لقد تمت الاضافة بنجاح
تعديل العربة إتمام عملية الشراء
×
كتب ورقية
كتب الكترونية
كتب صوتية
English Books
أطفال وناشئة
وسائل تعليمية
متجر الهدايا
شحن مجاني
اشتراكات
بحث متقدم
نيل وفرات
حسابك لائحة الأمنيات عربة التسوق نشرة الإصدارات
0
تعليقات الخاصة بـ أم خالد
عروس المطر - بثينة العيسى   القبح والعنوسة - 10/11/2006
تنتمي الكويتية بثينة العيسى الى جيل من الكاتبات الخليجيات الشابات اللواتي يعملن منذ سنوات، وإن في نجاح متفاوت، على تظهير أزمة الأفراد في مجتمعات متنازَعة بين تقاليدها السلفية من ناحية، والمفاعيل المتأخرة للثورة النفطية ومن ثم التكنولوجية والاعلامية من ناحية ثانية. واذا لم تُثر روايتاها الاوليان "ارتطام... لم يُسمع له دوي" (2004) و"سعار" (2005) الضجة الاعلامية التي اثارتها روايات اخرى من جيلهما، الا ان العيسى بدت في كل مرة انها تنحو منحى أكثر ثباتاً وادراكاً لوجهته، حاملةً هموماً فنية وجمالية قبل ان تكون إدهاشية او فضائحية وغير آبهة بالوصفات الجاهزة والموضوعات الرنانة والخطاب المدوي. لدى قراءة "سعار" استوقفتني قبل اي شيء اللغة المتأهبة والمتوتّرة التي تجمع بين بلاغة في المتناوَل وانسيابية تشبه زمنها، فضلاً عن احساس وجودي عال وعلاقة عضوية بالتفاصيل. وإذ أقرأ لها اليوم روايتها الاخيرة "عروس المطر"، الصادرة حديثاً عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر"، ألمس مرة أخرى نجاحها في حمل قارئها على التواطؤ مع عالمها ولغتها واسلوبها في التعاطي مع موضوعاتها. ورغم افتقار الرواية الى الكثافة التي كانت في سابقتها، ووقوعها في بعض الكليشيهات النسوية وشيء من الخطابية التي قد تصلح لمقال صحافي اكثر من رواية، الا ان العيسى تتفوّق هنا في الطرح واسلوب المعالجة محافِظةً كعادتها على حس فكاهي يراوح بين الخفيف واللاذع وعلاقة حسية بالعالم وأشيائه. عند المستوى الاول تتطرق الرواية الى العلاقة المأزومة لفتاة مع مسألتي القبح والعنوسة، الا انها لا تلجأ الى هذا الموضوع الا لتضع إصبعها على جروح أكثر التهاباً وحميمية تتعلّق بالصورة التي يدفعنا المجتمع المعاصر الى تكوينها عن أنفسنا. على هذين المحورين، الاوّلي والجوهري، تتحرّك "عروس المطر". في الفصل الاول نحن إزاء الراوية أسماء، فتاة في السادسة والعشرين تعيش مع شقيقها التوأم أسامة. واذ تكتفي في البداية بإرسال إشارات عن وضعها الشخصي من خلال حال الشقة الغارقة في الفوضى ورائحة السردين، نراها تشكو في شكل اساسي من وحدتها: "انا وحدي، وحدي تماماً، لا احد يستطيع تغيير حقيقة كهذه، وحدي... مثل خديج عُثر عليه في صرة ملابس، خديج نسيت اللقالق ان تأخذه الى أُمّ". لكن مشكلة أسماء مع شكلها لن تظهر الا في الفصل الثاني حيث نتعرّف الى أسامة الذي تقدّمه على انه توأمها ونقيضها. وفيما تجتمع في سلوكه وشخصيته الفرادة والتميّز والوسامة واللطف والمرح، لا ترى نفسها أمامه الا "هذا الشيء" الذي لفرط دمامته صعُبت تسميته، فكانت "أسماء" ذات الاسم المشاع والعينين الجاحظتين والذقن المدقوقة والوجه الذي يشبه سمكة ميتة كما تقول. الا ان شعورها بالقبح لا يقتصر على وجهها بل ينسحب ايضاً على صورتها عن نفسها: "قلبي اسود"، "انني نتنة"، "انني انمسخ"، لا تنفكّ تردّد، ولا تتوانى عن وصف نفسها بـ"قطعة لحم بائتة" والقول: "اريد لهذا الوجه ان ينتهي، اريد ان اقيم في وجهي وليمة ديدان". هذا العنف اللفظي الذي تلجأ اليه كوسيلة لجلد الذات يبلغ أوجه في الصفحات الاخيرة حيث، وإن تحت غطاء حلمي ورمزي، تنتهي بقطع عنقها بنفسها. ( نقلا عن جريدة النهار ) http://www.annaharonline.com/htd/EDU061104-2.HTM