السياسة والحكم النظم السلطانية بين الأصول وسنن الواقع
(0)    
المرتبة: 15,613
تاريخ النشر: 01/02/2003
الناشر: دار الساقي للطباعة والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:"السياسة والحكم، النظم السلطانية بين الأصول وسنن الواقع" هو كتاب من هدْي الإسلام، وربما يحق أن تبين نسبته تلك لدى عنوانه ليجتذب القرّاء المهتمين بالإسلام السياسي، أو تغيب ليمضي سبيله بين سائر القرّاء الذين تعنيهم شؤون السياسة. والكتاب يمثل إلمامة بقضايا السياسة والسلطان وهذه الإلمامة أو المعالجة، ليست إلا ...ثمرة من توحيد مكاسب المعرفة في حياة الكاتب، بعضها عائمٌ أخذه من مصادر غربية ناظرة في مطروح تلك القضايا أو راوية للمعمول به منها قديماً وحاضراً، وبعضها عبرةٌ تلقاها مباشرة من مشاهد الواقعات في حكم الغرب، وبعضها زاد حكمة من ممارسة التجربة في الحياة السياسية لعشرات السنين في السودان، وبعضها أضواء اطلاعات من قريب أو بعيد على واقع الحياة العامة في كثير من ديار الإسلام، وذلك فضلاً عن أساس من دراسات لتراث فقه الإسلام في أحكام السلطان وقصص سيرته في السياسة، وقراءات لمنشورات حديثة شتى من ملة المسلمين تصدر عن ذوي علم أو تجربة، بعضهم يحمل ميول المذاهب التقليدية، وبعضهم يعبر عن مواقف عصرية متباينة المدى من حيث الإيمان بحق الإسلام واجتهاد النظر في صراطه السياسي المستقيم المتجدد، أو الافتتان بالواقع انكباباً على مثير أحواله وتقلباته، أو بالغرب استقبالاً لفكره وخبره.
وحيثما نشأت مصادر المعرفة للإنسان فبقدر وُسْعه في جمعها، تتحد وتتناصر ويزداد في النفس رسوخ اليقين والعلم والحق والحكمة شعاباً، للإيمان بدين التوحيد. فمتى كانت فطر النفوس تتزكى بالتجارب اطمأنت القلوب باليقين، وحيثما كانت العقول تتفكر في منظورات الوجود ومشهوداته؛ اهتدت خواطرها إلى العلم الحق، وكلما كانت آيات الوحي المنزّلة من الأزل تُتدبّر؛ تجلّى بها عبر حادثات الحياة الدين الخالد، وأينما كانت الحياة تُقْرأ بسيرة عواقبها الشاهدة على صالحها وسيئها، فَعِبَرها وعظاتها تنزل الحكمة البالغة.
وكذلك، من قصد الخلاص إلى محصول الرؤى في هَدْي الإسلام في القضايا السياسية والسلطانية، ينبغٍ أن يتحرى ويوحّد مادة من معرفة حق الإسلام وكل حقائق الحياة، يوحد النظر إلى أصل المثال الإسلامي المستقيم الخالد في الحكم وإلى واقع كسب المسلمين ثقافة مقصورة ومنقولة للمعتبر المتعظ، ويصل سيرة السلف والخلف السياسية الناهضة والهابطة والمتجددة والمتنقلة عبر تقلبات ابتلاء التاريخ، ويجمع ظاهر الحياة العامة وصورها ومراسمها الطيبة بباطنها في خلق الوجدان الخالص، ويربط عموم الوجهة والمبادئ والقواعد في أحكام السلطان ومفصل المناهج والقضايا والسنن، ويوحد الإنسان بمقارنة الأصيل من دين المؤمنين بلا نسخ ولا مَسْخ والدخيل عليهم من كسب سائر البشر وحضاراته في شؤون الحكومة.
من هذا المنطلق يأتي هذا الكتاب، الذي هو مخاطبة لعامة جمهور المسلمين، لا لتشغلهم بفرط تشعيب الفرعيات الدقيقة لتربكهم بازدحام منقول المقولات والمحاجات المتعصبة والمختصمة، بل ليتبينوا ويتفهموا بأنفسهم أصول هَدْي الدين في السياسة والسلطان ومعاني أحكامه ووصاياه ومقتضى قواعده وكلياته ومحصور قيمه وموازينه في سياق حاجات واقعهم المعلوم الذي تنشأ فيه القضايا، وذلك ليطبقوها على الواقع؛ حياةً تستقر نظمها وضوابطها وتطمئن دوافعها وعلاقاتها.
وأم القضايا اليوم هي قضايا الدين السياسي أو بقاؤه محجوزاً كله مقبوراً. ولتجاوز ذلك، وكي لا يبقى الدين السياسي محجوزاً في قبر كتب حسين الترابي هذه السطور، وهو إنما حررها وهو في حبس سياسي من فتن السلطان، معتقلاً عن الإحاطة بكل الكتب في مكتبة خاصة أو عامة حتى يثبت بيان مراجعه فيها وينقل عنها حرف المنقولات ومواصف مصادرها، وإنما تيسر له ما يحفظ ويتلو من آي القرآن التي يجتهد أن يتفقهها موصولةً بسياقاتها المبيّنة وبأطر نزولها الظرفية والثقافية بمنهج تفسير توحيدي لا يأخذ مقطّع الكلمات ومجرّدها، وإنما يتبين معاني آيات القرآن في إطار مُنَزًّلِها أحداثاً وسيرة واقعة وأقوالاً مروية عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقليلاً ما تنثر هنا جمل من الأحاديث النبوية غير مبتورة من هوادي القرآن وظروف الواقع المبنية، ولا سيما أن الشأن سياسة سلطان متغيّرة متطورة ابتلاءاتها يخطّ الدين هديه العام ولا يرسم كل منطق أقواله وحركة أفعاله وصورة علاقاته مثل شعائر الدين المسنونة كالصلاة والصيام والحج. هذا ولئن سارع الكاتب إلى جمع تعاشيب معلومات كسبها وكلمات محاضرات تذكّرها ورؤوس خواطر تدبرها، تولى تحريرها في هذا الكتاب، أجمل فيه المتن بلا ترتيل للفروع، وعطّل النص بلا ذكر للمراجع، ذلك لأنه آثر ألا يتركه أوراقاً مخطوطة محفوظة جمعت في السجن. ولئن كان في المادة غريب أفكار انتظرت عشرات السنين رجاء فراغ وبوح بعد الفرج، يتمها محفوفة ويقدمها مألوفة إلا أنها ظلت مغمورة بمشاكل الحرية. إقرأ المزيد