سلسلة المحاكمات التاريخية الكبرى
(5)    
المرتبة: 137,322
تاريخ النشر: 01/01/2002
الناشر: المنشورات الحقوقية صادر
نبذة نيل وفرات:"محاكمة سقراط"
تأتي هذه الثلاثية ضمن سلسلة المحاكمات التاريخية الكبرى، وقد شملت: "محاكمة سقراط"، و"محاكمة يسوع"، و"محاكمة جان دارك" حول الكتاب الاول "محاكمة سقراط"، "أنا ابن قابلة ماهرة"، قال سقراط عن نفسه، فقد رعي أن أولّد النفوس الحبلى بمثار الحكمة"، تلك القابلة التي أنقذ ولدها اسمها من النسيان تدعى "فارناريت"، ...وهي امرأة فاضلة اقترنت بنحات مغمور اسمه (سوفرو نيسك)، ومن زواجها وُلد سقراط في (ألوباس)، على مقربة من أثينا حوالي سنة 469 ق. م. تعلم سقراط مهنة أبيه، ومارسها بإتقان اول الامر، لكنه ما عتّم أن تحرر منها.
كان ذات يوم يحاول أن يبثّ في الحجر الحياة البادية في ملامح أحد الوجوه فسمع صوتاً يناديه: "ما بالك يا سقراط تبذل الجهد الجهيد لتنقل إلى الحجر صورة مثال جامدة لا روح فيها، ولا تفكر بأن تصقل نفسك فتجعل منها تمثالاً حيّاً يجسد حقيقة ما هي عليه الآلهة. تلبية لهذا النداء الداخلي تخلى سقراط عن المطرقة والأزميل وانصرف إنصرافاً كلياً للبحث عن الحقيقة... أراد والده حمله على العودة إلى المحترف، فلم يعد، بل كان يقول: "أريد أن أتعلم، فالآثار الفنية مهما بلغت من الجمال تبقى صماء، أما البشر فينطقون وبي حاجة لسماعهم [...].
وضرب بهذا القول موعداً "للحوار" مع التاريخ فمن الحكيم في نظر سقراط، بل ما هو بقياس الحكمة في رأيه، لقد تبين لسقراط نتيجة تأمله أن سعادة الإنسان تتحقق بفضيلته، وما الفضيلة إلا معرفة الخير وعمله... وبمقتض ذلك حوكم وأدين وأعدم.
يزخر الكتاب بمواضيع تكشف عن فلسفة سقراط والتهم التي وجهت إليه بموجبها وسير المحاكمة وو... وفيما عرضه المؤلف في سياق تسليطه الضوء على هذه المحاكمة ما يلي: 1-أصول المحاكمة في خطوطها العريضة، المحاكمة ومناخاتها، دفاع سقراط، الردّ على التهم الموجهة إليه والذي ابتدره بحديثه حول فضيلة الخطيب قول الحقيقة موضحاً الأسلوب الذي سيعتمده في مخاطبة المحكمة، ثم ردّه على التهم حيث اعتبر أن الدعوى ضده عميقة الجذور، ووليدة أحقاد دفينة بثها خصومه في صدر الاثينبين على مدى سنين طويلة، مفنّداً ومن خلال إستنطاقه رجال السياسة وأهل الصناعة عدم معرفتهم للحكمة، مبيناً أسباب ذلك، ومن ثم كان له ردّ على شكوى "مالتيوس" والتي تمحورت حول قضايا تناولها سقراط بنداً بعد بند وهي: 1-إفساد الشباب، 2-عدم الإيمان بالآلهة، 3-احلال آلهة جديدة مكان آلهة المدينة، منهياً ذلك بإعلانه أنه لن يكون الضحية الاخيرة في موقف تحدي مؤكداً أن وكيفا سارت الأمور، إلا أنه بالنسبة له: الموت ولا الهوان...
وهكذا يعرض المؤلف لفلسفة سقراط مبيناً أن الجدل الذي أثاره سقراط في حياته ومحاكمته ووقفته أمام الموت مستمراً حتى اليوم، مناقشاً المواقف التي تبقى دليلاً على أنه وفي جوٍّ من الخوف على زوال مكسب أو فوات مطلب أو تصدع سلطان يفقد أولياء الأمر رشدهم، ويغلق على قلوبهم فيدينون هؤلاء العظماء الذين شكلوا قافلة من الضحايا الذين شهد التاريخ لهم.
هذا وقد أغنى المؤلف عمله هذا بملاحق جاءت على النحو التالي: 1-سقراط والسفسطانيون، 2-موقف سقراط من السفسطانين (مقاطع من بروتاغوراس)، 3-العداوات بين الآلهة (من محاورة أوطيفرون)، 4-سقراط والقوانين (من ذكريات سقراط)، 5-أقوال في سقراط: كيف يرفق سقراط بين المعرفة والحق (كنت)، سقراط والاخلاق (شيشرون، القديس أغوسطينوس)، سقراط والعلم (أوغست كونت)، سقراط ويسوع (جان جاك روسو).
