سوريا والصراع الدولي - محمد علي والحسابات الخاطئة
(0)    
المرتبة: 54,722
تاريخ النشر: 06/11/2020
الناشر: دار البلد
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:عندما كان محمد علي باشا يفكر في احتلال بلاد الشام، لجعلها حاجزاً فاصلاً بين مركز حكمه في مصر وبين مركز حكم السلطان العثماني في الآستانة، كانت السلطنة العثمانية تعيش صراعات مختلفة ومتعددة الوجوه، وتعاني من جملة من الأعراض كانت تزيد من ضغطها الدبلوماسي والعسكري عليها، وتسعى للتوسع على حسابها ...كدولتي روسيا والنمسا، كما كانت فرنسا وانجلترا تتربصان بأجزاء مختلفة من أراضيها، وتحاولات اغتصابها بقوة السلاح والتدخل العسكري المباشر.
ومن جهة أخرى، فقد كانت الثورات والإنتفاضات المحلية تشغل قسماً كبيراً من قواتها العسكرية، وتهدر جزءاً كبيراً من إمكانياتها المادية والبشرية، حتى تتمكن من إخمادها، مثل الثورة اليونانية، وثورة مدينة دمشق، والحركة الوهابية، التي نزعت نزوعاً عربياً، مطالبة بحقوق العرب السياسية، ومهددة سيطرة السلطان على الجزيرة العربية، والخليج العربي وبلاد الشام حتى غدت خطراً يقض مضجع السلطان، ويثير مخاوفه على كيانه السياسي في معظم الولايات العربية في المشرق العربي.
وعندما أصبح السلطان بحالة من العجز لا تساعده على إخماد هذه الإنتفاضات بدأ يفكر بالقضاء عليها، مستعيناً بقوات ولاته الأقوياء كمحمد علي باشا في مصر، لأنه ولاته الآخرين كانوا أعجز من أن يحققوا له مبتغاه، حيث هزم الوهابيون والي العراق، فوصلوا إلى نقطة قريبة من بغداد، وعجز والي الشام عن حماية حدوده التي اخترقوها حتى كادوا يهددوا مدينة دمشق نفسها، مما حتم على السلطان التوجه إلى والي مصر لتكليفه بهذه المهمة الخطرة لعله بذلك يحقق هدفين دفعة واحدة، أولهما القضاء على التحدي الوهابي الذي سيطر على الأماكن المقدسة في الحجاز وهذه دمشق وبغداد، وثانيهما: إضعاف محمد علي باشا الطامع بالإستقلال، والمتطلع إلى توسيع رقعة ولايته لتشمل أجزاء مختلفة من ممتلكاته؛ لأن هذه المهمة حسب وجهة نظر السلطان، ستكبد محمد علي خسائر جسيمة في المال والرجال، وتقلل من علي تحقيق أطماعه غير المحدودة.
غير أن ولي مصر لم يرَ هذه المهمة بالعين التي رآها بها السلطان، فكان من جهة يأمل من تدخله هذا تحقيق أهدافه، وتقصير الطريق التي ستحمله إلى أمانيه، وتمكنه من احتلال بلاد الشام بعد إخضاع الحجاز.
ومن جهة ثانية، يرى في ذلك تدريباً لجيشه على القتال في الولايات العربية، ومن ثم التخلص بهذه الحرب من كبار ضباطه المماليك الذين يرغب بالتخلص منهم.
وفي هذا الإطار تأتي هذه الدراسة التي يتعرض الباحث من خلال فصولها للأسباب التي دفعت محمد علي لإحتلال بلاد الشام، وللظروف التي مكنته من السيطرة عليها بقوة السلاح، ولتلك العلاقة التي تربط ما بين أهدافه هذه، وللظروف التي مكنته من السيطرة عليها بقوة السلاح، وبين إجراءاته الإدارية والإقتصادية والإجتماعية والعسكرية من جهة، وبينها وبين مواقف الدول الأوروبية من حكمه هذا من جهة ثانية.
وإلى هذا، فإن أهمية اختيار الباحث لهذا الموضوع يأتي من أن فترة حكم محمد لبلاد الشام قد شكلت فاصلاً مهماً أدى إلى انحسار حكم السلطان عنها لفترة دامت نحو عشر سنوات، وأدخلت المنطقة في دائرة اهتمامات الدول الأوروبية لدرجة أثرت في تاريخ العرب الحديث تأثيراً حاسماً، وأحدثت انعطافاً في حركة التطور الداخلي فيه، خلق مفاهيم سياسية وفكرية خطيرة، وزعزع أسس الإقتصاد المحلي وربطه بحركة الإقتصاد السياسي لدول أوروبا الإستعمارية وأقام علاقات وأشكالاً اجتماعية تخدم السياسة الأوروبية، وتحرّض وحدة بلاد الشام للتمزق، وعَرَض وحدة بلاد الشام للتمزق.
ومن الجدير بالذكر أن أهمية البحث، كما يشير الباحث أيضاً، تأتي من الواقع المنسجم إلى حدٍّ كبير بين الخط السياسي الأوروبي وذاك الذي حاول محمد علي باشا أن يقيمه مستوحياً معالمه من النمط الأوروبي، مضيفاً بأن هذا ما دفعه إلى اقتحام تلك المهمة الخطرة، علّه يصل إلى عمق تلك العلاقات المختلفة لحكمه في بلاد الشام، وبيان تأثيرها في المجتمع الشامي؛ خاصة أن هذا الحكم حافظ على الإطار السياسي العام لحكم السلطان العثماني، وعلى الروح التي كانت سائدة فيه وعلى مميزاتها العامة.
وقد تكون البحث من مقدمة وستة فصول وخاتمة تم في الأول من الفصول التعرض لأسباب الاحتلال ودوافعه ولحقيقة أهدافه، ليتم الإنتقال في الفصل الثاني لدراسة تنظيمات الحكم الإدارية، ثم التعرض لتنظيم الحكم الاقتصادي في الزراعة والصناعة والتجارة المالية والضرائب العامة وذلك في الفصل الثالث، ليتم من ثم في الفصل الرابع دراسة سياسة الحكم في التعليم وعلاقات تنظيماته بالحياة الإجتماعية، ومدى انعكاسها على المجتمع الشامي وحركته الداخلية، وليعرض الباحث في الفصلين لحقيقة مواقف الدولة الأوروبية من هذا الحكم والتي كانت محكومة بمبادئ السياسة الإستعمارية الداعية إلى اقتسام العالم وجعله مناطق نفوذ للرأسماليات الأوروبية الفرنسية والإنكليزية والروسية والنمساوية والروسية وغيرها، ليتم من ثم إلقاء الضوء على موقف حكم محمد علي من هذه السياسة الخطرة.
وأخيراً تجدر الإشارة إلى إنه وبعد نفاذ الطبعة الأولى والثانية من كتابه (سوريا والصراعات الدولية) ازدادت قناعة الباحث - كما يذكر - إلى وضع هذه الطبعة بين يدي القارئ، مضيفاً أنه لا عجب في ذلك "فازدياد حجم التدخل الإقليمي والعالمي السياسي والمسلح الراهن بعيد إلى الأذهان المشهد السياسي والعسكري في مصر والشام في القرن التاسع عشر. إقرأ المزيد