تاريخ النشر: 08/01/2020
الناشر: دار روافد للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:إن هذا الكتاب هو دُستورُ الغرائبُ وفهرستُ العجائب؛ ولا يَعرفَ إلاَ مَن تَسْنَّم قِلال شواهِق هذه الصِّناعة بحقِّ، وجَرى في مَيدانها أشواطاً على عِرَقٍ، وعرف أن "لا كلّ سوداء تمرةٌ ولا حمراءَ جَمرةٌ"، وذلك يدلُّ على أنّه رضي الله عنه ذو قدم راسخة في الحكمة، ويدٍ طويلة في الفلسفة، ...وجنانٍ ثابت في الكشف، وذوقٍ تامٌ في "فقِه الأنوار".
لكن حكمته - البحثيّة والذوقيّة - هي على طريقة الإشراقيّين، وهي التي قرّرَها وأخبرَ عنها الصّدرُ الأوّل من الحكماء الّذين هم من جملة الأصفياء من الأنبياء والأولياء، كآغاثاذيمون وهرمس وأنباذقلس وفيثاغورس وسقراط وأفلاطن وأمثالِهم، ممَّن شهدتْ أفاضلُ الأمم السّالفةِ بفضلِهم، وأقرّت أماثلُ المللِ المتخالفة بتقدُّمِهم؛ وذلك لتشبُّههم بالمبادئ وتخلُّقِهم بأخلاق البارئ بتجرُّدهم عن المادة من جميع الوجوه، وإنتقاشهم بالمعارف على ما عليه الوجود؛ "أولئك هم الفلاسفة حقّاً"، فإنّ "الفلسفة هي التشبُّه بالإله بحسب الطّاقة البشريّة، لتحصيل؛ السعادة الأبديّة"، كما أمر الصادق عليه السلام به، في قوله "تخَلَّقوا بأخلاق الله": أي تشبَّهوا به في الإحاطة بالمعلومات والتّجرُّد عن الجسمانيّات.نبذة الناشر:يقول الشارح قطب الدين الشيرازي في المقدمة حول هذا الكتاب: إن المختصر الموسوم بــ "حكمة الإشراق" للشيخ الفاضل والحكيم الكامل، ... شهاب الملّة والدين، سلطان المتألهين، قدوة المكاشفين، أبي الفتوح، يحيى بن حبش السهروردي... المخزون بالعجائب، المشحون بالغرائب، وإن كان صغير الحجم، وجيز النظم، كثير العلم، عظيم الإسم، جليل الشأن، واضح البرهان، لا نعرف على وجه الأرض – فيما بلغنا – كتاباً في النمط الإلهي، والنهج السلوكي أشرف منه وأعظم، ولا أنفس ولا أتمّ، من شأنه أن يكتب سطوره بالنور... ويُنْقَشَ معانيه بقلم العقل على لوح النفس باطناً... وما نقرأه في هذا الكتاب إنما هو حكمة الشيخ وإعتقاده... خلاصة من المسائل المبرأة عن الشكوى، ونقاوة أذواقه الحاصلة له في السير والسلوك؛ وبه وصوله إلى الله الكريم، وحصوله على ما هو فيه لذّة النعيم؛ ولهذا ما يمدحه في أكثر الكتب والرسائل، ويُحيل عليه ما أُشْكِل من المسائل؛ وذلك لإشتماله من الحكمة البحثية على أولاً وأنفعها، ومن الحكمة الذوقية على أسناها وأرفعها إذ كان شيخ الإشراق السهروردي مبّرزاً في الحكمتين، بعيد الفور فيهما؛ لا يُدْرُك شأوه ولا يُلحق غوره؛ وكيف لا، وقد نطق بأمورٍ شريفة مكنونة، وأسرارٍ نفيسه مخزونه ، خلا عنا "إشارات" من سبقه من الحكماء، و"تلويحات" من تقدّمه من الأولياء؛ من ذلك: عِلمُ "عالم الأشباح" الذي به يتحقق بعثُ الأجساد، بل جميع مواعيد النبوّة، وخوارق العادة من المعجزات والكرامات والإنذارات والمنامات... إلى غير ذلك من الأسرار اللاهوتية والأنوار القيومية التي لا يكشف عنها المقالُ غير الخيال؛ إذ ليس كلّ العلوم يحصل بالقيل والقال؛ بل منها ما لا يحصل إلا بتلطيف السرّ والتحدّسي من الأحوال؛ وعلى هذا نبّه الشيخ الرئيس... في مواضع من الإشارات، وكذا في الشّفاء، والنجاة، بقوله "تلطّف من نفسك"، وقوله: "فاحِدسْ من هذا" وأمثالها...
