لبنان من دويلات فينيقيا إلى فيدرالية الطوائف - رهانات فوق جغرافيا ملعونة
(0)    
المرتبة: 32,347
تاريخ النشر: 23/05/2013
الناشر: دار الفارابي
نبذة نيل وفرات:منذ فجر التاريخ كانت فينيقيا. وفينيقيا حقيقة في التاريخ. وجبل لبنان هذا قلب فينيقيا، وإن لم تبدأ فينيقيا في هذا الجبل! إلا أن لبنان عكس فينيقيا، ولأن فينيقيا كانت مفعمة بالغموض، هكذا شاءت! فقد بدت للعالم أخاذة، ولعل هذا مل لم ترده، منذ مئة مليون عام أشرقت الشمس على ...جبل تيث (لبنان)، فانتصب منظراً من يبارك ترابه، ولم يكن يتوهم كثيراً، فلم يكن يومها مخترع المظلة قد وجد بعد، وحده الزحف البسيط أصبح متاحاً، ولو بعد حين! ولا يعلم أحد متى جاءت البذرة الأولى لتنغرس في تربته، جاهلة أن الوهم والقلق سينموان معاً الى ما شاء الله! ومنذ خمسين ألف عام ترعرع هنا انسان انطلياس، ومات ولم يترك أخباراً! وحدها العظام بقيت ساهرة على وجوده – عبوره. لكن شيئاً لم يدلنا على فرح أو قلق، أو وهم. ولم يترك أثراً في الصخر أو التراب، ولا الرمل! يدل على الجهة التي منها قدم، لكنه لم يأت به البحر يقيناً، ولم يهبط من السماء! ولبنان هذا امتداد في الجغرافيا، وله اتصال في التاريخ؛ وفي التاريخ تسطر الأحداث، وفي وعاء الجغرافيا تطبخ. وإذا كانت الجغرافيا تلزم بالجيرة، فلزوم الصبر على متاعب الجيرة أمر واجب؛ وإلا فاحزم أمتعتك وامض. عليك الانخراط في هموم التخوم، ولا حول ولا قوة الا بالله. قد لا يكون لبنان – الملجأ بؤرة طبيعية للقلق، الا انه لم يستطع – على توهم انعزاله أن يؤمن الأمان الواثق لمن توهم! وقد لا يكون لبنان – الانسان هو مخترع الاضطراب في هذا الشرق، الا انه يستطيع أن يبرئ نفسه، كشاهد على الاقل، ولا أن يدعي البراءة، رغم أنه هرب ذات يوم، اما من اضطراب صنعه، وإما من اضطراب أزعجه، لكنه رافقه، أو لحق به! فماذا يفعل؟ لماذا لا يعرف اللبناني الاستقرار، ولماذا لا يتقن فن الاتحاد؟ ورغم هذا أو ذاك، يريد أن يكون علامة مميزة، وربما هو كذلك! مؤثر هو.
وشديد التأثير هو، لكنه كأنه لا يستطيع أن يتحمل مسؤولية ما يصنع، ومن أهم ما يجب أن يصنع، وما يفشل – على الاقل حتى اللحظة – هو أن يكون صاحب دولة! وللدولة شروط يجب تحقيقها حتى تتحقق، وأولها المصلحة العليا، وهذا ما يفتقده أصحاب الجبل، منذ الأزل! ميزتان قلقتان، ملازمتان للذهنية اللبنانية: الهوية والعلاقة، ورغم أن اللبنانيين من أشد خلق الله خليطاً في هذا العالم، تجد بعضهم – من أصحاب القلق – يعيدوهم الى أصل واحد، أو يطيرون بهم بعيداً الى ما وراء الماء المالح. ورغم صلة التراب والحجارة، فإن بعضهم – أصحاب الشكوى – يهربون بهم الى طلب نجدة بعيدة، وإما الخضوع الى مسيطر قريب! ولعل القوي البعيد يستغل فطرتهم في لحظة حاجة، أو أن الجار القوي يتبرم منه لشدة اضطرابهم، فيدير الظهر، أو يضيق صدره فيضمهم تحت جناحه، ولكنهم لا يتقنون السكينة، فيعيد لفظهم! أما في الدين فحدث! لقد حيّر اليهود الله والأنبياء.. أما اللبنانيون فقد حيروا أنفسهم والعالم! فالايمان عندهم مسألة نسبية، ومصلحة لا يغيرها الله فيهم ما لم يرحموا أجيالهم أجيالهم فيغيروها! ولكن يبدو أنهم ليسوا غرباء في هذا المحيط، فمن جبلة هنا صنعوا، وإلى التراب أو الرمل المديد هذا يعودون.
من هذا القلق ومن تساؤلات محيرة، كمثل: لماذا يحار اللبناني في هويته، لماذا يستطيع اللبناني، منذ فينيقيا، أن يؤسس دولة قوية موحدة؛ لماذا يتقن اللبناني فن الاختلاف وقبول الآخر كما هو؟ لماذا لا يتعلم اللبناني من تجاربه وتجارب الآخرين؟ من وحي هذه التساؤلات يأتي هذا المؤلف الذي جعل الكاتب يغوص في عمق التاريخ علّه يجد اجابات لها. وقد تم تقسيم البحث الى ثلاثة اجزاء. الأول منها يبحث في تاريخ فينيقيا، ثم المرحلة المسيحية، ثم المرحلة الاسلامية. ويتناول الجزء الثاني فترتي الاحتلالين العثماني والفرنسي للجغرافيا موضوع البحث. وأما الجزء الثالث، فقد تم فيه تناول تاريخ لبنان منذ الاستقلال حتى عام 2012. وتجدر الاشارة الى أن المؤلف اعتمد الحقبات التاريخية كمحطات، معتمداً التسلسل الزمني (الكرونولوجي) كمبدأ دون العناوين، لذلك لا ينتهي موضوع البحث عند اعتماد عنوان آخر؛ وإنما يتحدد بحسب تداعياته على طول الخط. بالاضافة الى ذلك، ارتأى المؤرخ اظهار نبذة عن الوضع العالمي والاقليمي لكل مرحلة كي لا يبدو الحدث المحلي منعزلاً عما يجري في الخارج. كما ارتأى في بعض الأماكن، الاسهاب في رواية التفاصيل، أو اختصارها، خدمة للفكرة الرئيسية من وراء البحث. إقرأ المزيد