تاريخ النشر: 01/01/1994
الناشر: المؤسسة الحديثة للكتاب
نبذة نيل وفرات:فن التوشيح هو أول ثورة مجدّدة حققها الشعر العربي عبر مسيرته الطويلة . وهذا التركيز يتركز بشكل رئيسي في الأوزان والقوافي ، فقد اصطنع الوشاحون في موشحاتهم أوزاناً محدثة تختلف عن أوزان البحور العربية المعروفة وربطوها بالموسيقى ونوّعوا في القوافي إلى حدّ لا يكاد ينحصر ، واعتمدوا وحدة المقطوعة ...لا وحدة البيت ، كما استخدم بعضهم اللغة العامية أو الأعجمية في الخرجة التي هي أهم جزء من أجزاء الموشحة . قال إبن سناء الملك في كتابه " دار الطراز " : " والخرجة عبارة عن القفل الأخير من الموشح ، والشروط فيها أن تكون حَجاجيّة من قبل السُّخْف ، قزمانية من قبل اللحن ، حارة محرقة ، مادة منضجة ، من ألفاظ العامة . وهي إبراز الموشح وملحه وسكّره ومسكه وعنبره ، وهي العاقبة . وينبغي أن تكون حميدة ، والخاتمة بل السابقة ، وإن كانت الأخيرة . وقولي : السابقة لأنها التي لا ينبغي أن يسبق الخاطر إليها ، ويحملها من ينظم الموشح في الأول وقبل أن يتقيّد بوزن أو قافية " . ولكن هذا التجديد لم ينحصر فقط في مجال الوزن والقافية ، فهناك أمور أخرى تميّز الموشحة عن القصيدة . قال الدكتور الأهواني : " والتجديد في الأوزان والقوافي هو بغير شك أوضح ما يفرق بين القصيدة والتوشيح . . . ومع ذلك فنحن نستطيع من ناحية فن القول ؛ أي من ناحية المعاني والأخيلة وأساليب التعبير ، أن نجد في الموشحات شيئاً أو أشياء يمكن أن تكون جديدة ، وأن تجعل الموشحة مختلفة عن القصيدة في بعض الجوانب . فالموشحات من ناحية الأغراض ركّزت في المقام الأول على الغزل ولم تتسع لكل الأغراض التي اتسعت لها القصيدة العربية . وهذا أمر طبيعي في منظومات وُضعت أصلاً للغناء ، وهي في إطار الغزل تعالج بعض ما يتصل من موضوعات كوصف الطبيعة والحديث عن الخمر " . وإلى هذا ، فقد حظيت الموشحات باهتمام عدد كبير من الباحثين في المشرق والمغرب ، فتحدثوا عن أصلها ومخترعها وأوزانها وموضوعاتها ، وطرح كلّ واحد منهم وجهة نظره ، لذا فقد اكتفى المؤلف في كتابه هذا بتقديم روائع الموشحات الغزل في الأندلس والمشرق ، على اعتبار هذا الموضوع - الغزل - من أهم الموضوعات التي عالجها الوشّاحون ، لارتباطه الوثيق بالموضوعات الأخرى كالمديح ووصف الطبيعة والخمر ؛ فالوشّاحون كانوا يستهلون معظم موشحاتهم المدحية بالغزل ، ويختمونها به ، كما كانوا يمزجون الغزل بالخمر ووصف الطبيعة . وإن بواكير الموشحات التي وصلت كانت غزلية كموشحات عُبادة من ماء السماء ، وابن رافع رأسه وإبن القزاز والأعمى التطيلي وغيرهم . وهذا أمر طبيعي لأن الموشحات نُظّمت أصلاً للغناء . والغزل - كما سيلحظ القارىء - هو من أهم موضوعات الغناء . وعليه ، فقد اشتمل هذا الكتاب على هذه الموشحات التي تم شرح ما انطوت عليه من كلمات غامضة ، كما تم تقديم ترجمة لأصحابها مع ذكر أهم المصادر والمراجع التي عاد إليها المؤلف والتي وردت فيها هذه الموشحات ، مرتباً الوشاحين حسب تاريخ الوفاة . ولمزيد من التوضيح ، فقد ضمّت هذه المختارات موشحات لوشّاحين أندلسيين ومشارقة يمثّلون جميع طبقات المجتمع ، فمنهم الشعراء والوزراء والكتّاب والأطباء والفلاسفة والحرفيون والعميان ، كما تمّ تضمين هذه المجموعة من الموشحات ، موشحة لملك غرناطة " يوسف الثالث " وأخرى لشاعرة أندلسة هي " نزهون بنت الكلاعي " . إقرأ المزيد