تاريخ النشر: 27/02/2018
الناشر: دار الحلاج للطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:"لحفني حزن الليل بعباءته: أئن، تخرج روحي ضعيفة من نحيبي، أراها بوضوح، أراها ممزقة، غريبة شاردة، وحيدة تشبهني إلى حد كبير، تشبهني إلى حد أني أظنها أنا، تدعوني للرقص، لحفلة بكاءٍ أسطورية، أقص منها جدائلي الطويلة، أصنع منها قلادة، أرقص وتلتف حول رقبتي، تخنقني، تضيق الخناق... آه... للمرة الألف ...أخطئ في إختيار ملاذي: أتلوى، أطلق صرخة، تتلاشى في الفراغ، وأنت... أنت هناك... تقف مكتوف العطف، تترقب موتي، قابضاً على قلبك، لتنصب كبريائك على عرشي... ملك... آه كم كنت بريئة وساذجة!...
أي جرم فعلته ليعاقبني القدر بعشقك؟... أي عفلة عصبت عيني.. وتعثرت بك؟! لم أخترك... فقط أشار قلبي الضائع نحوك، كطفل صغير ينظر من خلف الواجهة الزجاجية لمحل الدمى، كنت سخية معه، أستشعر سخائي وكرمي، طلب الأغلى... طلبك أنت... كنت على شكل دمية جميلة، مبتسمة من خلف الزجاج، تنتظر مصيرها، تنتظر أيادي ناعمة، تداعبها بفرح، ترشقها في الهواء وتلتقطها، وفي ظلمة الليل تروي لها حكاية ليلى والذئب... أي حزن رهيب يسكن قلبي؟!... وأنا أراك... تنتظر الخذلان يقضي عليّ... تنتظرني أمد يدي نحوك... مرتعشة، إلى أن يجف الدم في عروقها وتسقط... أسقط أنا... أعدك الرمق الأخير هو من نصيبك أنت... أهبك أنفاسي الأخيرة... ليس لأنك تستحقها... لا، بل لأترك شيئاً مني يعيش معك، كلعنة تلاحقك، تذكرك دوماً كم كنت بخيلاً معي...
ياسمين... ياسمين... طرقات قوية على الباب وصوتها يعلو تنادي: ياسمين... ياسمين... أنتشل جسدي وأعضائي المتكاسلة من بعد نزهة رقيبة مع الحلم فوق سرير حديدي، أصارع عليه نوبات جنوني، أتناول هاتفي المحمول بيد باردة من تحت الوسادة المطرزة... بعينين ناعستين أضغط زر التشغيل يضيء الهاتف...
يا إلهي إنها التاسعة صباحاً... تأخرت!!... لا بل فاتني موعد المقابلة... أنهض مسرعةً أتعثر بملابسي الفضفاضة، أدير مفتاح الباب، تدخل... وقد قطبت جبينها متخصرة بذراعها الرفيعة، متى تتركين هذه العادة؟ أي عادة؟... غلق الباب وأنت نائمة، لقد فاعتني موعد المقابلة، أمر ليس غريب عليك... أضعت الكثير من الفرص وأنت تحلمين... وهل الحلم جريمة؟... لا... بل من الغباء الإستمرار في حلم لن يتحقق؟...
عزيزتي... الكثير من الأحلام خُلِقَتْ لتبقى أحلاماً... دعك الآن سأذهب للتسوق، اعتنِ بمحسن، أدارت لي ظهرها الحدب، وهل هناك إفطار جاهز؟ بالتأكيد لا... اعتمدي على نفسك في ذلك، أنتظرت المقابلة منذ أسابيع على جمر، تحضرت لها ووقفت مطولاً أمام مرآتي أمثل وأحاول أن أحفظ ما أقوله لأشد إنتباه الجميع لي وأبهرهم بحضوري... وها أنا أفلتها من يدي كحمامة بيضاء، اعتقدت أنها فرصتي الوحيدة التي أمنتها لي أمي في الحصول على عمل أقتل فيه الملل والروتين والكسل، أخرج من هذا السجن الأسمنتي المرصوص، أنهض صباحاً وتكون لي مواعيد التزم بها، ولي مسؤوليات تشعرني بكيان متفرد ووجود قيم في هذا الكون الواسع.
أن تمتلكي عملاً رائعاً هذا يعني إمتلاكك لذاتك، فوحدها الإستقلالية المادية تشعرك بالحرية، ها أنا أضيعها وأتظاهر لنفسي أني لست مهتمة لعلي أخفف عن نفسي وطأة الحزن... أحاول أن أواسيها بأن القدر يخبئ لي مفاجأة سارة، قد يقفز قلبي فرحاً لها وتفتح لي أبواب السعادة لتصفق أحلامي بجناحيها على عتبتها وتطير وأحلق معها...".
من زحمة الحياة، تزدحم الحكايا... ومن عمق الواقع تبرز القصص مندفعة بفعل خيال.. يجملها... فتستحيل مشاهد، ترسمها ريشة كاتب، بحذق وإبداع من كانت له العبارات صديقة... والمعاني رفيقة... وهي الكاتبة كما تحكي عنها تلك الحكايات والقصص التي نسجتها وقدمتها للقارئ الذي أخذ يجول في ساحات الحياة، وكأنه يسمع الحكايات من أصحابها... تروق له الفكرة بعد أن استأنس بتلك الشخصيات... التي رسمتها القاصّة بدقة... معبرة عن مشاعرها... حزنها وفرحها... كآبتها وآمالها... بأسلوب شاعري حيناً... سردي أحياناً... والأجمل من ذلك تلك المنولوجات التي تعبر عن خفايا النفس الإنسانية بلغة جزلى، وعبارات شفافة... ومعاني رائعة... إقرأ المزيد