تاريخ النشر: 19/06/2019
الناشر: مؤسسة الإنتشار العربي
نبذة نيل وفرات:" هواجر الظمأ " يستيقظ ( آدم ) صباحاً ، ينظر إلى ساعته ، ربما تأخر عن العمل ، شاهد لفة عقارب الساعة تشير إلى العاشرة صباحاً ، فرّ من فراشه ، لبس ثوبه مقلوباً ، الصدر أصبح في الظهر ، والظهر مكان الصدر ؛ نزل مهرولاً سلالم بيته ...، يردد في نفسه : ربما أستطيع اللحاق بساعات قليلة من الدوام الرسمي حتى لا يتم على الأقل تسجيل إسمي غائباً . فتح باب سيارته ، أغلقه بقوة ، أدار مفتاح التشغيل ، إنتظر قليلاً ، دارت عجلات مركبته ، إنطلق في طريقه . أثناء سيره شعر بوخزات في جسده ، أوقف مركبته على جانب الطريق ، نزل منها ، تحسس جسده ، إقترب منه رجل مسن كان واقفاً ينتظر أية مركبة تمر به لعل قائدها يوصله إلى قريته التي تقع شمال هذه المدينة . قابل آدم الحسن ... يلم عليه ، تبادلا فيما بينها الأسماء . – أنا جبران . وأنا إسمي آدم . طلب منه جبران : أن يأخذه معه إلى قريته ( فشيلة ) التي تقع شمال المدينة . وافق آدم ، ثم عاد إلى مقود سيارته مصطحباً المسنّ الذي تجاوز عمره الثمانين عاماً ، لكن لديه من النشاط والحيوية ما يفوق الشباب ، يحزم رأسه بشماغ أحمر ، ويشد وسطه بذلك الحزام العتيق . إستمر آدم منطلقاً في ذلك الطريق المستقيم ، فجأة يدخل عالم النسيان من كل شيء حتى اتجاهه في طريقه لم يعد قادراً على تحديده .لكنه يستمر في المضيّ ، إلى أين ؟! لا يعلم ذلك . هناك إملاءات من داخله تنصب على ذاكرته . يستعرضها في خياله ، هذه الإملاءات تأخذه في طريقه إلى خارج المدينة ، يستمر في السير ، يردد في نفسه بعض كلمات لأغنية قديمة سبق وأن حفظها : ( أبعاد كنتم واللا قريبين ) ! ومع هذه الكلمات وألحانها التي يتراءى له بأنه أجادها ، يتمايل يمنة ويسرة أمام مقود سيارته . تنتهي كلمات الأغنية ، وهم لم يزل يتمايل . يصمت قليلاً . يعود إلى ترديد بعض التنظيرات وكلمات التشكي من وجع الحب : ( لغة الجسد لا تكذب ، وكأنها احتجاج على عجز الكتابة والكلام ، وإلا فَلِمَ اللجوء إلى الإستعارات ، وعلامات التعجب ، والإستفهام ، وتحريك الرأس يمنة ويسرة واستلهام لحظات الماضي ؟ ! . ومن هنا كان الرقص في الظلام متعة لا تأبه للعيون ، والتصفيق ، والأسئلة ، وكأن الرقص في الظلام يشبه رقصات الأنثى غائبة الوعي حين تصرخ لغة الجسد ) . يواصل حديثه دون أن يشعر بما يقول ؟ تعبت – يا صديقي – من مغادرتها لهذه الديار ، شعرت بأنها عندما غابت تكسّرت القمار وفراشات الحب خلف أنين حسرات فقدها التي تتصبب على جميع أحاسيسي ، وكأنها كوابيس في ليالي نهاية أكتوبر وبداية ديسمبر ، لكنها عندما أخبرتني بعودتها انقشعت كل الهموم وسحابة المأتم ، وازدحمت لغة جديدة لذلك الأمل .... استمر في السير دون توقف ، تستمر خيالاته ، يعود إلى عرض شيء افتقده : حرمانه من لغة الفرح في نهار عيد الفطر المبارك عندما أرسل لها بطاقة معايدة تحمل لوحة بلونها الأصفر – سيد الألوان – ورمزها في الحزن ، يتوسطها لون الكبرياء – الأزرق – تصلها المعايدة ، لكنها لم ترد مباشرة ، بل استمرت في حالة من التردد مدة يوم كامل . وأخيراً تتكرم بالرد بكلمات ليست قريبة من فرحة العيد ! نتفاطر همهمات الوجع ، وأنين المعاناة في بعض مفاصل حياة المجتمع لتكون مسايرة في أغلب مراحلها لهواجر الظمأ التي تقتات بمتاعب الآخرين، هي هذه القصة ، كما باقي القصص في هذه المجموعة سايرت بعضاً من المتاعب التي ارتسمت من خلال الحوارات ، والأحاديث المرتدّة إلى داخل شخصيات كل قصة في هذه المجموعة . وتجدر الإشارة إلى أن هذه المجموعة القصصية ( هواجر الظمأ ... ! ) تنضم إلى مجموعتين قصصيتين سابقتين هما : ( مدارات الأسئلة ) ، و ( عفواً أيها الجدار ) ... هذا وتحتوي المجموعة القصصية التي بين يدي القارىء على خمس عشرة قصة قصيرة ، والقارىء في هذه المجموعة أكثر من الخيالي ، والصور اليومية أكثر ضغطاً من الصور الذهنية ، ولكنه قلم الأديب الموهوب المحترف الذي يحيل من كل ذلك فناً يجلو عن النفس ثقل الرتابة وكسل العادة ؛ ليحيا القارىء ومن جديد هذه االوقائع والأحداث عبر إدراك مختلف في نوعه ودرجته ، يعوّض ما فاته منها وهو يجوب الحياة على عجل .... وكأنه يجوبها على هواجر الظمأ ... إقرأ المزيد