البقايا المرتبطة بمخزون اليورانيوم المنضب، الذي يعرف الجميع أن ينتج مساحات من التلوث الإشعاعي، وأنه ارتبط بارتفاع في معدلات الإصابة بالسرطان، ومعدل تشوهات الأجنّة بين السكان المدنيين العراقيين.
فيصل عباس ابن العشر سنوات وهو واحد من عدة آلاف من الأطفال، نزف حتى الموت في عنبر لمرضى السرطان، وهو محطة معزولة للأطفال المحتضرين، نتيجة إصابته بسرطان الدم الذي كان يمكن أن يعالج بالأدوية التي حُرِم منها المدنيون العراقيون بحكم نظام العقوبات. وفي يوم 13 شباط/فبراير 2000، استذكر أسقف كوفنتري بإنكلترا "التشوهات الجسمية المخيفة" التي رآها في مستشفيات العراق. أطفال كثيرون يعانون من سرطان دم الأطفال: "ثمة دليل قوي يدل على أن هذا كله سببه اليورانيوم المنضب الذي استخدم بأسلحتنا".
تلك هي بعض من النقاط الساخنة التي حاول جيف سيمونز طرحها على الرأى العام في كتابه "استهداف العراق" وذلك في محاولة له لبيان العقوبات المجحفة والغارات اللاإنسانية التي شكلت جوهر المخططات السياسية الأمريكية ضد العراق وشعبه. ويقول المؤلف بأن معاناة الشعب العراقي وما يرتبط بها من محنة الفلسطينيين تستمر، بينما تخطط الولايات المتحدة لحرب جديدة واسعة النطاق ضد العراق من شأنها حتماً أن تسفر عن آلاف القتلى المدنيين. ولقد كان واضحاً خلال عام 2002 أن واشنطن تطور جدول أعمالها العسكري في عزلة دولية شبه كاملة. فحيث تعارض فرنسا وروسيا والصين شن حرب جديدة، ليس ثمة احتمال بأن تحصل الولايات المتحدة على قرار يمكنها من ذلك في مجلس الأمن. ويمكن القول بأن كتاب سيمونز هذا يأتي في وقته المناسب، فهو مليء بالحقائق، ومبحوث بدقة، والأهم من ذلك أنه محرض على التفكير في خلفيات السياسة الأميركية التي تدعي محاربة الإرهاب، في الوقت الذي تترجم عملياتها العسكرية وكأنها تريد احتكار الإرهاب لنفسها فقط.نبذة الناشر:هذا الكتاب يكشف بالوقائع كيف تعمدت الإدارة الأمريكية الحالية استهداف العراق.. في عام 1998 كتبت مجموعة من الأمريكيين النافذين رسالة مفتوحة إلى الرئيس بيل كلينتون طالبته فيها باعتماد سياسة تفضي إلى إزاحة النظام العراقي حتى لو اقتضى الأمر أن تقدم الولايات المتحدة على ذلك منفردة. طبعاً كلينتون لم ينفذ هذه السياسة، لكن الذي حدث أن جورج و.بوش قرر ذلك، وليس هذا من قبيل الصدف إذ إن الشخصيات التي طالبت كلينتون بهذه السياسة هي الأسماء نفسها التي تشكل إدارة بوش الابن الحالية.
... لقد انتظروا خارج البيت الأبيض ولما وصلوا انصرفوا إلى مهمتهم، بغض النظر عن الحجج المستخدمة.. إقرأ المزيد