تاريخ النشر: 21/09/2022
الناشر: دار المحجة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:مناجاة الخاشعين: الهي توعّرت الطرق وقلّ السالكون فلكن أنيسي في وحدتي وجليسي في خلوتي فإليك أشكو فقري وفاقتي وبك أنزلت ضُرِّي ومسكنتي لأنك غاية أمنيتي ومنتهى بلوغ طلبتي...
فيا فرحةٌ لقلوب الواصلين ويا حياة لنفوس العارفين ويا نهايَةَ شوق المحبين أنت الذي بفنانك حطّت الرحال وإليك قصدت الآمال وعليك كان ...صدق الإتكال.
فيا من تفرّ وبالكمال وتسربل بالجمال وتعزّز بالجلال وجاد بالإفضال لا تحرمنا منك النوال... إلهي بك لاذت القلوب لأنك غاية كل محبوب وبك استجارت فرْقاً من العيوب... وأنت الذي علمت فَحَلُمْت ونَظَرْتَ فَرَحِمْتَ وخَبَرت وسترت... وغَضِبْتَ فغفرت... فهل مُؤَمّلٌ غيرك فَيُرجى أم ربٌّ سواك فَيُخشى أم هل معبود سواك فَيُدْعى أم أهل قدَمٌ عند الشدائد إلا وهي إليك تسعى... فَوَ عزِّ عِزِّك يا سرّ الأرواح... ويا منتهى غاية الأفراح... إني لا أملك غير ذُليّ ومسكنتي لديك وفقري وصدق توكُّلي عليك... فأنا الهارب منك إليك... وأنا الطالب ينْكَ ما لا يخفى عليك... فان عَفَوْت فَبِفَضْلِكَ وإن عاقبت فَبِعَدْ لك... وإن مننت فيجودك وإن تجاوزت فبدوام خلودك [...].
اعلم بأن الحب هو عصارة الوجود والصلة بين العابد والمعبود، وكل شيء تبحث فيه عن سعادتك وكمالك إنما باعثه الأصلي هو الحب: "منذ الأزل تفتق ضياء حسنك عن نور التجلّي / فبدا العشق جَليّاً واشتعلت ناره في جميع الأكوان [...].
فبالحب تجلّى عزّ اسمه من كون غيبه الحصون فأشرقت شمسه على الذوات عشقاً واستنارت بنور جماله تألقاً، فالمجلى الأول لحضرة قدسه هو الحب، لذا يا عزيزي هذا الحب المتأجج لهيبه في فضاء وجودك ما هو إلا جذوة نار نُفِخَت في صقع روحك منذ الأزل ليكون رأسمال السعادة التي هي مبلغ الغايات وكمال النهايات...
إن هذا العراق الحبي القائم على ركني التوحيد والمعرفة وهذا العشق الإلهي المتوقد من الفطرة المخمّرةِ بنار عشقه ونور معرفته هو الباعث لكل فضيلة وتألّق في سماء التوحيد والمعرفة، وفي جلباب نوره ينطلق المريد بسيف ذكر معشوقه ليقطع كل مخالب السوانية من حاق وجوده.
وبهذا الحب الخالص الصافي يصل المجذوب إلى البقعة المباركة من شجرة التجلى ﴿ أَنَا اللَّهُ ﴾... [سورة القصص، الآية 30] لينادي من الطور الأيمن ويستمع إلى كلام محبوبه: ﴿ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾... [سورة النمل: الآية 8].
فالعشق كنزٌ خفيٌّ مغمورٌ في كل قلب، وما عليك إلا أن تستنقذه من غمرات الظلمات ليلهب وجودك ويدك جبل أنيّتك فتسطع شمس محبوبك من بطنان عرش وجودك: ﴿ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ ﴾... [سورة الأعراف: الآية 143] ليجعل وجودك دكّاً وتخرّ في محضر قدسه صعقاً وتقرّ جزماً ﴿ سُبْحَانَكَ ﴾... [سورة الأعراف: الآية 143].
وما هذا السفر الطيب الذي بين يديك إلا قبسٌ من جذوة نار العشق الإلهي المتوقد في جوهر روح الإمام الخميني، ومن هذه الجذبة النورية والشعلة الملتهبة أخذ مصنف هذا الكتاب منها قبساً يلهب أرواح التائقين للخروج من الأسر والإنعتاق من نير الذلّ والهوان والهجران ليدخلوا إلى صرح المحبوب ويتصلوا بأكمل مطلوب وأعزّ مرغوب عزّ شأنه...
لذا، وسم كتابه هذا بـ (جذوة عشق)، فهو كحبات لآلئ التقطت من محيطات الأفلاك النورية الخمينية، ليكون منهجاً قويماً لمن أراد أن يتعرف على المنهج المعرفي للإمام سواء من الناحية النظرية أو من الناحية العملية، فهذا الكتاب من مهماته صناعة الفرد على منهج الإسلام الأصيل... فهو ترامي الأطراف في مواضيعه، وعلى وجه الخصوص، تلك التي تتعلق بالتوحيد والمعرفة والعشق الإلهي. إقرأ المزيد