تأملات في الشريعة الإسلامية
تاريخ النشر: 01/01/1999
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب
نبذة نيل وفرات:يزداد اليوم ارتفاع صوت المسلمين في كل مكان مطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية وذلك عن طريق تقنينها، بل أن بعض الدول أصدرت فعلاً قوانين مقننة طبقاً للشريعة الإسلامية، كما أن بعضها ما زال في مرحلة إعداد مشروعات قوانين على أساس الشريعة الإسلامية هي في طور الصدور.
والشريعة الإسلامية هي مجموعة الأوامر ...والأحكام الاعتقادية والعملية التي يوجب الإسلام تطبيقها لتحقيق أهدافه. هذا وقد عنيت الشريعة الإسلامية فضلاً عن القواعد التي تنظم المعتقدات والعبادات بتنظيم علاقات الناس قواعد قانونية وخلقية. وفي هذه الصدد لم تقتنع بالقواعد التي تنظم صلات الأفراد فيما بين بعضهم البعض؛ وإنما تجاوزت ذلك إلى وضع الأسس الكاملة التي تقوم عليها الدولة، فالخلافة بيعة، والأمر بين الناس شورى، والناس سواسية وكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه وحريات الناس مضمونة، ورقابته على الحكام مشروعة، والملكية الفردية ليست مطلقة تجنح إلى الكنز والاستعلاء والاستغلال ولا هي معدومة فيفقد الناس حوافز الجد والتنمية؛ وإنما هي وسط بين هذا وذاك وسطية تجعل الملكية وظيفة اجتماعية، فالمال مال الله ونحن مستخلفون فيه، ومن ثم كان للفقير في مال الغني حق معلوم لا منّ فيه ولا مهانة. حق كامل يسع ضرورات الحياة لكل فرد محتاج بحيث توفر الدولة السكن والطعام واللباس والدابة. وفي المجال الوضعي يكفي لبيان مكانة الشريعة الإسلامية الإشارة إلى مؤتمر أسبوع الفقه الإسلامي الذي عقد بجامعة باريس سنة 1951 والذي انتهى إلى النتائج الآتية:
1-أن مبادئ الفقه الإسلامي لها قيمة حقوقية لا يمارى فيها. 2-إن اختلاف المذاهب الفقهية في هذه المجموعة الحقوقية العظمى ينطوي على ثروة من المفاهيم والمسلمات ومن الأصول الحقوقية هي مناط الإعجاب بها ويستطيع الفقه الإسلامي أن يستجيب لجميع مطالب الحياة الحديثة والتوفيق بين حاجياتها. وقد أوصى الحاضرون بإخراج موسوعة للفقه الإسلامي تعرض فيها المبادئ والنظريات مبوبة تبويباً عصرياً. كما أن مؤتمر القانون الدولي المقارن الذي انعقد في لاهاي بهولندا سنة 1922 قد قرر أن الشريعة الإسلامية حية صالحة للتطور وأن التشريع الإسلامي قائم بذاته وليس مأخوذاً عن غيره واعتبر الشريعة الإسلامية مصدراً من مصادر التشريع العام. وقرر مؤتمر المحامين الدولي الذي عقد بلاهاي سنة 1948 تبني دراسة الشريعة الإسلامية دراسة مقارنة.
هذا وإنه مما يثير الإعجاب حقاً أنه كلما خاض الباحث في أعماق الشريعة الإسلامية في كل المجالات؛ كلما ظهر له أن أحدث النظريات التي ينتهي إليها الفقه الغربي الحديث في كل فروع قوانينه، وكان للوصول إليها دوري كبير بدعوى أنها ابتكار في العلم، في الوقت الذي أن لهذه النظريات أصل في الفقه الإسلامي. ومن أمثلة ذلك في القانون المدني (نظرية التعسف في استعمال الحق) فهي تطبيق للحديث الشريف (لا ضرر ولا ضرار) ونظرية (الإرادة المنفردة) كمصدر من مصادر الالتزام وتقابل الجعالة في الشريعة الإسلامية.
وهكذا، وإن من نعمة الله على المسلمين قيام المختصين من علماء المسلمين بإعداد بعض البحوث في الشريعة الإسلامية وتعميماً لفائدة تلك البحوث تمّ جمعها في هذا الكتاب والغاية أن يستفيد منه الباحثون في الشريعة الإسلامية، وليكون بمثابة لفتة صغيرة في علوم الدين الإسلامي. هذا وقد تطرقت هذه البحوث إلى العديد من القضايا المعاصرة التي تهمّ المجتمع الإسلامي بصورة عامة والفردية فيه بصورة خاصة وذلك في شؤونه الحياتية.
وهذه بعض المسائل التي تمّ بحثها على ضوء الشريعة الإسلامية: نزع الملكية للمنفعة العامة نظرية استعمال الحق، دعوى عدم نفاذ التصرف أو الدعوى البوليصية، نظرية الحوادث الطارئة، مسؤولية صاحب البناء، خطر الموظف من الاشتغال بالتجارة، العقود المعروفة، المسؤولية المدنية في الفقه الإسلامي، أحكام الحضارية في الشريعة الإسلامية، أحكام القرض في الشريعة الإسلامية، أحكام الشهادة في الشريعة الإسلامية، عقد التأمين وموقف الشريعة منه، المخدرات وحكمها في الشريعة الإسلامية، نقل وزراعة الأعضاء البشرية من الناحيتين القانونية والشرعية... إقرأ المزيد