العرفان الشيعي ؛ رؤى في مرتكزاته النظرية ومسالكه العملية
(0)    
المرتبة: 52,168
تاريخ النشر: 06/02/2019
الناشر: دار المحجة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:يعتبر "العرفان" من المذاهب الفكرية المتعالية والعميقة، فهو يسعى إلى معرفة الحق تبارك وتعالى ومعرفة حقائق الأمور، وأسرار العلوم، وطريقته ليست على وفق منهج الفلاسفة والحكماء؛ بل هي هي طريقة أتباع منهج الإشراق والكشف والشهود، فهو رؤية في الكون والوجود، تستند في بنيتها المعرفيّة إلى المعرفة الوجدانية القلبية، ويمكن ...ملاحظة العرفان من جهتين: الأولى: من جهة كونه رؤية معرفية، والثانية: من جهة كونه تجربة سلوك وعمل.
ومن اعتبر التصرف مرحلة من مراحل العرفان؛ فإنه عندما يريد الإشارة إلى العرفان بإعتباره رؤية؛ فإنه يطلق عليه اسم "العرفان" وأصحابه هم "العرفاء"، وعندما يريد الإشارة إليه بإعتباره تجربة عمل، فإنه يطلق عليه اسم "التصوف"، وأصحابه هم "المتصوفة".
وحول تحديد مفهوم العرفان أو تعريفه بكلا قسميه النظري والعملي يقول يحيى يثربي في كتابه "العرفان النظري": "العرفان هو عبارة عن العلم بالحق سبحانه من حيث أسمائه وصفاته ومظاهره، والعلم بأحوال المبدأ والمعاد وحقائق العالم وكيفية رجوعها إلى الحقيقة الواحدة التي هي الذات الأحدية للحقّ تعالى، ومعرفة طريق السلوك والمجاهدة لتحرير النفس من علائقها وقيود جزئيتها ولإتصالها بمبدئها، وإنصافها نبعث الإطلاق والكلية".
وحول الزاهد والعابد والعارف يقول الشيخ ابن سينا: "المُعْرِضْ عن متاع الدنيا وطيبّاتها يُخَصّ بإسم الزاهد، والمواظب على فعل العبادات من القيام والصيام ونحوها يخص بإسم العابد، والمنصرف بفكره إلى قدس الجبروت مستديماً بشروق نور الحق في سرّه يُخَصّ بإسم العارف، وقد يتركبّ بعض هذه مع بعض"؛ وكان مصطلح العارف رائجاً خلال القرن الثالث الهجري، فقد كان بايزيد البسطامي يستعمل مصطلح العارف مكان الصوفي.
ويسعى العارف من خلال الكشف والشهود والإشراق للوصول إلى الحقائق والتمكن من العلوم الظاهرة والباطنة؛ لذلك هو يقول: إن الذي يدركه العالم، الحكيم، والفيلسوف بالعقل والمنطق والإستدلال، يراه العارف من خلال الإشراق.
وعليه، فليس العرفان منهجاً غريباً وشاذّاً؛ بل له أسباب ودواع كغيره من العلوم وطرق المعرفة البشرية إستناداً إلى سعي الإنسان الحثيث والدائم عن حقيقة الوجود، وكذلك البحث عن كيفية الوصول إلى الحقّ عبر الرسائل المختلفة والممكنة، والعارف لا علاقة له بالفهم والعقل وإدراك المفاهيم والصور؛ بل غايته التي يسعى للوصول إليها هو مشاهدة جمال الحق وشهود حقائق هذا العالم على ما هي عليه، وليس الكمال الذي يبتغيه هو تحصيل صورة هذه الأشياء.
ومن الواضح أن الفرق كبير جداً بين من يعرف النار من خلال المفهوم والصورة الذهنية، وبين من يعرفها من خلال الإحساس بحرارتها والإحتراق بها، الأول حال الحكيم المشائي، والثانية حال المعارف المكاشف، أما بالنسبة للعرفان والتصوف؛ فإنه يوجد فرق من ناحية المعنى لهذين المصطلحين اللذان يأتيان بشكل مترادف.
فالتصوف منهج وطريقة زاهدة، متبينة على أساس الشرع وتزكية النفس والأعراض عن الدنيا من أجل الوصول إلى الحقّ تبارك وتعالى والسير بإتجاه الكمال، أما العرفان فهو مذهب فكري، وفلسفي، متعالٍ وعميق، يسعى إلى معرفة الحق تبارك وتعالى، ومعرفة حقائق الأمور، وأسرار العلوم، وليس طريقة فهو منهج الفلاسفة والحكماء، بل هو منهج الإشراق والكشف والشهود...
ومزيداً من المسائل يطرحها المؤلف حول العرفان بصورة عامة، والشيعي على وجه الخصوص من خلال رؤى في مرتكزاته النظرية ومسالكه العلمية، فبعد أن اسهل دراسته ببيان حقائق هامة حول العرفان، انتقل للحديث عن العرفان والتصوف تاريخه وتعريفه وأسباب التسمية، مبيناً من ثم الفارق بين العرفان والتصوف بما يخصّ الأخلاق.
وليناقش من ثم خصائص مدارس المشائين والإشراقيين والحكمة المتعالية، مسلطاً الضوء بعد ذلك على الرؤية الكونية للعرفان، ومبيناً المعرفة ومراتبها والعقل وموقعه عند العرفاء، وليأخذ القارئ في عوالم رحلة العارف في الأسفار العقلية الأربعة (من الخلق إلى الحق، من الحقّ إلى الحقّ بالحقّ، من الحقّ إلى الخلق بالحقّ، من الخلق إلى الخلق بالحق)، وليتحدث عن السير والسلوك عند العرفاء (التوبة، الزهد، الروع، الصبور، الرضا).
وأخيراً ليناقش البعد العلمي في عرفان الإمام الخميني، مبيناً بعده العملي ثم خصائصه (التوجه إلى الله الغنيّ المطلق، المرجع الأساس للعرفان من القرآن الكريم، الأدعية والمناجاة، الإبتعاد عن حب الدنيا...). إقرأ المزيد