فقه الأسرة المسلمة في المهاجر
(0)    
المرتبة: 61,954
تاريخ النشر: 01/01/2001
الناشر: دار الكتب العلمية
نبذة نيل وفرات:لما كان التشريع الإسلامي هو المظهر المعبر عن التزام المسلم بدينه، وامتثاله لأوامر ربه تبارك وتعالى، والتطبيق العملي الدال حقيقة على إيمان الفرد وطاعته لمولاه. كان لا بد من ارتباط هذا المظهر وذلك التطبيق بالفرد أينما حلّ أو ارتحل، وعدم انفكاكهما عنه حيثما أقام أو ظعن وقد أدى هذا ...التلازم بين الاعتقاد والتطبيق العملي لدى كل المسلمون وبزوغ نوره على كل الكون دون إكراه ولا إجبار. لكن لما تسرب إلى العقل المسلم انحصار التدين في الطقوس التعبدية، وانفلتت الأحكام العملية والتطبيقات الواقعية في إطار التشريع الإسلامي، وتطاول خصوم الإسلام أصالة، وبعض الغافلين من أبناء المسلمين تبعاً، على مهاجمة التشريع الإسلامي ونعته بالحيف وعدم العدل. كان لا بد من إبراز فضائل هذا التشريع، واطلاع أبناء المسلمين عموماً والمغتربين-عن هذا الدين فكراً وثقافة، وعن المجتمع المسلم سكنى وإقامة-خصوصاً على مزايا هذا التشريع، وسعة صدره لاحتواء كل التطورات والوقائع في حياة الإنسان، ومرونة قواعده وأحكامه وقابليتها للتنزيل والتطبيق في كل ظرف، وعلى كل واقعة. إن مهمة الإبراز والتبليغ والإيضاح هذه، تقتضي من علماء الأمة إيلاءها أولوية خاصة، قيامه بواجب أداء الأمانة التي تحملوه، وتبليغاً للرسالة التي ورثوها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونيابة عن الأمة المكلفة بالشهادة على باقي الأمم، حتى لا يأثم الجميع.
من هنا جاءت هذه المساهمة في هذه الدراسة لإبراز بعض كنوز التشريع الإسلامي للأجيال المسلمة المغتربة عن ديارها، وقد تناولت الدراسة ألصق ميادين التشريعية بحياة المسلمين في مجتمع الاغتراب. وهو ميدان الأسرة وأحكامها الشرعية الذي هو أكثر التصاقاً بالفرد وبالجماعة على حدّ سواء.
بالإضافة إلى ذلك ونظراً للسهام الموجهة إلى هذا الجانب من التشريع، ولكثرة النوازل وحِدَّتها في حياة الجالية المسلمة المقيمة في غير المجتمع الإسلامي، وقع الاختيار على هذا الجانب من التشريع الإسلامي للمساهمة في حلّ مجموعة من الإشكالات التي يعاني منها المسلمون المغتربون، إضافة إلى تحسيس هذه الشريحة من المسلمين بأن حلّ مشاكلهم كامن في التمسك بدينهم، وأن هذا التشريع قابل للتطبيق في هذا المجتمع وغيره إذا التزم المسلمون بمبادئ دينهم، ومارسوا أخلاقه الاجتماعية في الواقع، ليبرهنوا على صلاحية هذا الدين وفائدة أهله ومعتنقيه للبلد الذي يقيمون به ولأهله أيضاً، وإذا عرف المسلمون كيف ينتزعون حقوقهم المدنية والقانونية في المجتمع الذي يرفع شعار الحريات والحقوق لكل الناس.
