العلمانية والسجالات الكبرى في الفكر العربي المعاصر ؛ من هواجس التأسيس المتعالي إلى مآزق النقد المحايث
(0)    
المرتبة: 55,687
تاريخ النشر: 28/07/2016
الناشر: دار الروافد الثقافية
نبذة نيل وفرات:ليس الحديث في سؤال العلمانية في الفكر العربي المعاصر من جنس القول العابر والمؤقت والمرتحل، ينتهي بمجرد إنفراط عقد من يطوفون حوله، أو هو من "فتنة الهوى"، يشغلنا لبرهة زمنية فنفتتن بحديثه وراهينته، ونجد فيه فسحة كلامية لنعبر عن مشاغلنا وهمومنا اليومية ومخاوفنا من المستقبل، وحتى في أنفسنا الهائمة ...في مسار تاريخي جارف يجري إلى مستقر تخومه حديث النهايات، حيث تنعي الذات البشرية ونبشرها بمنتهاها الحتمي.
إنما نحن نريد لهذا السؤال أن يكون فاتحةً لعهدٍ فلسفي وفكري يحوز على ميزة الحضور الدائم في فضاء التفكر الفلسفي، وأن نهيأ أنفسنا لعهد زمني إشكالي في صميمه، نؤثثه بالمفاهيم التي هي من حسّ القاطن المستقر في مسكنه، آيته في ذلك، هذا الربو الإشتغالي بمفهوم العلمانية في الفكر العربي المعاصر، والتأليف المتزايد بمتتالية متصاعدة أثرت المكتبة العربية وأغنتها، مما يجعل منه مفهوماً حاضراً بقوة الإغناء التي هي فيه، ومدى الإثراء الذي هو عليه، ثراؤه مأتاه من تناقضه، فهو قاطن في موطنه داخل مسطح العهد ومرتحل في فضائه، ثابت على تزمته في التاريخ ومسافر من فضاء النصوص الفلسفية، واحد من جهة مفردته اللسانية ومتكثر من ناحية مدلولاته ومعانيه، وبفضل هذه التناقضات، نستطيع أن نفهم او أن نمسك بخيط معرفي يقودنا صوب الكشف عن سر الإهتمام بمفهوم العلمانية.
إن هذه الصفات التي تتواجد داخل هذا المفهوم هي التي تجعل للنقاش الفلسفي معنى وغاية وتُنسج منه خيوط تواشج مع باقي المفاهيم المجاورة له، وهي في ذات الأفق شرائط لإستمراره وحيويته، وفي مجمل القول المنفتح ابستيمولوجاً على ممكنات التفكر الحق؛ لأن التساؤل فيه خاصة في متون النص الفلسفي العربي المعاصر يُعد في نظرنا إستئناف له بصورة أكثر جدية ورحابه في ظل نصوص ترنو إلى إستملاكه من حيث هو أولاً هم عربي بإمتياز، ومن حيث هو نازلة أنطولوجية ومفترض معرفي على مستوى عالي من العسر التحليلي، ومن زاوية أن النظر فيه يقتضي التعاطي معه وفق منزع ذاتي متمرس داخل نصوص فلسفية، أي أننا وفق التوصيف الطريف لفتحي المسكيني: "نمشي قليلاً إلى أنفسنا ومشاكلنا، ولكن من خلال وفي صحبة بعض من الفلاسفة الذين سبقونا بمعنى ما إلى أنفسنا ومشاكلنا، ولكن دون أن يكونوا نحن... إن فرادتنا ليست إدعاءً عرقياً وروحياً، بل هي معطى كوني يجعلنا في صلة سابقة مع كل من فكر قبلنا، ولكن دون أن يكون تفكيره ذلك مانعاً لوجودنا أو سبباً للإستغناء عنها...
ضمن هذه المناخات المتخمة بهموم العلمانية والزاخرة بالسجالات الكبرى حولها في الفكر العربي المعاصر يأتي هذا العمل الفكري الجماعي، في محاولة للإجتهاد للتقدم خطوة جهة النصوص التي كانت سنداً للمفكرين في تحليل محتوى المفهوم والتي منحتهم مقدرة معرفية على الإشتباك معه.
في غمرة هذا العرك النصي تتنزل مقالات المفكرين المساهمين بهذا العمل إبتداء من الباحث "عمر بن جليدة" ومقاله التفاؤلي بعنوان "في قلق العلمانية"، ليكون من ثم التحرك معرفياً داخل نص المفكر "محمد أركون" حيث عرج الباحث "محمد بكاي" على رؤية أركون للعلمانية وقضاياها المركبة، ويقدم الباحث "اليمين بن تومي" قراءة طريفة لمسائل العلمنة في فكر نصر حامد أبو زيد، وطرافته تكمن في مقدرته على إجراء حفر أركيرلوجي في عمق الشخصية العربية ذات الجوهر الصحراوي التي تمتلك رؤية أنطولوجية تمجد فضاء القحط والخراب الدنيوي وتنتظر منشودها الميتافيزيقي، أما العلمنة فهو مفهوم متزامن أنطولوجياً مع مجتمع اللذة والوفرة مما يضاعف من ملهيات عدم إستنبات العلمانية في الفكر العربي.
وأما الباحث "زروخي الشريف" فقد ناقش ما قدمه المفكر العربي ناصيف نصار حول العلمانية والمشروع النهضوي العربي الثاني، ويتوجه الباحث "اليزيد بو عروري" إلى عرض المنحى العلماني للمفكر جورج طرابيشي، وأما ذاك المنحى العلماني عند المفكر إدوارد سعيد فقد تناولته الباحثة "سامية بن عكوش".
بينما راح الباحث "موسى بن سماعين" يجتهد في عرض مقاربة المفكر العربي "برهان غليون، هذا من جهة، ومن جهة ثانية هناك نصوص انشغلت بمستوى آخر من الحديث عن العلمانية، أي التي عملت جاهدة على إعتراض مسار العلمانية في الفكر العربي المعاصر، تتقدمهم مقاربة المفكر العربي "أبو القاسم حاج حمد"، بحمولتها المعرفية الثقيلة، مقاربة، عمل الباحث "فيصل حصيد" على تحليلها إلى مكوناتها.
ثم يأتي عمل الباحث "محمد الشريف الطاهر" في مقاربته للمفكر الموسوعي عبد الوهاب المسيري، أما مقاربة المفكر العربي "طه عبد الرحمان" فهي على ذات الخط الفكري المناهض لمسعى التوجه العلماني في الفكر العربي المعاصر، والتي تناولها الباحث "عبد السلام بوزيره".
وفي توجه مماثل، يقترب الباحث "عمر بن ذنبة" من تخوم القراءة النصية لمعلمين كبيرين في الفكر العربي المعاصر هما: حسن حنفي ونصر حامد أبو زيد: أما الباحث الحاج أو حمتة دواق، فإنه سعى إلى تقديم مقاربة تحليلية مبنية على مقتنيات تاريخية تتمحور حول البحث عن طبيعة العلاقة بين العلمانية والتسامح، في حين يذهب الباحث "رائد عيسى الحسناوي" إلى الحديث عن "علمانية دينية" أي فصل الدين عن الدين، بينما سعت الباحثة "عائشة لصلج" إلى تقديم مقاربة مبدعة من جهة موضوعها، بحيث حاولت أن تبحث في حرية التعبير بإعتبارها قدس الأقداس في العلمانية والدين معاً.
وأخيراً، وبالقرب من هذه المقاربة أبان الباحث "نبيل محمد صفير" عن مقدرة فارقة في إجراء مقارنة بين الخطاب العلماني والديني. إقرأ المزيد