تاريخ النشر: 01/01/1995
الناشر: دار الساقي للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:ظهرت خلال العقد الماضي في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا حركات مؤيدة الديمقراطية وهي جزء من ظاهرة أكثر شمولية تتضمّن أيضاً انهيار الشيوعية في أوروبا الشرقية والأزمة العامة في الجبارين الشيوعيين الصين والاتحاد السوفياتي.
يحيط كتاب "الثورة الديمقراطية" بهذه الظاهرة الشاملة، حيث أنه يجمع عدداً من المقالات الهامة كتبها كمّ من ...المفكرين المطلعين عن كثب على أوضاع الولايات المتحدة الأميركية وسائر الديموقراطيات الغربية، ويُعدّون ممثلين أصليين لدولهم أو الحركات الديموقراطية التي ينطقون بلسانها هي حركات ذات منشأ محلي تماماً.
واللافت حقاً في هذه المقالات، ليس فقط ما تحمله من روحية التضحية والإخلاص، إذ أن عدداً من كتابها قد تعرضوا للتنكيل والقتل والنفي... واللافت فيها أيضاً ما تبيّنه من تفهم عميق لمتطلبات الديموقراطية، وأهمها ضرورة وجود مواطنين مثقفين ويقظين.
ماريا روزا دومارتيني، مؤسسة منظمة "Conciencia" في الأرجنتين، تتحدث عن العمل الهائل الذي أنجزته المنظمة في غضون ثماني سنوات: مئات المؤتمرات والمحاضرات ولقاءات الطاولة المستديرة والحلقات، بالإضافة إلى الرسائل حول الديموقراطية التي كانت تُنشر عبر وسائل الإعلام المختلفة، وقد شارك في هذه النشاطات المتنوعة أكثر من خمسة ملايين من السكان، لكن الأكثر إثارة للإعجاب في منظمة "Conciencia" لا ينبع من كمية النشاط الذي قامت به فحسب، بل من الوضوح والحنكة والتماسك في هدف المنظمة، وهو تطوير الوعي الديموقراطي عند الأرجنتينيين.
تبرز هذه المقالات وجهة نظر رئيسية تعتبر أنّ الديموقراطية ليست مجرّد نظام سياسي أو عملية اختيار قادة من خلال منافسة سياسية حرّة، بل هي طريقة عيش، وثقافة، ومجموعة قِيَم ترتكز إلى مفهوم الكرامة الإنسانية. بالنسبة إلى كزافييه زافالا، مؤسسة صحيفة "Libro Libre" في أميركا الوسطى، لا يكفي أن نفهم الديموقراطية ونؤمن بها فكرياً: "الديموقراطي يتعوّد التصرّف وفقاً لأفكار ومعتقدات وقيم الديموقراطية".
ديت باسكوال يرى الديموقراطية حياة اجتماعية تضخ لروحية "bayanihan" وهذا تعبير فيليبين قديم يعن التعاون بين أبناء الشعب والمشاركة المدنية والمسؤولية الاجتماعية حيال العائلة والجيران والجماعة عموماً. وتستشهد ماريا روزا دومارتيني بما يقوله توماس جيفرسون حول قوة الديموقراطية من أنها تكمن في "فسيفساء لا تُصدق من... الاتحادات الحرة". الديموقراطية في تنظيمها الداخلي، والمستقلة عن سيطرة الدولة، والتي تتألف من مواطنين عاديين-أي المجتمع المدني.
وتتضمن هذه المقالات حول الديموقراطية وجهة نظر بديلة، تصفها ماريا جيمينا دوزان بأنها "دولة-داخل الدولة"، (هي) الفقر المتأصّل في أحياء يعمد سكانها إلى "القتل في الصباح كي يضعوا الخبز على موائدهم في المساء"، والأطفال يقعون في مصيدة تجّار المخدرات الذين يجعلون الصِبية مجرمين متمرسين قبل سن الخامسة عشرة.
هذه المشكلة لا تخصّ كولومبيا أو البيرو فقط، بوجود منظمة "الدرب المضيء" فيها؛ إنها مشكلة موجودة، بشكل أو بآخر، في كل الدول التي تسعى في سبيل التطور والحداثة والاندماج داخل عالم من الديموقراطيات المتقدمة. لكي تنجح الديموقراطية في العالم النامي، يجب أن تجد سبيلاً لضمّ الهامشيين والمنبوذين إلى العملية الاقتصادية والسياسية. إن مهمة طرح هذا التحدّي تتجاوز نطاق الكتاب الحالي، إلا فيما يختصّ بأن أي إنجاز له أهميته لن يتحقّق إذا لم يكن هناك أشخاص يتمتعون بالإصرار والبراعة والتفهم والإرادة لتشكيل القيادة وضبط المسار.نبذة الناشر:لهذا الكتاب وجهان إيجابيان، الأول أنه معنيّ بأوضاع عملية محددة، يناقش عملياتها الديموقراطية الجارية على المستويين الثقافي والسياسي.
والثاني، أنه يتعامل مع حالات تواجهها بلدان العالم الثالث، منها حالة السودان. وغني عن القول إن الحالات جميعاً تردّنا إلى أوضاع نعرفها في العالم العربي إلى هذا الحدّ أو ذاك.
والقرّاء العرب سيجدون ما يثير فضولهم، خصوصاً لجهة التعرّف إلى إمكانات وصعوبات الحريّة في البلدان المتخلّفة، فضلاً عن بعض نتاجات الأنظمة التوتاليتارية والاستبدادية حيث توجد.
وتكشف الشهادات التي يضمّها الكتاب لمقاتلين من أجل الحريّة في بلدان متعددة القارة (أميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا)، مساحةً واسعةً من الأوضاع المتباينة. وهو تباين، لئن أغنى الكثير من الأسئلة العربية، فإنه، من دون شك، يبدّد ما قد يتراءى "خصوصية" غير قابلة للتكرار. إقرأ المزيد