بحث حول الزكاة - أهم المسائل الواجبة بعد الصلاة في الإسلام
(0)    
المرتبة: 30,846
تاريخ النشر: 23/08/2019
الناشر: مؤسسة الإنتشار العربي
نبذة نيل وفرات:لا يخفى أن الزكاة هي الركن الثاني للإسلام بعد الصلاة ، لذا قرنها الله تعالى بالصلاة مراراً وتكراراً في كتابه الكريم ، وبيّن أنها من ضروريات جميع الأديان ، وأُقرت بها جميع الشرائع السماوية . كما قال سبحانه وتعالى عن أنبيائه ورسله عليهم الصلاة والسلام : [ وجعلناهم أئمة ...يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ] [ الأنبياء : 73 ] . وقد أولى الإسلام ونبيه ، صلى الله عليه وسلم الزكاة عنايته الفائقة ، وتتابعت آيات القرآن منذ فجر الدعوة الإسلامية وحتى نهايتها ، تأمر بالإنفاق وتحثّ على التصدق والإحسان ، وتحضّ على الزكاة وبذل الأموال في سبيل الله ، واعتبر الله تعالى أن من صفات المؤمنين اللازمة أنهم [ الذين هم على صلاتهم دائمون والذين في أموالهم حقٌ معلوم ، للسائل والمحروم ] [ المعارج / 23-25 ] ، وأنهم [ الذين يؤمنون بالغيث ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ] [ البقرة / 3 ] ، في مئات الآيات الأخرى التي لا تكاد تخلو منها سورة من سور القرآن الكريم . وأخيراً أمر الله تعالى نبيه الكريم في آخر مراحل الدعوة ، أن يأخذ الزكاة من المؤمنين فقال : [ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها .. ] [ التوبة / 103 ] ، وعيّن للزكاة مصارف محددة ، فأصبحت الزكاة ، إضافة إلى كونها عبادة فردية ، واجباً مفترضاً تجاه الدولة المسلمة ، وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الثامنة للهجرة يرسل الجباة إلى القبائل والأقاليم التي دخلت في الإسلام ، ليأخذوا زكاة الأموال من أغنيائهم وينفقونها على فقرائهم ومساكينهم ثم يأتوا بما تبقى إلى بيت المال لتأمين بقية مصارف الزكاة الذين حددتهم الآية ( 60 ) من سورة التوبة . هذا ، وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث فيها أشد الوعيد لمن يمنعون زكاة أموالهم ، وأن مآلهم إلى النار ، وأنهم سيعذبون بمالهم الذي بخلوا به . كان إدراك خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم لمكانة الزكاة وأهميتها في بناء مجتمع الرحمة والتكافل والقسط والعدل الذي أراده الإسلام ، أن اعتبروا المتخلفين عن أدائها مستحقين القتال على ذلك ، عمادهم في ذلك قوله تعالى : [ .. فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فحلّوا سبيلهم إن الله غفورٌ رحيم ] [ التوبة / 5 ] . من هنا ، وإدراكاً من المؤلف للأهمية الدينية والإجتماعية البالغة لهذه الفريضة الربانية ، ونظراً لما رآه من إهمال لها في وطنه حتى بين المتدينين من قومه ، وأن أحد أسباب ذلك هو تحريفها وتضعيفها في كتب الفقه التقليدي لدى جمهور فقهاء الشيعة الإمامية الإثني عشرية ، قرر النهوض بواجب بيان الحق والحقيقة بشأن هذه الفريضة الفانية ، عمد إلى تجشّم عناء البحث والتحقيق في هذه المسألة من جميع أطرافها ، واستطاع أن يفنّد بشكل علمي ومنطقي مُدلّل جميع المستمسكات التي استند إليها من ضعّفوا أمر الزكاة وأخرجوها بتلك الصورة الهزيلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع . وجاءت خطته في دراسته هذه على النحو التالي : عمد إلى التأسيس لدراسته بعدة مباحث بيّن فيها أهمية الزكاة في الإسلام كما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية ، والحكمة من نشرها ، وآثارها التسعة ( أي العظيمة على المجتمع المسلم ، ليتبع ذلك بمباحث حول زمن وكيفية تشريع الزكاة في الإسلام مبيّناً متى بدأ الرسول بإرسال الجباة لجمعها ، وكيفية التدرّج في الأموال التي تُؤخذ منها الزكاة وأسباب لك التدرج ؛ ليبدأ من ثمَّ باثبات شمول الزكاة على جميع أنواع الأموال ، لا سيما مال التجارة ، وعدم اقتصارها على الأشياء التسعة ( أي نقدَيَ الذهب والفضة والغلاّت الأربعة : الحنطة والشعير والتمر والزبيب والأنعام الثلاثة : الإبل والبقر والغنم ) مؤكداً شمولها أيضاً لجميع أنواع الزروع ، مستدلاً على ذلك بالكتاب والسُنة والروايات المنقولة من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالعقل والمنطق ، ليشرع بعدها بيان المعنى الصحيح والتأويل الصائب لبعض الأحاديث التي تشير إلى اقتصار النبي صلى الله عليه وسلم في بداية جباية الزكاة على أخذها من تلك الأشياء الستة فقط وعفوه عن غيرها من الأموال ، ثم ليبحث في مصدر ومنشأ الفتوى بحصر الزكاة في الأشياء الستة ، مبيّناً أن أول من ابتدع هذا الرأي الخاطىء هو الشيخ مفيد والسيد المرتضى ، وعنهما تلقف شيخ الطائفة الطوسي هذا القول الخاطىء ونشره في كتبه ، فكان صاحب الأثر السيء الأكبر والأساسي في ترسيخ هذه الفتوى في الفقه الجعفري . وبناءً على الإستنتاج السابق عقد المؤلف عدة مباحث لكشف حقيقة علم الطوسي الذي غلا فيه اللاحقون وعظّموه بلا مبرر ، وقلّدوه في فتاويه تقليداً أعمى ، مثبّتاً بالدلائل الواضحة أنه كان كثير الإشتباه ، وأنه وقع في أخطاء فاحشة ، ونقل أقوال عدد من المتأخرين ممن أدركوا تخبّطات الشيخ وانتقدوا أخطاءه وتناقضاته . بعد تلك المباحث بدأ المؤلف بعقد مباحث حول الدلائل التي يتمسك بها جمهور فقهاء الشيعة ( الإمامية ) في مصر الزكاة في الأشياء التسعة ، ففنّدها واحداً واحداً ، باستدلالات فذّة وبراهين قاطعة ، وعقد في ذلك مبحثاً خاصاً في تفنيد شك بعضهم بأصل البرادة في المسالة ، مقرّراً أن الأصل الواجب التمسك به في هذا الموضوع هو مبدأ الإحتياط وتبرئة الذمة المشغولة فعلاً بنصوص صريحة وواضحة . وعقد مبحثاً أيضاً في بيان الأعذار والحجج التي أقامها الفقهاء للأغنياء لإسقاط الزكاة عن كثير من الأموال والتهرب من أدائها . بعدها عكف على نقض دليليّ السيد مرتضى في عصر الزكاة في الأشياء التسعة . وأخيراً عقد مباحث في بيان مصارف الزكاة وأنصبتها ومقاديرها ، وأنها لو طُبّقت كما أرادها الله تعالى ؛ لما بقي فقير ومحتاج وكَلَفت ووفَّت بكل المصارف الثمانية . هذا وكان من أهم المباحث التي أوردها مبحثاً قارن فيه بين الزكاة في الفقه الشيعي الإمامي والخُمس في ذلك الفقه ، مبيّناً مدى تضعيف فقهاء المذهب للزكاة ، وإفراغهم لها من مضمونها ، وعلى العكس مدى تشددهم في الخُمس وتوسعهم فيه ليشمل كل الأموال بلا أي قيد ولا حصر ! إقرأ المزيد