تاريخ النشر: 07/07/2022
الناشر: المركز الثقافي للكتاب
نبذة الناشر:أصابته رَهّبَة غريبة وهو يتذكّر والِدَهُ الذي ورث القتل من الحرب العالمية الأولى، فَقَتَلَ ولده عليّ بالبندقية نفسها التّي قَتَلَ بها أعداءه، هل القتل الأوّل لعنة تَعْلَقُ بروح القاتل ولا تَبْرَحُه إلاّ بقَتْلِ الولد أو النّفس؟ هل حقاً لحظةٌ من القتل، أبديّة من الدِّماء؟.
هكذا بدأت تَرِدُ دَخيلَتَهُ قافلة من الهواجس ...المُتدافعة، أصبح لا يَتَنفّس إلاّ رائحة الدّم والجُثَث، وغبار الأنقاض والمقابر، هواجس أتاحت له أن يسبح في ذكريات أخيه حين عودته من باريس وهو يجادل والده حول النّازية والإستعمار الفرنسي.
كان عليّ يقول: ألمانيا النّازية امتداد بشع لفرنسا المُسْتَعْمِرَة، هما معاً يقيمان فخاً للحياة، يخلقان في بني مُسْتَعَمَرَاتِهم غبطة القتل وشهوة العدوان.
فرنسا وألمانيا جسد واحد مَلْعونٌ تتشابك فيه الشُّرور، كلاهما شيطان من الجنس نفسه والهُويّة، خُيِّل إليه أن أخاه عليّ يَنْحَني فوق أحد كتفيه همساً، قُلْ لي يا موسى؛ هل خُلِقَتُ فيك غبطة القتل تآخيا بالشيطان؟.
لم يعد يعرف إن كان الموت يزدوج في الرّوح كما يزدوج في البدن: موت في القلب وموت في العقل.
لا يعرف إن كان للموت حياة كما للحياة موت، شعر، وهو يتقدم الصّفوف على خطّ واحد من إخوته المغاربة، إنه يتمزّق على نحو مخيف وغريب، لم يعرف هل رُوحُه التّي تتمزّق أم أحشاؤه الدّاخلية التّي تنفطر؟ حزّ في نفسه أنّه لم يعرف أن يكون حُراً، عصياً على أن يعيش ككتلة قابلة للتّطويع منصرفة إلى السهل، لا حياة في كفّ الخوف، الموت وحده هو الحرّية.
هكذا حدث نفسه قابضاً على رشّاشه بكلتا يديه، وكأنّه يقبض على حلم يحاول أن يفرّ من بين أصابعه.
أجهزت عليه رغبة في القتل وكثير من الأفكار السّوداء، حوّلته إلى حيوان كاسر، تغيّر داخله المقلاق إلى نوابض غاضبة ترتقي في مدارج التّحدي والخيلاء الغامض.
هكذا أصبح حاله، وهو يترجّل في اتّجاه المعركة متسربلاً زخم الأفكار والأحاسيس التّي غَشَت نارها دمه، ردّد في نفسه، لا تفريج لكربه إلاّ بحصول القتل مزدوجاً، إما قتل للآخر أو موته: وذلك أسمى تجويد للحياة. إقرأ المزيد