مبحث المقولات في فلسفة ابن رشد
(0)    
المرتبة: 147,582
تاريخ النشر: 04/04/2016
الناشر: دار الفارابي
نبذة نيل وفرات:إنّ ما يميّز موقف ابن رشد في مبحث المقولات كونه ينظر إليه باعتباره أولاً موضوعاً لصناعة المنطق، وذلك من خلال الجهاز المفاهيمي المنطقي الذي يوظّفه في معرض حديثه عن كل مقولة من المتحولات العشر؛ سواءً تعلّق الأمر بالحدّ، أو الأنواع، أو الخصائص، مثل مفاهيم: "الكلّي"، "الجنس"، "النوع"، "الفصل"، "الحد"، ..."الحمل"... الخ.
لذلك يعتبر ابن رشد مبحث المقولات المدخل الأساسي للأرجانون، ما دامت الغاية من صنع المنطق تأسيس "نظرية البرهان" التي لا يستقيم الحديث عنها في غياب القول في المقولات؛ لأن البرهان "قياس ما"، والقياس يتالف من "مقدمات"، والمقدمات تتشكل من "موضوع ومحمول"، ولمعرفة الموضوع والمحمول وجب أولاً معرفة المقولات التي هي ألفاظ بسيطة تقال بغير تأليف وتدلّ على معانٍ تشير إلى موجودات، فضلاً عن ذلك؛ فإنّ المقولات تؤسس "لنظرية الحمل" باعتبارها محمولات تُحمل على شخص الجوهر، فمنها ما يعرف ذاته وماهيته (المحمولات الجوهرية)، ومنها ما يعرف أشياء أخرى خارجة عن ذاته وماهيته (المحمولات العرضية).
إنّ عناية ابن رشد بالمقولات لم تقتصر على المجال المنطقي فقط؛ بل تناولتها في المتن الفلسفي كلّه، منطقياً كان أو طبيعياً أو ميتافيزيقيّاً خلافاً للفارابي وابن سينا اللذين اكتفيا بلإشارة إليها في بعض نصوصها المنطقية، فضلاً عن الغزالي الذي أشار إليها إشارة يتيمة في كتابه "معيار العلم في المنطق" دون محكّ النظر، و"القسطاس المستقيم"، ومقدمة "المستصغى من علم الأصول" وإلى هذا، فإنّ غاية ابن رشد من مبحث المقولات هو فحص مجموعة من القضايا والإشكالات المنطقية والعلمية والفلسفية التي كانت مثار سجال كبير بين الشراح القدامى وفلاسفة الإسلام يتمثل، من جهة أولى في فقده للإرث المنطقي بعد أرسطو، ومن جهة ثانية، في الجهاز المفاهيمي الذي يستعمله ابن رشد لأول مرة في مجال المقولات، ةالذي لا يمكن العثور عليه لدى أي واحد من المناطقة والفلاسفة السابقين عليه.
وبالجملة، يمكن اختزال مظاهر تميز موقف ابن رشد في مبحث المقولات عن غيره من الشراح القدامى وفلاسفة الإسلام في المعطيات التالية: 1- "مقولة الجوهر"، 2- "مقولة الكم"، 3- "مقولة الإضافة"، 4- "مقولة الكيف" 5- "المتى والأين".
هذه باقتضاب أهم العناصر المشكّلة لموقف ابن رشد في مبحث المقولات والتي عمل الباحث على بسط القول فيها في الفصول التي شكلت هذا البحث، وذلك بغاية إبراز الدور الكبير الذي قام به ابن رشد في المتحولات والإضافات التي أضافها في هذا الباب، متميزاً عن الشراح القدامى وفلاسفة الإسلام.
بلإضافة إلى ذلك، فإن من بين الغايات التي يرويها الباحث من عمله البحثي هذه هو إدراك المضامين المنطقية والابعاد العلمية والفلسفية للمتحولات عند ابن رشد، مادامت هذه الأخيرة لها علاقة بأكثر من مجال معرفي، فهي تحضر في صناعة "المنطق"، و"العلم الطبيعي"، و"علم ما بعد الطبيعة"، لذلك لم يقتصر الباحث في عمله هذا، في هذا الموضوع، على "تلخيص كتاب المتحولات" لابن رشد، بالرغم من كونه النص الأساسي في هذا الباب، بل هوتناوله من خلال المتن الرشدي، سواء تعلّق الامر بالمتن المنطقي، أو الطبيعي، أو الألهي، وذلك بغاية إدراك منهجية فيلسوف قرطبة ومراكش في تعامله مع المقولات الأرسطية، بعيداً كل البعد عن كل القراءات والتأويلات التي مورست عليها من قبل الشراح القدامى ومفكري الإسلام من جهة أولى؛ وللتعرف على كيفية توظيف المقولات في بناء مشروعه الفلسفي من جهة ثانية.
ومن أجل بلوغ هذه المرامي، لجأ الباحث إلى فحص نصوص ابن رشد فحصاً دقيقاً وعميقاً، مقارناً إياها بنصوص أرسطو وشروحات القدامى، كمثل: "سامبلتيوس" (Simplicius) و "أمونيوس" (Ammonios) وغيرهما، فضلاً عن شروحاً وتعاليق وتواليف فلاسفة الإسلام. منهم: الفارابي، وابن سينا، وابن باجة، دون إغفاله أهم الأبحاث والدراسات الغربية التي أنجزت في هذا الباب، علّ عمله البحثي هذا يشكل مساهمة في إغناء المكتبة العربية خاصة والفلسفية على وجه العموم، وإثارة انتباه الباحثين لهذا الموضوع المغمور الذي لا يزال بحاجة إلى أبحاث ودراسات مادامت المقولات تحضر في كل مناحي القول الفلسفي، منطقياً كان، أو طبيعياً أو ميتافيزيقياً.نبذة الناشر:لم يحظ "مبحث المقولات" عند أرسطو أو لدى فلاسفة الإسلام كغيره من المباحث الأخرى، منطقية كانت أو طبيعية أو إلهية… بالبحث والدراسة، رغم أهميته القصوى في تأسيس العلم، وبناء القول الفلسفي الحق، وحلّ مجموعة من الشكوك كانت محطّ سجال بين النظار.
وعليه، يتعذر اليوم إنجاز بحث أو دراسة أقرب إلى الدقة والموضوعية حول فلسفة ابن رشد أو أية فلسفة أخرى ذات منحى مشائي دون استحضار مبحث المقولات. إقرأ المزيد