معايير تحقيق الذات عند المرأة المسلمة
(0)    
المرتبة: 327,624
تاريخ النشر: 07/01/2020
الناشر: دار المحجة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة الناشر:لا يختلف اثنان من أهل العقل والمعرفة على أن الحضور الأنثوي في الحياة هو حضور ضروري لبقاء الحياة وإستمرارها، إذ تُقاسم المرأة الرجل الإنسانية، وتنافسه في فع الخيرات، وتشكل بذلك ركناً من أركان التاريخ البشري، وتقدم نموذجاً في العطاء لا يستهان به.
فالجنس البشري ليس له دخالة في تصنيف الإستقامة؛ إنما ...الإستقامة والصلاح يتحددان وفق الفعل الإنساني الحسن أو القبيح سواء صدر ذلك من ذكر أو أنثى، يقول الله تعالى في كتابه الكريم ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾... [سورة النحل: آية 97] لكن يبدو أن إدراك الفهم البشري لوجود المرأة الإنساني والعقلي قد مرّ في مراحل مختلفة، ففي مرحلة العصر الجاهلي، قبل الإسلام، تظهر الوقائع التاريخية أن المنظار المعرفي والثقافي التي يتحدث عن المرأة قد صورها بطرق متعددة أخرجتها في كثير من الأحيان عن سياقها الإنساني وجعلتها مسخرة لمآرب أخرى شوهت ذلك الحضور الرائع الذي أخفى إنسانيته في مظهرٍ من مظاهر تجليات الجمال الإلهي على الأرض.
هذا التراكم الفكري المشوّه تجاه المرأة أدى إلى جعلها - عند مجتمعات الجاهلية – فئة ثانية من البشر، وفي بعض الحالات ذهبت عصبيّة الجاهلية – فئة ثانية من البشر، وفي بعض الحالات ذهبت عصبيّة الجهلاء العمياء إلى إعدامها ووأدها للخلاص من حضورها الذي كان يشكل بنظر تلك الشعوب والمجتمعات المتهالكة عاراً عليها!...
وفقاً لهذه الرؤى والممارسات المتعددة، والتي شاب أكثرها أنواع من الظلم والإستخفاف بحرماتها حقوقها وحقوقها، كل ذلك حال دون رؤية المرأة على حقيقتها القرآنية؛ بل أدى إلى إخفاء الحقائق الدينية تجاهها، ومحاولة تغييب الموقف السماوي منها، حتى جاء الإسلام العظيم وأماط اللثام عن حقائق كثيرة طمرتها شبهات البشر، وأكد بمنطق علميّ على ركينّة حضورها وحرُماتها، وحفظ حقوقها، وأن الفوارق التكوينية البيولوجية بينها وبين الرجل لا تعني التقليل من دورها، فالفروقات ما هي إلا علامات على توزيع الأدوار، وليست إختزالاً للأنثى بوجود الذكر، أو إعفاءها من أدوارها الرئيسية، أو إظهارها بطريقة مخالفة للأخلاق والقيم الإلهية.
لذا، فإن المولى تعالى لم يميّز بينها وبين الرجل من حيث الوجود العملي، إنما جعلهما عنصرين أساسيين لتكوين الشعوب والأمم، ومنحهما فضيلةً عظيمة، وذلك على أساس التقوى وليس على أساس المشتهيات البشرية، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾... [سورة الحجرات: آية 13].
من هذا المنطلق، فإن للمرأة مجالات واسعة وأدماراً عظيمة تساهم في بلورة الصورة الحقيقية للإسلام، إذا اعتُمِدَ عليها للقيام بمسؤولياتها بما يتناسب مع قدراتها وعناصر قوتها، ويؤدي إلى ضرورة تحقيق ذاتها من خلال تطبيق المبادئ الدينية الأصلية، وليس من خلال الإقتصار على الأعراف والتقاليد الإجتماعية؛ التي أخذت منها أكثر مما أعطتها.
ولهذا، فكلما استطاعت المرأة إنجاز مهامّها بنجاح؛ فإن ذلك سينعكس إيجاباً عليها أولاً، وسيُظْهر فعاليّة الإسلام بتعزيز إنسانيتها وكيانها وحضورها ثانياً...
ضمن هذه المقاربات يأتي هذا البحث الذي يتناول المؤلف فيه هوية المرأة وسبل تحقيق ذاتها، وفق الطروحات الإسلامية، بغية إتمام أغلب الجوانب الفكرية، وقد جاء هذا البحث ضمن فصول تم تقسيمها إلى محاضرات، أدرجها المؤلف وفق منهجٍ تحليلي متناسق يعمل على تقديم الإجابات حول تساؤلات مختلفة تهدف إلى التدليل على أهلية المرأة لتحقيق ذاتها من خلال دورها الفاعل في المجتمع أو عبر إنصهارها ضمن الأسرة التي تعطيها قيمةً مضافة على تحقيق كمالها الذاتي.
ولهذه الغاية، تم الحديث بدايةً حول معنى تحقيق الذات ومجالاته، وكذلك حول قيمة المرأة كما وردت في أحاديث النبي وآل بيته، وكيف استطاعت المرأة المسلمة التوفيق بين إنسانيتها وجمالها؟... وما هي السبل لتقوية عاطفة الأنثى وتوظيف ذلك من إستقرارها النفسي الذي يساعد على تحقيق الذات، ليتم من ثم التطرق إلى الحديث عن نماذج فريدة قدمت نفسها للمجتمع النسوي كامرأة وقدوة النساء العالم.
وأخيراً تم تسليط الضوء على دور الأمومة وصبر الأم وقدرتها على مواجهة التحديّات والمصاعب. إقرأ المزيد