وهكذا جاءت هذه الدراسة تحت عنوان "فقه الأسرة المسلمة في المُهاجِر" وجاءت في تمهيد وخمسة أبواب وخاتمة تناول المؤلف التمهيد أهمية هذه الدراسة ومجالها والمنهج المقترح للدراسة جاعلاً الباب الأول باباً لضبط المصطلحات وتعريف أجزاء الموضوع الذي هو حقل الدراسة. وقد جاء هذا الباب في ثلاثة فصول عرف المؤلف في الفصل الأول مصطلحات الهجرة والمهاجِر والمهاجَر وأنواع الهجرة وأسبابها ونتائجها ثم اهتمام علماء المسلمين بفقه الهجرة، ومرونة هذا الفقه وخضوع جوانبه الاجتهادية للتغيرات الزمنية والمكانية كما عرف الأسرة وأنواعها وأركانها ومميزاتها وأهدافها، معرجاً من ثمَّ على التحديات التي تواجه الأسرة المسلمة في المهاجر. أما الباب الثاني فقد انحصر في ظاهرة الزواج في أوساط الجالية المسلمة وما يعتريه من أحوال ونوازل وقضايا، ابتداء من مقدماته "الخطية وما يتبعها" مروراً بأنواع الارتباطات الزوجية التي قلد فيها بعض المسلمين غيره من أهل المجتمعات التي يعيمون بها، ومدى انطباق حكم النكاح والعلاقة الزوجية الشرعية على هذا النوع من الارتباطات، وحكم الأولاد الناتجين عن هذه الأنواع من العقود التي لم يعرفها الفقه الإسلامي من قبل، مذكراً بأحكام الشرع في بعض الفواحش التي دبت إلى صف المسلمين كاللواط... ومبرزاً حكم الزواج المختلط بين المسلمين وغيرهم، وشروط إباحة هذا النوع من الزواج. بينما خصص الباب الثالث لما يكتنف هذه العلاقة التي تستغرق العمر كله في الغالب من بعض المنغصات، وأحكام الشرع الإسلامي وأسلوبه كل تلك المعضلات التي غالباً ما تقض مضجع الزوجين معاً، مبرزاً الحدود الضابطة لكل طرف، وما هو المسموح به شرعاً من غير المسموح به، مع التنبيه على بعض المخاتلات التي يمارسها بعض أفراد الجالية المسلمة أثناء اندفاعهم لتحقيق مصلحة أو رغبتهم في الانتقام من الطرف الآخر المتهم بالاعتداء والحيف والظلم.
وقد جاءت هذه المسائل ضمن فصلين، أحتوى الأول مفهوم نشوز الزوجة والزوج وصور نشوزهما معاً، ومدى صلاح الأساليب الشرعية لعلاج النشوز وقابليتها للتطبيق في هذا الواقع. بينما اشتمل الفصل الثاني على حكم الطلاق شرعاً. ومدى اشتراك الزوجين معاً في إمكانية إنهاء العلاقة الزوجية بينهما، وتضييق فرص إيقاع الطلاق بوضع قيود عديدة وصعبة لإتمام الطلاق، ثم ظاهرة الطلاق الصوري الذي أوقع الكثير ممن ارتكبوه في العيش في الحرام "الزنا". وأما الباب الرابع فقد تناول قضية التبني، وقضية التجنس التي شغلت كل أو أغلب المسلمين المقيمين في غير المجتمعات الإسلامية، والتي تضاربت فيها الآراء والاجتهادات من الإباحة المطلقة إلى المنع الكلي.
وخصص الباب الخامس للحديث عما له علاقة بآخر مراحل عمر المسلم وما أتاحه له الشرع الإسلامي للاستفادة من الجهود والأعمال التى بذل فيها طاقته وقدراته طول حياته، فشرع له حق الإيصاء، ورغبة في الاستفادة من ثروته التي قد ينتفع بها غيره عن ورثته، مثيراً بعض قضايا ونوازل الإرث واقتسام الثروة حسب التشريع الإسلامي، وما يعترض هذا التشريع من عقبات جراء وقوع بعض المسلمين في مخالفات شرعية أساساً: ثم ختم الباحث دراسته هذه بإبراز بعض النتائج التي توصل إليها، والنصائح التي يرى أن على المسلمين أن يستفيدوا منها. إقرأ المزيد