دور التقنية في التحولات التاريخية
-
أحمد بن طلال الجهني
قراءة في بعض مضامين الكتاب
- 24/11/2006
يقدم هذا الكتاب استشهادات من واقع التاريخ يثبت من خلالها أن التحولات الكبرى في أحوال الأمم وقوتها وضعفها وخاصة في التاريخ المعاصر إنما تحدث بسبب أساسي هو امتلاك التكنولوجيا أو الافتقار إليها. إذ من خلالها وبها تتقدم الأمم أو الدول لتتفوق ثم لتحكم أو لتتحكم بدول أو أمم أخرى .. وأنه لايمكن تفادي الضعف وربما الاضمحلال والتصدي لدول متفوقة تقنيًا إلا بالتكنولوجيا نفسها .. إلا أن عطاءها النهائي والحقيقي لابد من استكماله بدائرة ثلاثية أسماها الكاتب الدائرة الذهبية وهي ( التكنولوجيا والصناعة والاقتصاد الصناعي) والتي تغذي بعضها بعضا.
يرى المؤلف أن الأمة العربية / الإسلامية قد وصلت إلى جزء من التأهيل التمهيدي أو الابتدائي بحيث أن الشرائح الفاعلة من شعوبها تتطلع لإحياء قوتها واستعادة مجدها من خلال طريق وحيد أسماه "رافعة التقدم" وهو اكتساب التكنولوجيا من خلال البحث والتطوير التطبيقي فقط .. وبالتكنولجيا فقط.
يقدم الكاتب تصورًا متكاملاً وبخطوات محددة لكيفية استنبات وتطوير التكنولوجيا، كما يحدد تصورًا واضحًا وبمنهجية وخطوات محددة أيضًا للنهوض الصناعي ويتطرق في هذا السياق للبترول وأهميته وتصورات استراتيجية حوله وأهمية الصناعات المرتبطة به مثل الصناعات البتروكيماوية، ويمتدح ما قامت به المملكة السعودية في هذا المجال بل ويبشر بمستقبل أكبر لذلك – مع ملاحظات عليه - .. كما يدلل الكاتب على أهمية استنبات وتطوير التكنولوجيا العسكرية التطبيقية وأن كافة الدول الصناعية الكبرى وحتى الصين والهند حاليًا إنما ولجتا التقنية ثم الصناعة من خلال البحث التطوير التطبيقي في المجالات العسكرية باستثناء بريطانيا الأقدم صناعيًا إذ ولجت ذلك من خلال صناعات الغزل والنسيج. كما يؤكد الكاتب على دور العلم والتعليم وخاصة المناهج كقاعدة أساسية للتقنية والصناعة معًا.
يوجه مؤلف الكتاب النداء وبشكل مخصص لحكام الأمة العربية/ الإسلامية بأن عليهم الدور الرئيسي في بلوغ إحراز ( التكنولوجيا ثم الدائرة الذهبية) من خلال القرار السياسي الذي يراه المؤلف أس الأساس وتكوين التنظيمات والأطر والأنظمة كما حددها الكاتب حسب تصوره .. كما يستحث الكاتب البيروقراطية العليا ( البطانة المكتبية والاستشارية وذوي التأثير على الحكام) بأن يقوموا بدورهم المؤتمنين عليه في هذا المجال بالمشورة والتوضيح.
يشكل هذا الكتاب دليلاً لاستنبات التكنولوجيا التطبيقية وتطويراتها .. كما يشكل أيضًا دليلاً للتأسيس والتطوير الصناعي .. وكذلك للاقتصاد الصناعي ... كل ذلك بأسلوب واضح ووجيز .. بل و حتى دليلاً لتصنيف و تأطير مناهج التعليم اللازمة لوضع قاعدة أساسية للقاعدة التكنولوجية والقاعدة الصناعية معًا.