"محاكمة يسوع"
حول الكتاب الثاني "محاكمة يسوع" في سلسلة المحاكمات التاريخية الكبرى، وفي ذلك يقول المؤلف: "وإذا كانت "محاكمة يسوع" تندرج في هذه السلسلة على أنها عنوان ضخم من عناوين الأخطاء القضائية أو الأحكام الجائرة، فهي تختلف عن سواها فيما أحدثته في تاريخ البشرية من تغييرات تخطت حدود التصور، وبشخصية المسيح التي كان هدفاً لها [...].
من هنا، يؤكد المؤلف على خطورة الموضوع التي بالنسبة له لا يوازيها إلا صعوبة الخوض فيه، بل يراها صعوبتان: الأولى: ناجمة عن إعادة تكوين الدعوى بعد أن مرّ عليها عشرون قرناً، مبدياً أن التغلب على هذه الصعوبة ممكن لتوفر عناصر المحاكمة الأساسية في الأناجيل الأربعة التي يتفق ما روته بهذه الخصوص، والحقيقة التاريخية، على ما بينه في "تمهيد" لهذا الكتاب، ومنه عمد إلى الإنطلاق على عرض وقائع المحاكمة ومناقشة ما دار فيها وما رافقها من مخالفات جوهرية، مقيّماً الحكم الذي اقترنت به في ضوء الشريعة اليهودية وأحكام القانون الروماني التي كانت سائدة في ذلك الزمان، محاولاً الإجابة على السؤال الخطير: "من المسؤول عن إمانة القدوس؟"، معتمداً الموضوعية أسلوباً في المعالجة، كما لو كان البحث يتناول أي قضية أخرى.
أما الصعوبة الثانية فيقرّ أنه لا حيلة له فيها لان الكلام عن يسوع من خلال محاكمته، وهو ابن الله، في نظر مئات الملايين من الناس، لا يكون كمثل الكلام على الإسكندر أو قيصر وأمثالها من عباقرة التاريخ، مبيناً بأنه وعندما يتحدث حولهم؛ لا يقع في حيرة الكلام.
ويقول: "أنا يسوع فلكم وردت أن يكون للقلم، كلما جرى على ذكره في هذه "المحاكمة" بدل الصرير على الورق، همس الصلاة او شَجْوُ الغناء، فليس بغير الصلاة يخاطب يسوع أو يدور عليه الكلام، والغناء في الأصل صلاة، أما هكذا صنع إمام المغنين؟ ولكن أين كل شددٍ من ترنيم المزامير؟ [...].
(محاكمة جان دارك)
حول الكتاب الثالث "محاكمة جان دارك" في سلسلة المحاكمات التاريخية الكبرى، تمرّ الشعوب في تاريخها بحالة من اليأس والقنوط أو الإحباط وفقدان الرجاء.
كان هذا في سنة 1425 حال فرنسا التي لم تكن، في ذلك الزمن، تعاني فقط ذلّ الهزائم والإحتلال، بل مرارة الإنقسام على ذاتها، والتمزق بين قوى متناحرة جعلتها فريسة الفوضى، الجيش شبه معدم، وباريس تئن من الجوع وتفتك بها الأوبئة، والأفق مغلق ولا تلوح فيه بارقة أمل بزوال هذه الحال.
وقد أدى ذلك إلى تفشي الظلم والجرائم والإرتهان، آخر الأمر، للأجنبي، وهو ما كانت تسميه "جان دارك"، في صراعها مع الملاك في منابت (دومرامي) البؤس الكبير المخيم على مملكة "الزئبق".
هذه الصورة هي التي كانت بادية للأنظار، أما وراء الصورة، فبالإمكان قراءته في معاهدة كرّست عاهل إنكلترا ملكاً على فرنسا، وجمعت تحت تاجه ضفتي المانش على شكل (نورماندي) واسعة حول المتوسط الشمالي، جاعلة من فرنسا، كما يقول "جان غيتون"، أفريقيا إنكليزية، وأحدثت في خريطة أوروبا تغييراً كبيراً إلى أمد غير منظور، وأرست ركائز التاريخ المقبل.
وقد حظيت هذه المعاهدة بموافقة نخبة الفرنسيين وفي مقدمتهم (جامعة باريس؛ بالرغم من أنها قضت على فرنسا كدولة مستقلة ذات سياسة، وكنت ترى بالمقابل ملكاً شريداً، متردداً قلقاً، ويسمونه إزدزاءً "ملك بورج" نسبة إلى المدينة التي لجأ إليها، وانحصار سلطته ضمن حدودها الضيقة.
وكانت تنتابه شكوك بنفسه فيتساءل إذا كان حقيقة ابناً شرعياً لوالده الملك شارل السادس أم لا، وكان لديه أكثر من سبب للإرتياب بصحة بنوته، كل ذلك البؤس كان يجسده موقع على وشك السقوط في أيدي الإنكليزي، حتى إذا ما سقط فتحت الطريق أمام إحتلال سائر المدن والأراضي التي ما زالت خارج سيطرة إنكلترا وتم ربطها بالمناطق الأخرى الواقعة تحت الإحتلال، ودانت فرنسا للتاج الإنكليزي.
