تاريخ النشر: 01/01/1974
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب
نبذة نيل وفرات:هذا عصر أصبح شديد الاختلاف عن عصور مضت وولت بقتل النفوس فيه مشكلات وضغوط، ويتلمس فيه الفرد وسائل الأمن فلا يجد لها أثراً. إنه عالم مليء بالعداء والعدوان والفشل المتكرر، فلا غرابة بعد ذلك أن يعيش أبناؤه وينمو لديهم من الاضطراب والتأزم مما يؤرق حياتهم مما يسميه علماء النفس ..."بالقلق". ونظراً لأن هذا القلق هو تنظيم انفعالي في النفس ثبت من الدراسات العديدة أنه يعتبر محوراً كبيراً لكل الاضطرابات النفسية والسيكوسوماتية والأخلاقية، فإن هذه الحالة من التوتر يمكن أن تكون مسؤولة عن كثير من علل البدن.
هذا وإن الكشوفات والدراسات الحديثة في موضوع العوامل النفسية وأثرها على السلوك، لم تقتصر على حالة واحدة من حالات الاضطراب، بل إن الكشوف الحديثة قد بينت أن القلق يلعب دوراً كبيراً في خلق أشكال عديدة من الاضطرابات السلوكية وأحياناً تكون ذات طابع مرضي اجتماعي كالجناح أو السيكوباتية أو الانحرافات الجنسية أحياناً. إلا أن الحرب العظمى الثانية بالذات، قد امتازت بأنها بعثت في الناس من المحاربين وغير المحاربين من القلق ما ظهرت آثاره في أشكال من أمراض الجسم، عطلت جيوشاً عن عملها، وكانت خسائرها أكثر كثيراً من خسائر القنبلة والمدفع، انهارت أمامها الجنود وتعطلت الإمكانيات البشرية، وشغلت الأذهان الطبية المشرفة على جيوش الحلفاء وغير الحلفاء عن التفكير في صرعى البنادق والقنابل، ولقد شاعت مع مدينة القرن العشرين أمثال هذه الأمراض السيكوسوماتية بشكل مزعج.
ونظراً للدور الكبير الذي يلعبه القلق في خلق استجابات تعني ظاهرياً أحياناً وواقعياً أحياناً أخرى اضطراباً في وظائف الجسم، أو تعطلاً لبعض الأجهزة أو الأعضاء، ونظراً لأن مثل هذه الاضطرابات تكون غالباً أكثر تعطيلاً للطاقات البشرية الخلاقة المبدعة، والمنتجة كذلك، من الأمراض الجسيمة الحقة لجهل المريض والمعالج بأسبابها، وتوجسهم من عدم البدء منها بعد إعجاز نفس الأطباء، وبالنظر لأن ذلك كله تنعكس آثاره السيئة على المجتمع كله في إنتاجه ورفاهيته وتقدمه، كما تنعكس على الفرد في إيجابيته وسعادته؛ لهذا كله يأتي هذا الكتاب الذي يقدم المؤلفان من خلاله ما يفيد الجميع في مجال القلق وما يسببه من أمراض للجسم، وذلك من خلال التعرف على بعض الديناميات النفسية لبعض الأمراض الجسمية، تعرفاً قد يوفر على المختصين كثيراً من الجهد والوقت الضائع في العلاج والمال الضائع في الدواء دون جدوى، خصوصاً في تلك الحالات من الأمراض الموهومة التي لا أصل لها من خلل وظيفي عضوي، أو اضطراب في جهاز أو إصابة في الأعصاب. كما أن هذا الاستبصار بتطور هذه الاضطرابات الجسمية التي ترجع إلى أسباب نفسية قد يساعد الكثيرين على تحقيق درجة من الاستبصار تغنيهم عن السعي وراء العلاج الطبي، وتنقذهم من المعاناة التي لا يجدون منها فكاكاً، ويجهلون مع ذلك أسبابها ويقتلهم اليأس من البدء منها أحياناً. إقرأ المزيد