تاريخ النشر: 01/01/1987
الناشر: عويدات للنشر والطباعة
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:مونترلان، الكاتب الفرنسي المبدع، عايشنا سبعة وسبعين عاماً، من 1895 إلى 1972، وهو يعتقد إعتقاداً راسخاً، بل يؤمن إيماناً وطيداً بأن فيه هو، هنري ميلون دي مونترلان، تتمثل الرجولة، الرجولة القادرة المسيطرة، الرجولة الكاملة بكل ما يتجلى فيها من ذكورة، وشهامة، ومروءة، وإباء، وعنفوان.
من خلال هذا الإيمان نظر إلى ...الحياة والكون والفن، وبوحي هذا الإيمان تصرَف، وفكر، وكتب، فإذا برواياته ومسرحياته درس وتشريح وتحليل وتدقيق في خفايا النفس والشعور، أكثر مما هي عرض وسرد وحكايات.
والمرأة في حياته ليست أكثر من جارية مذعنة وخاضعة، بقدر ما هو "ستيد" مستبدَ. إلا أن وجود أنوثتها ضروري لإكتمال رجولته، وتجليها، وإمتداد ظلال سلطانها.
وهو عريق النسب، من تلك الطبقة الفرنسية التي حافظت على طابعها الإرستقراطي في ترف العيش، وأناقة المظهر والتفكير والتعبير، والتصرف المشوب بالإستهتار، وطلب المتعة المعنوية والمادية، في جو خاصَ، تسوده حريَة لا تقرها المبادئ الخلقية دائماً، ولم تألفه العامة.
وضع رواية عنوانها "مصارعو الضواري"، وألَف تمثيليات عديدة، أهمها: "سيد سنتاغو" و "الملكة الميتة" و "بور رويال"، فاحتل مرتبة مرموقة في طليعة الكتاب الناجحين. وبعد سكوت طويل، أصدر مجموعة مؤلفة من أربع حلقات متلاحقة ومتماسكة، وهي: "الصبايا" وهو في الكتاب الذي بين يدينا، و "رأفة النساء" و"شيطان الخير" و"المجذومات"، ففتحت له أبواب الأكاديمية الفرنسية، إلا أنه دخلها بدون إحتفال، في ما يشبه تكتم الحياء، أو لأنه أبى لأنه إبي أن يراعي التقليد القاضي بأن يلقي خطبة "إفتتاح" يثني فيها على سلفه في المؤسسة...
ليست هذه السلسلة قصة طويلة، ولا رواية متتابعة، إنما هي دراسة واقعية، موضوعية، لا يفوتها شيء من الصراحة. لكنها ليست عارية، ولا خالعة العذار. تعمَد فيها المؤلف دقَة الوصف، فما تردد في سرد التفاصيل الحميمة، إلا أنه إستطاع البقاء على مستوى أدبي فوق التعهر، وفوق البذاءة فإذا به يعرَي بدون فسوق، ويحلَل الخطيئة بدون تبذَل، ويتبسط في عرض المشاهد الغرامية بدون أن يفسد الأخلاق، أو يزرع بذور الرذيلة في النفوس. ففي وصفه وتحليله وسرده نفخة أدبية تصرف الأذهان عن التفكير بماهية الموصوف، ونزعة تكاد تكون علمية في أمانتها هاى إبراز الطبيعة البشرية خالية من اللَبس والغموض.
وأراد المؤلف التخصَص في درس جانب معين من المجتمع الفرنسي، فحصر نفسه، في هذه السلسلة، بين نماذج من الفتيات والنساء، وإذا به يتعمَق في الخصوصيات، ويشبعها درساً بلغ به قرارة الطبيعة البشرية، ونفذ منها إلى العموميات، إلى ما هو "حقيقة إنسانية" في كل زمان ومكان. وقد يكون هذا الشمول جوهر أدبه، والقيمة العليا التي تجعل من هذه السلسلة مؤلفاً وافر الحظ في تسنم ذروة الخلود.
ويجد القارئ في هذه الكتب الأربعة ملاحظات تستوفيه وتدعوه إلى التفكير والتأمل، إذ يكتشف حيالها، في نفسه "أشياء" كان يحسها محفوفة بضباب من الغموض، فإذا بها تتَضح وتبدو سافرة جليَة، وهذا ما عنيناه بنفاذ المؤلف إلى العموميات من خلال إمعانه في تحليل الخصوصيات.
ولما كان مونترلان قد تعمَد أحياناً التورية والتمويه، عملاً بأسلوب أدبي يعتبره ضرباً من الإبداع، أو طريقة يريد بها التوجه إلى فئة معيَنة من القراء في بيئة معيَنة من المجتمع الفرنسي، فقد عمدنا إلى التعليق والشرح لتمكين القارئ العربي من الوقوف على كل ما في هذا السفر من القيمة الفكرية والأدبية. إقرأ المزيد