تاريخ النشر: 01/12/2002
الناشر: دار ومكتبة الإرشاد
نبذة نيل وفرات:لا يكاد يخلو كتاب من كتب التراث في الأدب، والتاريخ، والأخبار، وغيرها، من حكم وطرف، وملح، تتخلل صفحات الكتاب. فكتب الجاحظ، وأبي حيان التوحيدي، وأبي الفرج الأصبهاني، ومعجم الأدباء، وغيرها من الكتب التي تعني بشؤون متباينة من الأدب والأخبار، وبعيدة كل البعد عن العناية بالطرف والنوادر، تذكر الكثير من ...الطرائف، والملح، والنوادر، في ثنايا الكتاب، بالرغم من أنها لا تعنى أساساً بسرد هذه الطرائف والنوادر، وإنما يذكرها المؤلفون عندما تسنح لهم بادرة لذكرها. ومن ناحية أخرى فإن بعض الكتب تختص بجمع الطرائف والنوادر، وتنفرد بذكرها، وقد صنفت تصنيفاً حسناً، مثل كتاب "الحمقى والمغفلين" لابن الجوزي، وكتاب "الأذكياء"، وكتاب "البخلاء" للجاحظ، و"جمع الجواهر" للحصرى القيرواني. كذلك فإن بعض الكتب الأخرى مثل "المستطرف من كل فن مستظرف"، وكتاب "محاضرات الراغب الأصبهاني" قد أفرد المؤلف فيها أبواباً للطرف والنوادر. وما يقال عن هذه الكتب يقال عن أكثر كتب التاريخ والأخبار والفنون الأخرى. وهذه كلها تعطي الأدب العربي ميزة خاصة، ومنزلة متميزة، يرتاح لها القارئ، فتزيد من شوقه للقراءة والمطالعة.
وتذكر هذه الطرائف، والنوادر، عن أولئك الأشخاص والأعلام، وزراء كانوا أم خلفاء، أم قضاة، بأسمائهم، مما يجعل القارئ المتتبع في حيرة من أمره. هل يصدقها، أم ينكرها!. فكثير من الطرائف عن الحماقة، والغفلة، والجهل، تنسب إلى بعض الولاة، والقضاة، بأسمائهم! فهل يصدق المرء أن والياً من الولاة، يصعد المنبر، ويقرأ بيتاً من الشعر على أنه آية من آيات الذكر الحكيم؟ وهل يصدق المرء أن قاضياً من القضاة لا يفرق بين بيت من الشعر وبين آية من الذكر الحكيم؟ وكثيراً ما تتكرر هذه الطرفة مع أشخاص آخرين إما نصاً وإما مع بعض التحوير. وهذا مما يدل على أن أكثر هذه الطرائق والنوادر موضوعة من قبل بعض الكتاب، أو المحدثين، الظرفاء، إما مما مرّ عليهم من تجاربهم، وإما مما يتخيلونه، أو يسمعونه منها، فينسبونها إلى أحد الأعلام من وزراء، أو أمراء، أو غيرهم.
ولقد سعى الدكتور "محمد صادق زلزلة" في هذا الكتاب لأن يجمع الطرائف والنوادر من بطون الكتب القديمة الأدبية والتاريخية والتراثية التي لا يخل أن يكون فيها هذا الكم منها، ولا سيما تلك الكتب التي هي بعيدة كل البعد عن الاهتمام بالطرائف والنوادر. فالقارئ مثلاً: لا يتوقع أن يقرأ بعض هذه الطرف في كتاب مثل معجم الأدباء، أو كتاب الإعلام، وغيرها من الكتب التي تعنى بالموضوع الذي يشغل اهتمامها. أما سبب ذلك فهو واضح، إذاً، معظم هذه الطرف والنوادر تلازم الكثير من الشعراء والأدباء، والكتاب، والأمراء، وحتى بعض الخلفاء، والوزراء، وتنسب إليهم. فالمرء إذاً ما اطلع على أخبار بشار بن برد مثلاً، وجد عشرات الطرائف عن هذا الشاعر. إقرأ المزيد