الوحدة اليمنية - دراسات في عملية التحول من التشطير إلى الوحدة
(0)    
المرتبة: 186,953
تاريخ النشر: 01/01/1994
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية
نبذة نيل وفرات:لم تنل الوحدة اليمنية الكثير من الاهتمام البحثي والعلمي المناسب لها ولقيمتها عربياً وقومياً. وكثير من الذين تابعوا القضايا اليمنية المختلفة في عقدي السبعينات والثمانينيات لم يتصوروا أن الوحدة اليمنية قابلة التحقيق، وغلب على العديد من تلك التحليلات -ومعظمها تحليلات عابرة- قدر من التشاؤم.
وواقع الحال أن عديداً من اليمنيين ...وبعض العرب اعتقد أن الوحدة اليمنية لن يقدر لها التحقق إلا بعد فترة طويلة، وإن عوامل الفرقة والتشطير عي أكبر من عوامل الاندماج والتوحد.
ومن اللافت للنظر أن إعادة الوحدة اليمنية كما تمت في أيار/مايو 1990، وما سبقها من عمليات وإجراءات تنظيمية واتفاقات ومبادئ وتوازنات سياسية داخلية وحزبية، كانت محلاً للاهتمام المكثف من جهات ودوائر بحثية وغير بحثية ألمانية وكورية وأمريكية، في الوقت الذي غابت فيه الدراسات العربية المتابعة للخطوات والمقدمة للتحليلات لهذا الحدث اليمني والعربي الهام. وفي هذا الصدد تكمن مفارقة كبرى.
والمحاولة التي بين يدي القارئ هي محاولة لاكتشاف تلك العملية بجوانبها السياسية والفكرية والنظرية والإجرائية والمحلية والإقليمية، التي قادت في النهاية إلى واحد من أهم الإنجازات العربية المعاصرة، في الوقت الذي يصول فيه التدهور ويجول الإنقسام والتشرذم في ربوع النظام العربي. ولعل هذا الجانب المشرق في حدث الوحدة اليمنية-المتعلقة بإنهاء عقبة كأداة في التجزئة والتشطير- يتجلى أكثر وضوحاً من خلال المقارنة السريعة بما شهده ويشهده الصومال منذ مطلع عام 1990 مثلاً، حيث انفرط عقد الدولة فيه، وسادته الروح القبلية والمناطقية، وتفككت أوصاله على نحو مثير ومحزن معاً.
وعلى أية حال فإن الدافع وراء إنجاز هذا العمل البحثي يكمن في التعرف عن قرب على ما تطرحه الحالة اليمنية في التشطير والوحدة من دروس ودلالات، وبما يمكن أن تقدمه من الناحيتين الفكرية والعملية/السلوكية للفكر القومي ولدراساته في التجزئة والقضاء عليها، وفي الوحدة وسبل تحقيقها سلمياً وتطورياً وديمقراطياً. ويعتقد الباحث أن الحالة اليمنية تموج بالعديد من الدروس الهامة، التي تسد الكثير من النقص فيما يمكن تسميته "علم الوحدة العربية". فالحالة اليمنية تطورت عبر التاريخ من الوحدة إلى الانقسام والتشطير، ثم إلى الوحدة مرة أخرى. إنه التطور نفسه الذي عاشته الأمة العربية وما زالت تعيشه عبر تكوينها الطبيعي منذ مطلع التاريخ.
ثمة سبب آخر دفع الباحث إلى الاهتمام بدراسة الوحدة اليمنية، و هو سبب ذاتي محض، يخص الباحث الذي كان له شرف التنبؤ بحدوث الوحدة في حال تغير كيفي ونوعي يصيب أحد النظامين الحاكمين، بالدرجة التي تسمح بالقفز على المعوقات الشكلية والظاهرية التي منعت مشروع الوحدة اليمنية من نموه الطبيعي في مراحل زمنية سابقة.
وبين دفتي هذا الكتاب تتبلور المحاولة البحثية على نحو شمل ثلاثة أقسام رئيسية إلى جانب فصل تمهيدي حاول إلقاء الضوء على البعد التاريخي للوحدة اليمنية.
أما القسم الأول فمتعلق بدراسة الجوانب الفكرية والإدراكية للوحدة اليمنية عبر دراسة المحتويات الفكرية والسياسية التي تضمنتها وثائق القوى والأحزاب والتنظيمات اليمنية في التاريخ الحديث والمعاصر حول مسألة الوحدة وكيفية الوصول إليها، إلى جانب دراسة الجوانب الفكرية والإدراكية للوحدة اليمنية للنخبة السياسية في الشطرين. وتضمن القسم أيضاً في فصله الثالث تحليلاً لمضمون بعض الوثائق الرئيسية للوحدة.
أما القسم الثاني فمتعلق من حيث الجوهر بدراسة التطور والتراكم في العملية الوحدوية، وما حوته هذه العملية من صدامات مسلحة أو حوارات وحدوية ومشروعات سياسية وإجراءات تنظيمية وغير ذلك.
القسم الثالث والأخير، يعني بدراسة حالة دولة الوحدة اليمنية في الفترة من تشرين الثاني/نوفمبر 1989 إلى أيار/مايو 1993، من خلال دراسة كافة الضغوط والعمليات التي سبقت قيام الوحدة مباشرة، ثم دراسة حالة أخذت شكلاً ميدانياً إلى حد ما -عبر زيارتين طويلتين إلى صنعاء وعدن تمتا في تشرين الأول/أكتوبر 1991 وأيلول/سبتمبر 1992- عن ممارسة وأداء دولة الوحدة طوال الفترة الانتقالية على الصعيدين الداخلي والخارجي، والرسمي والشعبي معاً. وفي إطار هذا الفصل، كان طبيعياً أن يدرس الباحث الوحدة اليمنية في سياقها القومي العربي فكرياً وسياسياً، وكخطوة لازمة من أجل بناء علم توحيد عربي يستند في الأصل والجوهر إلى حالات عربية وأصيلة. إقرأ المزيد