كورونا وسؤال الأخلاق - نحو ميثاق إنساني جديد
تاريخ النشر: 17/05/2022
الناشر: ألفا للوثائق
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة الناشر:سعى الإنسان مندُ القديم إلى اكتساب المعرفة التي تمكنه من العيش في سعادة من خلال السيطرة على الطبيعة وتطويعها لخدمته، وهو الذي امتلك كل أليات التفكير العلمي والتقني بما وفّرتهُ له التقنية من أدوات ومنجزات تساعده على تحقيق حلمه الموعود مند فترة الأنوار والحداثة الغربية التي أعلنت بداية مرحلة جديدة ...في تاريخ الوجود الإنساني هي مرحلة الثورات العلمية وما تقدمه من خدمات جليلةٍ للإنسان الباحث عن مزيدٍ من التقدم العلمي والتكنولوجي بغية إرواءِ ظمأه في امتلاك المزيد من التقنيات التي تُسَّهِلُ له مهمة السيطرة على الطبيعة وفقاً للمبدأ الديكارتي القائمِ على أن الإنسان سيدٌ للطبيعة مالك لها، فهل نجح في مهمته حقيقة أم أن الواقع قد فرض منطقاً جديداً في علاقة الإنسان بالطبيعة؟، وهو الذي امتلك كل مقاليد القيادة بما اتاحهُ له العلم المتحالف مع التقنية.
بالرجوع إلى تلك المحطات الحاسمة في تاريخ الإنسان نسجلُ العديد من التحولات الكبيرة التي عرفها الإنسان مند الفترة الحديثة التي دشنتْ تفوق عقل الأنوار على سلطة الكنيسة المقيّْدةِ لكل أشكال التفكير الحر، ومن ثمة تفوق العقل العلمي على كل الأشكال الأخرى من التفكير، تبعتها مرحلة ما بعد الحداثة ومحاولة استكمال مشروع حداثي لم يكتمل وفق النظرية التواصلية لهابرماس التي دعت إلى استكمال مشروع الأنوار والحداثة وصولاً إلى المرحلة الراهنة التي يمكنُ تسميتها بمرحلة الثورات العلمية الرهيبة التي كشفت عن الكثير من الأسرار التي كانت قبل فترة قصيرةٍ جداً من قبيل قصص الخيال العلمي أو حكايات روائية لا تصدقُ على الواقع المعاش، ولكن العلم لا يعرف حدوداً، فقد تمكن بما امتلكه من أدوات من جعل الخيال حقائق مجسدةٍ على أرض الواقع نجدها حاضرة في منجزات الثورة الفيزيائية مع ما قدمته فيزياء الكم من حقائق جديدة عن عالم الأجسام والطاقة لتعلن عن مرحلة جديدة في تاريخها هي مرحلة الفيزياء الكمومية وما قدمته إلى باقي الفروع المعرفية الأخرى من خدمات نجدها في الهندسة الوراثية والكشف عن أسرار الكائن الحي الذي كان الحديث عنه من قبيل المحرمات والأمور المقدسة التي لا يجب البحث فيها أو إخضاعها للتجربة والتشريح، ولكن كل شيء تغير مع انجازات داروين في علم التطور الذي أنزل الإنسان من السماء إلى طاولة المخبر التجريبي بما قدمته نظريته من اسهامات جليلة لا يمكن التغاضي عنها مهما كانت الظروف، تبعتها انجازات أخرى في المجال ذاته لعل أهمها اكتشاف الحمض الريبي النووي المنقوض الأكسجين المسؤول عن الحياة داخل كل كائن حي ليحدث انفجاراٌ رهيباً داخل علم الأحياء حيث تم وبنجاح فك الشيفرة الوراثية للإنسان وقراءة جينومه البشري الذي أصبح بإمكان كل إنسان في العالم أن يحمله معهُ على قرص مضغوط، من هنا تنهمر مياه التجارب البيولوجية التي أخضعت الكائن الحي إلى التجريب وبنجاح لا مثيل له على الإطلاق وكان من أدلة ذلك ما بَلَغَتْهُ البيو تكنولوجيا في القرن العشرين من تقنيات حديثة في الانجاب وأطفال الأنابيب، إلى قضايا الاستنساخ بنوعيه العلاجي والتحسيني، التهجين، الخلايا الجذعية، زراعة الأعضاء، الطب الوراثي، تقنيات التجميل وغيرها من الافرازات التي عَزّْزَتْ قدرة العقل البشري في السيطرة التامة على الطبيعة وأعطته ثقة إضافية في تصنيع كل ما يريد، ولم تتوقف عجلة التقدم العلمي عند هذا الحد فقط بل شهد العالم ثورة أخرى هي الثورة المعلوماتية بقوتها الرهيبة في تقنيات الاتصال والتواصل المعلوماتي بما أتاحته من أجيال جديدة في تدفقات الانترنيت، حيث يعيش العالم اليوم على جيلها الخامس العالي الدقة والتدفق. إقرأ المزيد