هذا الموقع هو مدينة (أورليان) المحاصرة، وقد لحقت على أبوابها في 12 شباط 1429 هزيمة نكراء بالجيش الملكي، مؤشرة بسقوط المدينة المحتّم، حتى أن الأورليانيين عرضوا على دوت بورغونيا حليف الإنكليز الإستسلام إليه مفاتح حلفاءه بالأمر، لكنهم رفضوا فأخذ شارل السابع يحزم حقائبه للرحيل إلى ايكوسيا كما نصحه البعض، أو إلى أسبانيا، كما زين له الأمر البعض الآخر، وكان سينتهي كل شيء، ويتحول محور الحضارة من باريس إلى لندن؛ مما يؤثر ليس فقط في تاريخ أوروبا السياسي؛ بل في تاريخها الديني أيضاً...
وفيما المصير المرتقب يتأرجح بين حلين... ظهرت صبية قادمة من تخوم (اللوران) وراحت تعلن بحزم وثقة أنها ستنفذ مدينة أورلاين وترفع عنها الحصار وتكرس ولي العهد ملكاً في كاتدرائية (ريمس) على غرار ملوك فرنسا، وتطرد الإنكليز من الأراضي الفرنسية، وتقول أنها منتدبة من الله للقيام بهذه المهمة ثم تفعل ما تقول، وتتمكن بخلال أربعة أشهر من تحرير (أوليان) والسير بشارل السابع إلى مدينة (ريمس) بالرغم من المعوقات العسكرية والسياسية التي اعترضت ضربتها، ويتم تتويج ولي العهد المذكور ملكاً على فرنسا من الكاتدرائية التي يتوج بها الملوك؛ ولكنها، قبل أن تُخرج الإنكليز من جميع الأراضي الفرنسية وتتم النبوءة التي أعلنتها بهذا الخصوص سقطت جان دارك أسيرة في (كومبيانيا) التابعة إقطاعياً لجان ده لوكسمبورغ الذي سلمها بالإتفاق مع دوق بورغونيا للإنكليز لقاء فدية باهظة فحاكموها بواسطة الكيركيين تابعين بأنها سحّارة هو طوقية مرتدة وأعدمت حرقاً في ساحة مدينة (روان) العامة المسماة بالسوق العتيق.
وكانت الغاية من ذلك وصم عملية تتويج شارل السابع ملكاً على فرنسا بعيب خطير، وهو أنه مدين بملكه إلى امرأة سحّارة خالطها الشيطان! ثم تحقق نبوءة جان دارك بعد موتها، فيخرج الإنكليز من جميع أراضي فرنسا تحت وطأة الهزائم التي ألحقها بهم شارل السابع الذي عندما استتسب له الأمر أوعز بإعادة محاكمة جان دارك لردّ الإعتبار لملكه، فأصدرت المحكمة الكنسية حكماً أبطل الحكم السابق، وبعد حوالي خمسمئة سنة رفعت الكنيسة جان دارك بتاريخ 16 أيار 1920 إلى مجد المذابح، وأعلنتها قديسة في حقل كبير حضره ممثلو السلطة السياسية الفرنسية التي أعلنت بدورها تاريخ الرابع والعشرين من شهر حزيران عيداً وطنياً.
إن ما حققته هذه الفتاة من أعمال خارقة، وما أعلنته عن مهمتها وأكدته في جميع مراحل التحقيق معها، وما إذا كانت الباعث إلى تقديمها للقضاء، وإعادة محاكمتها بعد وفاتها، هو إقامة العدل، أم تكريس السلطات المنتصر عن طريق تسخير العدالة...
كلها مسائل سوف يتسنى للقارئ الإطلاع عليها في ختام هذا الكتاب "محاكمة جان دارك" كما لو كانت المحاكمة مستمرة، وأنها لسوف تستمر ما زالت هناك عقول تقلقها عدالة البشر وتحاول النفاذ إلى سر تلك الراعية الصغيرة التي غيرت بسرعة مذهلة وإلى أمد طويل وجه التاريخ في أوروبا.
كما أن مراحل هذه الملحمة الفريدة وفصولها جاءت مدونة من هذا الكتاب (محاكمة جان دارك) والذي يشكل بعد (محاكمة سقراط)، و(محاكمة يسوع)، الحلقة الثالثة في هذه السلسلة "المحاكمات التاريخية الكبرى" والتي بها تقفل الكتابة على أخطر ثلاث محاكمات عرفها تاريخ البشرية: وهي ثلاث ظواهر جسدت على التوالي: الفلسفة الروحية مع سقراط، والديانة الكونية، ديانة الضمير مع يسوع المسيح، ومحبة الوطن على مستوى الدعوة مع جان دارك. إقرأ المزيد