تاريخ النشر: 01/01/1993
الناشر: دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
نبذة نيل وفرات:أجمع علماء الحديث ورواته على جلالة وإمامة الإمام "مسلم" وعلى علو مرتبته وحذقه في رواية الحديث وتقدمه فيها وتضلعه منها. ومن أكبر الدلائل على جلالته وإمامته وورعه وحذقه وقعوده في علوم الحديث واضطلاعه منها وتفننه فيها كتابه "الصحيح" الذي لم يوجد في كتاب قبله ولا بعده، من حسن الترتيب ...وتلخيص طرق الحديث بغير زيادة ولا نقصان، والاحتراز من التحويل في الأسانيد عند اتفاقها، من غير زيادة. وتنبيهه على ما في ألفاظ الرواة من اختلاف في متن أو إسناد، ولو في حرف. واعتنائه بالتنبيه على الرايات المصرحة بسماع المدلسين، وغير ذلك مما هو معروف في كتابه.
والكتاب الذي بين أيدينا وضع لتلخيص كتاب صحيح الإمام مسلم وهو مدوّن بقلم الإمام المحدث والعالم الفقيه "أبي العباس أحمد بن عمر القرطبي"، وهو يمثل جهداً من أدق وأعمق وأشمل الجهود، التي بذلت في اختصار صحيح مسلم، بحيث يقدم للناس كافة، ينتفع به العامي لاختصاره وسهولة تناوله، ويستفيد منه المتخصص من وجوه عدة لعل من أبرزها منهج الاختصار، وعمق استيعاب المادة المختصرة، وتقديمها بغير إخلال بها. وتبدو أهمية كتابنا هذا في أنه: أولاً: يَسَّر لمطالعه الاستفادة مما حواه صحيح الإمام مسلم. إذ من المعلوم أن الإمام مسلماً قد جمع روايات الحديث الواحد على اختلاف أسانيدها، وتشابك طرقها، وصعوبة متابعتها. مما جعل صحيحه مقصور الفائدة على الدارسين المتخصصين، أصحاب الفهم والفقه في علمي الدراية والرواية.
ومن هنا حاول الإمام القرطبي أن يتجنب-أو يجنب القارئين على شتى مستوياتهم العلمية-تلك الصعوبة التي يجد منها في معالجة الروايات الكثيرة بأسانيدها المختلفة. فقام بتجريد هذه الروايات من أسانيدها، واكتفى بسرد متون الكتاب، مع ذكر الصحابي الذي روى الحديث، وقد يذكر من قبله إذا دعت الحاجة، كما نبّه على ذلك في مقدمة كتابه كما سنرى. ثانيا: معلوم سلفاً أن الإمام مسلماً صنف كتابه الصحيح. ولم يترجم لأبوابه بتراجم تفصح عما تحتويه تلك الأبواب. وقد قام الإمام الحافظ "محي الدين بن شرف النووي" بترجمة كتب وأبواب صحيح مسلم على نحو جيد ودقيق، أفصح يه عن مهمات مما استنبط من أحكام المرويات في كل باب. ولعل مصنف كتابنا هذا الإمام القرطبي المتوفى قبل الإمام النووي بعشرين عاماً قد أحرز قصب السبق في هذا المجال. فقد ترجم ترجمة وافية ودقيقة لكل كتب وأبواب تلخيصه لصحيح مسلم. ثالثاً: حافظ الإمام القرطبي-إلى حدٍّ ما-على ترتيب صحيح مسلم من حيث ترتيب الكتب والأبواب، مما يسهل على من يريد المقارنة العودة إلى الحديث بكل أسانيده ورواياته من صحيح مسلم. وباختصار يمكن القول: إن هذا التلخيص جمع بين دقة المنهج، وسهولة العرض، وشمول المادة المختصرة.
ولأهمية هذا الكتاب ولمكانة مصنفه عنى "رفعت فوزي" و"أحمد محمود الخولي" بتحقيقه وذلك ليسهل على المضطلع له قراءته وفهمه، وأما عملهما فتجلى بـ: أولاً: مقارنة نسخ المخطوطات، ثانياً: حلّ بعض الألفاظ الصعبة، وشرح بعض غريب العبارات والتنويه على بعض مهمات المسائل، فأثبت في الحواشي ما يفيد القارئ ويعينه على فهم النص، ثالثاً: رقّما كتب وأبواب الكتاب كلها، حتى يسهل مراجعتها، رابعاً: دوّن الفهارس الختامية للكتاب التي تعين القارئ على الاهتداء للأحاديث المودعة فيه. إقرأ المزيد