أروع ما قاله خطباء البحرين في رثاء أهل البيت 'الشعر الدارج'
(0)    
المرتبة: 103,799
تاريخ النشر: 01/01/2010
الناشر: شركة الأعلمي للمطبوعات
نبذة نيل وفرات:كان المنبر الحسيني ولا يزال صاحب الدور الأبرز والأكبر في صياغة ثقافة الأمة الإسلامية، وبناء وعيها الديني، وفكرها الرسالي، والخطيب الحسيني هو لسان كربلاء، وإعلامها المتجدد، حيث يستلهم دروس الإباء، والتضحية، والفداء في واقعة الطف، ليشحن بها النفوس، ويشحذ بها الهمم، ويعبئها بالقيم الإلهية الأصيلة، والأخلاق المحمدية النبيلة، التي ...انبثقت عن نهضة الإمام الحسين المباركة، التي رسمها بدمه الطاهر، ودماء أهل بيته الأخيار، وصحبة الأبرار.
ويأتي دور الشاعر مكملاً لدور الخطيب، ومتمماً لرسالته، حيث يسطّر ملحمة الطف في قالب شعري، وبأسلوب أدبي، يستدرّ الدمعة، ويهيج اللوعة، ويجيش الخواطر ويلهب المشاعر، ويحفظ للقضية الحسينية وهجها وحرارتها.
خصوصاً إذا كان الشاعر يجمع بين هاتين الصناعتين المتناغمتين، فالخطيب أدرى بمواضع الألم، وأعلم بمواقع الأسى، وأعرف بما يثير المستمع، وإلى هذا فالبحرين واحدة من البلدان التي عرف أهلها بولائهم الطافح لأهل البيت، وهي لا زالت منذ الزمن القديم على مدى القرون المتطاولة، ومرّ الأيام تربة خصبة بالإنتاج الفكري والأدبي، حيث كانت محط رحال العلماء والأدباء، ومناخ مطية الشعراء والخطباء، الذين تأثروا بالأحداث التي مرّ بها أهل البيت لا سيما مصيبة الإمام الحسين التي طغت على كل الأحداث، ففاضت فهم القرائح، بأشجى المراثي وأبهج المدائح، فكان الشعر الحسيني معلماً من معالم حبهم وعشقهم، وتعلقهم بأهل البيت وتفاعلهم مع قضية الإمام الحسين.
وقد امتاز شعرهم ببساطة الأسلوب، وعذوبة الألفاظ، وقوة المعقول، وشدّة التاثير، مما حفظ جانباً كبيراً من حرارة القضية الحسينية للأجيال المتعاقبة، فكانت فيهم الحسّ النابض، والفكر الناهض؛ ولكن لم يحفظ التاريخ، وللأسف، سوى القليل من شعرهم، وحفل تاريخ البحرين بعد وافر من شعراء الفصحى المرموقين، الذين نظموا في مدح ورثاء أهل البيت قصائدهم أمثال: الشيخ جعفر بن محمد الحظي (ت 1028هـ)، والسيد ماجد العريضي الصادقي الجد حفصي (ت 1028هـ) والسيد حسين العريني (ت 1001هـ)، والشيخ حسن الدمستاني (ت 1182هـ)، والشيخ أحمد بن المتوّج (820هـ) والشيخ عبد النبي بن أحمد بن مانع (ت 12هـ) وغيرهم.
إلى جانب ذلك، تزخر البحرين بشعراء الشعر الدارج أو النبطي، الذين نالوا نصيبهم من الشهرة، وحظهم من القبول، وصارت أبياتهم تتلى على أعواد المنابر.
وهنا، لا بد من تسليط الضوء على الشعر الدارج أو النبطي الذي مثل تراثاً شعرياً بحرافياً لا يستهان فيه، والشعر الدارج هو شعر عربي ملحون، خرج على ضوابط العرب في كلامهم العرب؛ هذا ولا يختلف الشعر العربي الشعبي عن القريض في تعدد أغراضه الشعرية، ولا في قوالبه وبحوره، فهو كالشعر العربي القريض، لكن الكلمة المستخدمة هي اللغة المحلية الدراجة، وتلتزم القصيدة الدارجة أو النبطية بالأوزان التقليدية الخليلية، مع وجود بعض الإختلافات المتعلقة بعدد التفعيلات، وبأوزان مبتكرة.
وقد عرف بعدّة أسماء، منها: (النبطي) تشبيهاً له بكلام النبط (جيل قدموا من بلاد فارس من العرب المستعربة ونزلوا بالبطائح بين العراقين يعرفون بالأنباط)، وعرف بالنبطي لخروجه عن قواعده العربية؛ فكأن كلام النبط الذي يلحنون به، ولا يقيمون إعرابه، وقيل: سمي بالنبطي لأنه مشتق ومستنبط من الشعر العربي، ودليل ذلك أن أغلب مفردات الشعر النبطي عربية فضحى ينقصها فقط التشكيل الصحيح، وضبط الإعراب، فتصبح عربية فضحى، ولعل هذا أقرب للصواب.
ومهما يكن من أمر، فقد جاء هذا النمط الشعري متأخراً عن الشعر الفصيح، وأصبح أكثر قبولاً لدى عامة الناس، كونه أقرب إلى فهمهم، وأكثر قدرة على تحريك مشاعرهم، وإن كان الشعر الفصيح أكثر رصانة، وأجمل أسلوباً.
ولعل أقدم الدواوين في الشعر الدارج في البحرين هو ديوان الخطيب البارز الملا علي بن فايز، والذي كان عبارة عن قصائد حفظها الخطباء، وروّاد المجالس الحسينية في صدورهم قبل أن يقبض الله لها من يجمعها في ديوان.
من هنا، تأتي أهمية هذا الكتاب الذي ضم تراجم لأهم (55) خطيب شاعر من البحرين الماضين والمعاصرين، مع مقطوعات مختارة من شعرهم الدارج في رثاء أهل البيت. إقرأ المزيد