تاريخ النشر: 01/01/2019
الناشر: كليوباترا للنشر والتوزيع
نبذة الناشر:سكنَ الغرفة العليا من المنزل المجاور لمنزلي من عهد قريب فتًى في التاسعة عشرة أو العشرين من عمره، وأحسب أنه طالبٌ من طلبة المدارس العليا أو الوسطى في مصر، فقد كنت أراه من نافذة غرفة مكتبي، وكانت على كثبٍ من بعض نوافذ غرفته، فأرى أمامي فتًى شاحبًا، نحيلًا، منقبضًا، جالسًا ...إلى مصباح منير في إحدى زوايا الغرفة، ينظر في كتاب، أو يكتب في دفتر، أو يستظهر قطعةً، أو يُعيد درسًا، فلم أكن أحفل بشيءٍ من أمره.
حتى عُدتُ إلى منزلي منذ أيامٍ بعد منتصف ليلةٍ قَرَّةٍ من ليالي الشتاء، فدخلت غرفةَ مكتبي لبعض الشئون، فأشرفتُ عليه، فإذا هو جالسٌ جِلسته تلك أمام مصباحه، وقد أكبَّ بوجهه على دفترٍ منشور بين يديه على مكتبه، فظننتُ أنه لمَّا ألمَّ به من تعب الدرس وآلام السهر، قد عَبِئَتْ بجفنيه سِنةٌ من النوم، فأعجلته من الذهاب إلى فراشه، وسقطت به مكانه، فما رُمْتُ مكاني حتى رفع رأسه، فإذا عيناه مخضلَّتان من البكاء، وإذا صفحة دفتره التي كان مكبًّا عليها قد جرى دمعه فوقها، فمحا من كلماتها ما محا، ومشى ببعض مِدادها إلى بعض، ثم لم يلبث أن عاد إلى نفسه، فتناول قلمه، ورجع إلى شأنه الذي كان فيه. إقرأ المزيد