تاريخ النشر: 01/01/2005
الناشر: دار الكتب العلمية
نبذة نيل وفرات:أصول الفقه من العلوم الإسلامية التي ازدوج فيها العقل والمسمع، واصطحب فيها الرأي والشرع، فإنه يأخذ من صغر الشرع والعقل سواء السبيل، فلا هو تصرف بمحض العقول، بحيث لا يتلقاه الشرع بالقبول، ولا هو مبني على محض التقليد، الذي لا يشهد له العقل بالتأييد والتسديد. وهذا العلم من أجل ...الفنون قدراً، وأدق العلوم سراً، عظيم الشأن، باهر البرهان، أكثرها للفضائل جمعاً، وفي تخريج الأحكام الإلهية نفعاً، ويكون الرجل فيه في الأسرار الربانية بصيراً، وعلى حل غوامض القرآن الكريم قديراً.
وأما تعريف أصول الفقه فهو العلم بالأحكام الشرعية المكتسب من أدلتها التفصيلية. فهو يبحث في الأوامر الواردة في الكتاب والسنة وكذلك النواحي فيهما، وينظر في أحوال هذه الأدلة وكيفياتها المتنوعة من أمرٍ ونهي وعام وخاص بالبحث فيها يظهر له أن الأمر يفيد الوجوب، والنهي يفيد التحريم. وقد ألف في هذا العلم علماء السلف نقاؤهم وأصوليوهم، وأبو الحسين محمد بن علي بن الطيب البصري، هو أحد أئمة السلف وأيضاً أحد أئمة الاعتزال وهو من الذين كان لهم تصانيف كثيرة، وأثاره في الأصول معروفة، وكلماته مدونة له: المعتمد في أصول الفقه، الكتاب الذي نقلب صفحاته، شرح به العمد للقاضي عبد الجبار الهمداني، وهذا الكتاب يمثل أحد أركان الأصول التي اعتمدها الرازي، والآمري، بل وكان الإمام الرازي يحفظه عن ظهر قلب مع ثلاثة كتب أخرى في هذا العلم وهم: العمد، شرح العمد، المعتمد، المستصفى كتابين هما المستصفى لحجة الإسلام الغزالي (505 هـ) والمعتمد لأبي الحسين البصري. وأبو الحسين البصري هو محمد بن علي بن الطيب البصري، شيخ المعتزلة صنفه الحاكم أبو السعد الجشمي في الطبقة الثانية عشرة من المعتزلة. اتفقت عبارات المؤرخين على ذكائه وبراعته العلمية. بصري، سكن بغداد مدرس بها الكلام وله حلقات كبيرة، وكان قوي العارضة في المحاولة والدفاع عن آراء المعتزلة.
وكتابه المعتمد هو مصدر أحصل في آراء واستدلالات المعتزلة بصفة خاصة. وسجل حافل بآراء الأصوليين الآخرين، وأدلتهم مع التحليل المسهب والنقد العلمي المجرد. وهو واحد من الكتب الأربعة المعتبرة أركان علم أصول الفقه، ومنه أخذ فخر الدين الرازي كتابه المحصول. وما منهجه فيه، فإن لأبي الحسن البصري منهج ثابت على مدى مناقشته للموضوعات كافة وهي: أولاً ينهج منهج التحليل العلمي، يعتمد المناقشة الصريحة. ثانياً محاولة ربط الموضوعات بعقيدة الاعتزال في التحسين والتقبيح ووجوب الأصلح. ثالثاً: استيعاب الوافي للآراء والأقوال، وخاصة في نقله عن القاضي عبد الجبار وحكاية آرائه وأقواله مع التنويه بمواقفه. رابعاً: الإكثار من الأدلة مع العرض المسهب لأدلة المخالفين والإجابة عليها في أنصاف واعتدال. خامساً: الاستدلال لرأيه ولآراء الآخرين... وعلى نفس المستوى. هذا ولم يلتزم في منهجه أسلوب التقليد، بل كان له اجتهاداته حتى خالف المعتزلة في غير موضع. هذا ويعتبر الكتاب مأثرة من مآثر المؤلف، وثروة علمية، ومفخرة أصولية، وحصيلة جهد فكري أصيل يسهم في اثراء الفكر الإسلامي والمكتبة الأصولية بوجه خاص. إقرأ المزيد