تاريخ النشر: 01/01/2013
الناشر: دار الحامد للنشر والتوزيع
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة الناشر:ليس بدعاً أن تلتقي مظاهر الابداع، فيتأثر بعضها ببعض، وياخذ بعضها عن بعض، ولعل الشعر والفلسفة وهما من أقدم إبداعات الانسان ومعارفه مثال حي على ذلك، رغم ان الفيلسوف والشاعر ينظران الى الحياة، ويفسران الحقائق من زاويتين مختلفتين، فالفيلسوف ينظر ويلاحظ ويتأمل، ويحلل ويركب ويحاول وضع قوانين مظاهر الحياة، بينما ...ينظر الشاعر ويلاحظ وقد يتامل، ولكنه عند ذلك سعير عن تأثره بما لاحظ أو نظر، فهو اذن يسير في طريق الفيلسوف ولكنه يفارقه من حيث ان الشاعر ياتفت الى عواطفه التي حركها المشاهد، بينما يسير الفيلسوف مع عقله لكي يجمع الاجابات عن الأسئلة التي سألها فيركب منها قانوناً موحداً يفسر فيه حدوث الظواهر واختلافها وأسباب تغيّرها.. . الخ، وقد يسأل الشاعر ويحاول الاجابة مع نفسه ودون أن يصرح بذلك في شعره، وقد يأتي ذلك صريحاً فيه، فينجو في الحالين نحوأ عقلياً تخبو فيه عاطفته، رغم ان شعره يظل محتفظاً بسمات الفن الشعري كالخيال أوالتصوير مثلاً، وقد يغرق الفيلسوف بالدهشة والعجب، فتتحرك شاعريته للتعبير عن مشاعره إزاء ما أدهشه أو أثار عجبه، ولايهمنا أن يتشاعر الفيلسوف فيصور عواطفه أو أحاسيسه، بل يهمنا الشاعر المتفلسف الذي تأثر لابما شاهد أو تأمل فحسب، بل بما قرأ أو سمع فعبَّر عن ذلك كله شعراً لايجافي فيه عواطفه كلياً، أي أنه ريهجر مخيلته وهو ياخذ من الواقع النظري. هذه الالتفاته من الشعراء الى الفلسفة دفعتني الى البحث عن مدى أثرها في الشعر فناً أدبياً له ما يميِّزه عن العلوم العقلية، من أجل أن أصل الى تقرير جدوى هذا اللقاء، وصحته، وبسط وجوهه المختلفة.
لقد تناول البحث علاقة الشعر بالفلسفة في عصر يعد اخصب عصور الحضارة العربية الاسلامية، ولايتعارض ذلك مع ما تعرضت له السلطة السياسية من ضعف وتدهور في مركز الخلافة بغداد، ذلك لأن الحياة الثقافية ظلَّت في نحو مستمر حيث حققت نتائج ايجابية لازالت تفصح عن اسهام العرب الفاعل في الحضارة الانسانية، وقد اقتصر البحث على علاقة الشعر بالفلسفة منذ أوائل القرن الثالث حتى نهاية القرن الخامس، إذ إن أحداً لم يتناول هذا الموضوع في حدود هذه القرون الثلاثة، وقد شهدت هذه المراحل الزمنية من تاريخ العصر العباسي ظهور شعراء كبار في فنهم الشعري صوراً وأساليبَ وأخيلةً ن وتبلورت الفلسفة العربية الاسلامية على يد كبار المتكلمين والفلاسفة في تأريخنا العربي الاسلامي. واقتصر البحث على الشعر في العراق وشرقه وبلاد الشام لأنها استمرت متصلة ثقافياً رغم عوامل الانفصال والتمرِّد، ولم يكن من وكد هذا البحث التعرض للشعر في الاندلس خلال هذه المرحلة الزمنية، أو للشعر في مصر وشمال أفريقية، لأنها مواطن قامت فيها دول استقلت تماماً، وانفصلت عن جسد دولة الخلافة العباسية في بغداد، وأصبحت لها ثقافات تميِّزها بفعل موقعها الجغرافي، وطبائع سكانها، وأحوالها السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
لقد اشتمل البحث على مدخل عام وأربعة فصول، وقد عرضت في المدخل مجمل الحياة السياسية والاجتماعية وملامح الحياة الثقافية بشكل مختصر بالقياس الى الاولى والثانية، وبعض التفصيل بالقياس الى الثالثة، لأنها تعني ما شاع في ذلك العصر من علوم وثقافات وفنون، ثم تناولت في هذا المدخل مصادر العصر الفلسفية التي تعددت واختلفت كماً ونوعاً، ثم القيت نظرة على علاقة الشعر بالفلسفة، وكيف بدأ هذا اللقاء، وماهي صورة أثر الفلسفة في الشعر إثر شيوع المفاهيم الفلسفية في القرن الثاني.
أما الفصل الاول فقد تناولت أثر الفلسفة في مظاهر الشعر، حيث شاعت ألفاظ الكلام والفلسفة، أدخل الشعراء أساليب الفلسفة، وتأثروا بأخيلتها، كما ان الفلسفة ألقت بظلالها على بعض صورهم.
وتطرق الفصل الثاني الى أثر الفلسفة في مضامين الشعر، إذ عالج الشعراء مسائل فلسفية مهمة استجابة لملاحظاتهم وتأملاتهم لعصرهم وحياتهم، أو تأثراً بقراءاتهم ومطالعاتهم وعلاقاتهم بأصحاب الفلسفة والكلام، وقد حاولت أن أرجع الاشارات الفلسفية الى مصادرها المختلفة.
أما في الفصل الثالث فقد تعرضت الى علاقة الشعراء بالفلاسفة، ونظرة كل منهما الى ابداع الاخر، ثم تناولت موقف النقاد من هذه الظاهرة ن فوجدت منهم من استحسن تأثر الشعر بالفلسفة، ومنهم من رفض ذلك، بينما حدد آخرون وجوهاً لهذا التأثر، ثم أعقبت ذلك بنظرة نقدية اوردت فيها تصوري لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الشعر والفلسفة.
وجاء الفصل الرابع دراسة فنية للشعر الذي تضمن افكاراً فلسفية وقد تناولت فيه عبر خمسة مباحث بناء القصيدة، والفنون الشعرية، والالفاظ والتراكيب والصور الشعرية او البلاغية ثم الاوزان والقوافي. إقرأ المزيد