تاريخ النشر: 01/01/1995
الناشر: دار الفكر المعاصر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:لا ريب أن الشيخ أحمد بن علوان كان واحداً من أهم أكابر المتصوفة الذين أرسوا دعائم الصوفية في اليمن إن لم يكن أهمهم وأغزرهم علماً ومعرفة، فقد استطاع أن يؤسس أهم مدرسة صوفية استمر تلاميذها ومريدوها على عهدهم الخالص لله وللطريقة حتى اليوم، على الرغم من الاضطهاد والذي نزل ...بهم.
وليس بعيداً أن يكون ابن علوان الذي تتلمذ في بداية عهده على أقطاب الصوفية في اليمن قد أفاد من كبارة العارفين خارج اليمن، واستوعب حقيقة دعوتهم، قبل أن يؤسس مدرسته الروحية ذات الخصوصية اليمانية. من هؤلاء الأقطاب الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي. ومن خلال استعراض عناوين كتب الشيخ ابن علوان ندرك احتفاءه إن لم نقل تأثره بابن عربي، فقد ترك لنا صوفي اليمن عدداً كبيراً من المؤلفات منها: كتابيه (الفتوح والتوحيد) يخرج فيهما النثر بالشعر، ويزاوج بينهما، في أسلوب شفاف، ورؤية وجدانية مشبوبة، دون أن يقع، وهذا مهم، في الغموض التعبيري الذي كاد من خلال السياق الرمزي إلى اللبس، واتهام الصوفية بالشطحات، وبما هو أخطر كالضلال ومناقضة الرسل.
وقد ترك الشيخ ثروة لا بأس بها من الشعر الصوفي النابض بروح التجربة الصوفية وأشواقها ومقاماتها. وإذا كان الشعر الصوفي يتشكل من وحدة الموقف والتعبير كما تشير إلى ذلك الدراسات المعاصرة، فإن أحد طرفي هذه الوحدة، وحدة الفكر والشعور، قد حاول أن يستولي على الجانب الأكبر من مكونات التجربة الصوفية، وأن يشكل الخصائص الأوضح في أبعادها الشعرية. وبالنسبة لقطب متصوفة اليمن فقد توازنت هذه الوحدة في شعره المتداول وشكلت الحد الأقصى من مقتضيات التعبير والموقف. وتجدر الإشارة إلى أن شعر الشيخ قد تعرض عبر القرون المتعاقبة، وبسبب نقص واضح في ثقافة الرواة إلى تغيير يبدو أحياناً شاملاً، فسدت معه القصائد وتغيرت مواقع كلماتها وترتيب أبياتها، وأدى ذلك أحياناً إلى اهتزاز وتعثر في الإيقاع، وكان بعض أولئك الرواة يتعمدون التغيير، ظناً منهم أن القصائد ستكون بعد ما يطرأ عليها من تحولات، قريبة من فهم العامة، بغض النظر عما قد يلحق بالشعر من إساءة بالغة، وما قد ينال آثار الشيخ من تشويه وتبديل لغتها الفصحى باللهجة العامية.
إلا أن الباحث المحقق ومن خلال ما قدمه في هذا الكتاب أدى عملاً رائعاً بمراجعته لآثار الشيخ وغربلتها غربلة شاملة للمعروف منها، وتصحيحه الأخطاء المعتمدة من خلال عودته ما أمكن إلى المصادر الأصلية، ومقارنة الشائع المتداول من النصوص الشعرية بأقرب المخطوطات إلى عصر الشيخ، قبل أن تعبث بها الذاكرة الفردية أو الجماعية للعامة الذين كانوا وما يزالون شغوفين بترديد معظم هذه النصوص في المناسبات بألحان شجية تبركاً بها وإحياء لصاحبها، لا سيما تلك النصوص المنظومة في مجزوءات البحور والتي يردونها في أذكارهم اليومية. بالإضافة إلى شعر الشيخ أحمد بن علوان، قدم الباحث المحقق في هذا الكتاب ترجمة معقولة لقطب متصوفة اليمن، ثم ذيل الكتاب بعدد من الفهارس التوضيحية لتسهيل مهمة المتابعة والدراسة. إقرأ المزيد