تاريخ النشر: 01/01/1999
الناشر: دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة الناشر:كانت الحروب الصليبية التي جردتها أوروبا الغربية على المشرق الإسلامي وإفريقيا الشمالية في القرون الثلاثة: الخامس والسادس والسابع الهجري انعطافاً خطيراً في تاريخ أوروبا العصور الوسطى، لأنها كانت في الظاهر مشروعاً لخلاص بيت المقدس وقبر المسيح من أيدي المسلمين، ولكنها استهدفت عن طريق مباشر أو غير مباشر الاستيلاء على الأرض ...المقدسة وبلاد الشام وكل ما طالته أيديهم.
وبغض النظر عن سياقات وماهيات مصطلح «الحروب الصليبية» وكثرة الدراسات التاريخية التي تناولته بالدرس والفحص، إلا أن ما يهمنا هو التعريف بهذه الحروب ومدى تأثيرها على العالم الإسلامي في ظل الخلافة العباسية وبرؤية عباسية كذلك.
لقد كان السبب المباشر لانطلاق الحملة الصليبية الأولى، المجمع الديني الذي عقده البابا أوربان الثاني Urban II في بياتشنزا Piacenza في إيطاليا في مارس /آذار 1095م/488هـ ودعا إليه الأساقفة من إيطاليا وبورغونية وفرنسا وغيرها.
ومَثُلَت سفارة من القسطنطينية أمام هذا المجمع، ومعهم طلب من الامبراطور البيزنطي إلى البابا، لكي يحث المحاربين الغربيين على مساعدة الامبراطورية الشرقية وإنقاذها من السلاجقة المسلمين الذين كانوا قد سيطروا على أقسام واسعة من آسيا الصغرى واسترجعوا أنطاكية من البيزنطيين. ووجدت البابوية في السفارة البيزنطية وطلب النجدة تحقيقاً للسمو البابوي على الملوك والإقطاع معاً والسيادة على العالم المسيحي، وفرصة لصرف خطر النورمانديين عن صقلية وجنوبي إيطاليا، وتوجيه نشاطهم للقتال في حرب مقدسة ضد العرب والمسلمين.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1095م/489هـ، ألقى البابا أوربان الثاني خطبة في الحشود التي اجتمعت في حقل فسيح بعد انتهاء مجمع كليرمونت الديني، دعا فيها إلى شن حملة مقدسة مسلحة باسم الرب بوصفه نائباً عنه في الأرض، وحث ملوك الغرب على نبذ خلافاتهم والانصياع إلى أوامره، ليتفرغ مسيحيو الغرب لما أسماه البابا حرب الله Guerre de Dieu أي الحرب المقدسة ضد العرب والمسلمين، وأشار البابا إلى منح الغفران لكل من سيشارك في هذه الحملة، سواء من مات في الطريق إلى الأرض المقدسة، أو قتل في الحرب ضد المسلمين .
انقسمت الحملة الصليبية الأولى إلى مرحلتين: الحملة الشعبية أو حملة الغوغاء والعامة، وحملة الأمراء، قاد الحملة الشعبية (489-490هـ/1095-1096) الراهب بطرس الناسك، وقد ضمت تشكيلة متنوعة من المشردين وقطاع الطرق والفلاحين وغيرهم، وانضمت إلى مجموعة أخرى بقيادة والتر المفلس Walter der Arme ومارسوا السلب والنهب، وحتى الكنائس لم تنج من إجرامهم، وهاجم سلاجقة الروم في آسيا الصغرى الحملة وأبادوها عن بكرة أبيها، وقتل والتر المفلس وهرب الناسك إلى أوروبا ثم التحق بحملة الأمراء إقرأ المزيد