وبالجملة؛ فإن هذا الكتاب هو دستور الغرائب وفهرست العجائب، ولا يَعرفَ إلا من تَسْنًّم قلال شواهِق هذه الصناعة بحقّ... وذلك يدلّ على أن شيخ الإشراق ذو قدم راسخة في الحكمة، ويدٍ طويلة في الفلسفة، وجنانٍ ثابت في الكشف، وذوقٍ تام في "فقه الأنوار"، لكن حكمته – البحثية الذوقية – هي على طريقة الإشراقيين، وهي التي قررهما وأخبر عنها المصدر الأول من الحكماء الذين هم من جملة الأصفياء من الأنبياء والأولياء، كآغاثايمون وهرمس وأنباذقلس وفيثاغورث وسقراط وأفلاطن وأمثالهم، ممن شهدت أفاضل الأمم السالفة بفضلهم، وأقرّت أماثل الأمم المتخالفة بتقدمهم، وذلك لتشبهم بالمبادئ وبتجردهم عن المادة من جميع الوجوه، وإنتقاشهم بالمعارف على ما عليه الوجود؛ أولئك هم الفلاسفة حقاً وهذا النمط من الحكمة... أي حكمة أهل الخطاب المشتمل عليها هذا الكتاب هي التي ذكرت في عدّة مواضع من القرآن الكريم في سياق الإمتنان ومعرص الإحسان، كقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ ﴾... [سورة لقمان: آية 12] وقوله: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾... إلى غير ذلك من الآيات والأخبار الدالة على شرف الحكمة وعلوّ رتبتها، وأنها مما يستحق أن توقف الهمّة طول العمر على قِنْيَتِها كقوله صلى الله عليه وسلم "من أخلص لله أربعين صباحاً ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه"، وكفى لها شرفاً تسميته تعالى نفسه الكريم بــ"الحكيم" في مثاني كتابه المجيد الذي هو ﴿ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾... إقتباس من سورة، الآية 42.
ولا يعدّ الناس من الحكماء ما لم يطّلع على الجهة المقدسة التي هي "الوجهة الكبرى"؛ ولا من المتألهين ما لم يصرْ بدنه كقميص يخلعه تارة ويلبسه أخرى، ثم إذا خلع، فإن شاء عرج إلى عالم النور... وإنما تحصل هذه القدرة وأمثالها بالنور الشارق والوميض البارق؛ ومن أراد تحصيل ذلك فعليه تحلية النفس بالفضائل الروحانية وتخليتها عن الرذائل الجسمانية – قوة عقلية ترقى بها النفوس إلى عالم الملكوت وتتخلص من الرقّ، وتستغني عن البيان بالعيان وتتلقى المعارف من نفوس الأفلاك... ومن أراد تحصيل هذه المرتبة والوصول إلى هذه المنزلة، فعليه بمطالعة هذا الكتاب وتحقيق مبانيه بما اشترط على قارئيه، على ما سيتضّح عند الإحاطة بمعانيه، ومن حرّب صدَّق، وإن ارتاض حققٌ... وكيف لا والكتاب ميدان لأهل البحث والكشف، وشهرته كالشمس في الرابعة من النهار...
كتاب غريب في صنفه، يضاهي الألغاز لغاية إيجازه... ويضيف الشارح بأن نفسه أبت أن تبقى تلك البدائع والروائع، التي هي لبٌّ العلم والحكمة وخلاصة السير والسلوك – تحت غطاء من الإبهام فرأى أن يشرحه شرحاً يذل من اللفظ صعابه، ويكشف عن وجه المعاني نقابه، مقتصراً فيه على حلّ ألفاظه وتوضيح معانيه، والتصريح بتحليل بتركيباته وتنقيح مبانيه؛ ومجتهداً في تقرير قواعده وتفسير مقاصده وتكثير فوائده وبسط موجزه وحلّ ملغزه وتقييد مرسله وتفصيل مجمله... فيما يذكره شيخ الإشراق السهروردي في هذه الحكمة الإشراقية مما حصل له بالذوق في خلواته؛ أي في حال أعراضه عن الأمور البدنية وإتصاله بالمجرّدات النورية... لأن الطالب يبتدئ من الحواس، ثم يرتقي إلى عالم النفس، ثم إلى عالم العقل، ثم إلى عالم الربوبية... فبحسب سموّ السالك يشتد نوره ويكثر، وبحسب نزوله يضعف ويقلّ... فليجدّ المريد... وليقرأ هذه الحكمة الإشراقية بنور عقله ونور قلبه علّه يبلغ ما تاقت إليه نفسه في المكاشفة والمشاهدة... إقرأ المزيد