تاريخ النشر: 01/01/1999
الناشر: دار نهضة مصر للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:تبدو ظواهر المسؤولية والجزاء في صور كثيرة تتصل كل منها بناحية من نواحي الحياة الاجتماعية، وترتبط بمجموعة من النظم التي تسير عليها هذه الحياة. فمن هذه الظواهر قسم يتصل بالقوانين الوضعية للأمة وتشرف عليه الهيئات التي ينشئها المجتمع لحماية هذه القوانين وتطبيق ما تقرره. وينتظم هذا القسم جميع المسؤوليات ...المنحدرة من الدستور وقانون العقوبات والقوانين المدنية والتجارية والمالية والبحرية والإدارية والمدرسية والدولية الخاصة والعامة... وما إلى ذلك، كما ينتظم جميع أنواع الجزاء على هذه المسؤوليات، سواء أكانت عقاباً أم مثوبة.
وفي هذه الظواهر قسم يتصل بالنظم الدينية للأمة وتشرف عليه الهيئات التي ينشئها المجتمع لحماية هذه النظم وتطبيق ما تقرره وينتظم هذا القسم جميع المسؤوليات المنبعثة من تعاليم الدين، سواء ما تعلق منها بالعبادات وما تعلق منها بالمعاملات، وسواء أكانت متصلة بشؤون العبد مع ربه أم بشؤونه مع نفسه ومع غيره من أفراد مجتمعه وأفراد المجتمع الإنساني وسائر المخلوقات الأخرى، كما ينتظم جميع أنواع الجزاء المترتبة على هذه المسؤوليات، سواء ما كان منها تواباً عن طاعة وما كان منها عقاباً على معصية، وسواء أكان حدوثها أو افتراض حدوثها متوقعاً في الحياة الدنيا أم في الآخرة أم فيهما معاً.
ومن هذه الظواهر قسم ثالث يتصل بالنظم الخلقية، ويتولى الرأي الجمعي العام في جملته سلطة الإشراف عليه عن طريق مباشر لا عن طريق هيئة ينشئها المجتمع لذلك. وينتظم هذا القسم جميع المسؤوليات التي يقررها العرف الخلقي سواء ما اتصل منها بسلوك الفرد الخاص وما اتصل منها بسلوكه مع غيره، كما ينتظم جميع أنواع الجزاء المترتبة على هذه المسؤوليات، سواء ما كان منها جزاء عن سلوك محمود وما كان منها جزاء على سلوك مذموم، وسواء أظهرت في صورة مادية أم في صورة معنوية أم في كلتا الصورتين. فالمسؤولية إذن ظاهرة اجتماعية أياً كانت تلك الصورة التي تبدو هي فيها ما تؤدي إليه من جزاء. وهي فيها ويبدو منها ما تؤدي إليه من جزاء. وهي بوصفها هذا تؤلف موضوعاً من موضوعات علم الاجتماع. وهي التي ستتم دراستها في هذا الكتاب على منهج هذا العلم ومن وجهة نظره وأغراضه. إقرأ المزيد