مفهوم الإرادة في الفلسفة الإسلامية المشائية
(0)    
المرتبة: 25,675
تاريخ النشر: 01/01/2010
الناشر: دار المشرق
نبذة نيل وفرات:إن الإرادة مبدأ طبيعي قبل أن تكون مبدأ روحانياً، ليست الإرادة روحاً خالصاً، بقدر ما هي في ذاتها طبيعة بالدرجة الأولى، وهي ليست طبيعة خالصة؛ لأن الروح والطبيعة يتزاوجان فيها ويتكاملان حتى ينتجاها مبدأ محرَّماً.
هكذا، وإذا كان ما يتم عادة هو المقابلة بين الإرادة والطبيعة؛ فإن الأمر ليس بهذه ...البداهة، لأن الإرادة لا تخرج البتة عن إطار الطبيعة، تظل الإرادة مبدأ طبيعياً؛ لكنها مبدأ طبيعي من نوع خاص: فالحركة الإرادية إن الإرادة مبدأ طبيعي قبل أن تكون مبدأ روحانياً، ليست الإرادة روحاً خالصاً، بقدر ما هي في ذاتها طبيعة بالدرجة الأولى، وهي ليست طبيعة خالصة؛ لأن الروح والطبيعة يتزاوجان فيها ويتكاملان حتى ينتجاها مبدأ محرَّماً.
هكذا، وإذا كان ما يتم عادة هو المقابلة بين الإرادة والطبيعة؛ فإن الأمر ليس بهذه البداهة، لأن الإرادة لا تخرج البتة عن إطار الطبيعة، تظل الإرادة مبدأ طبيعياً؛ لكنها مبدأ طبيعي من نوع خاص: فالحركة الإرادية لها من الخصوصية ما يجعلها تنفلت من القوانين الضرورية الخاصة بالحركة الطبيعية، حتى يمكن القول عنها إنها تتجاوزها، والواقع أنها لا تتحظى عتبة الحركة الطبيعية العامة بقدر ما أنها تسجل تمايزها بوضعها مبدأ مغايراً للمبدأ الفيزيائي؛ مبدأ يتموضع على النقيض تماماً من مبدأ الحركة الضرورية في الطبيعة، من دون أن يشذّ، مع ذلك، عن الحركة الطبيعية.
كما سيبين للقارئ في ثنايا هذا البحث، لدى فلاسفة الإسلام وخصوصاً الفيلسوف الأندلسي ابن باجة الذي أبدع بحق في هذا المجال، حيث سيعمد الباحث في بحثه هذا إلى مقابلة آراء ابن باجة بآراء غيره من الفلاسفة وخاصة ابن سينا، لذا، يشكل طرح سؤال الإرادة بدءاً بسياق علم الفيزياء لدى الباحث مدخلاً ضرورياً لكل تساؤل عن موضوع الإرادة، والأكثر من ذلك، إن قيل ويقال أن أسئلة الإرادة الكبرى إنما تنبثق جميعها من داخل هذا السياق ومحيطه.
ولا غرو إن كان مفهوم الطبيعة نفسه يتضمن مبدأ الإرادة في ذاته، وذلك بوصفه ما يناقضه وحسب؛ بل أيضاً بوصفه ما يتممه ويسدّ نواقصه وثغراته؛ فلا غرابة إذا شرع الباحث التساؤل، في أولى محطات بحثه هذا الذي تضمن ثلاثة أبواب، عن هذا المفهوم بالذات: الطبيعة بوصفها قوّة حيناً، صورة حيناً ثانياً، ومبدأ غائياً حيناً ثالثاً؛ وهذه العناصر، بالضبط، هي التي تتقاسمها الإرادة وإياها وتشاركها فيها.
وفي حين سيشكل سؤال موقع الحركة الإرادية ضمن الحركة الطبيعية موضوع المحطة الثانية في الباب الأول، وهو سؤال يجد جذوره الأساسية في الإشكاليات التي تطرحها الوضعية الخاصة التي تتسم بها الحركة التلقائية ضمن قانون الحركة الطبيعية الشامل، ثم الباب الثاني باب السيكولوجيا الذي يفحص الإرادة بوصفها مبدأ حيوانياً حيث تم الوقوف على مفهوم النفس أولاً، ورصد مدى قوة حضور مبدأ الإرادة فيه لدى فلاسفة الإسلام الذي جعلوا الإرادة عنصراً جوهرياً في حدّ النفس، ومبدأ مميزاً للنفس عن الطبيعة، بل ودليلاً على وجود مبدأ النفس ذاته من دون إيلاء مبدأ الحياة والنفس النباتية أي أهمية.
وسوف يشكل سؤال موقع الإرادة بين النفس والبدن مضمون الفصل الثاني، حيث يتم الكشف عن وظيفة الإرادة السياسية والتدبيرية، ولو في المجال السيكولوجي، إذ بواسطة الإرادة تسوس النفس البدن وندبره، وأما في الفصل الثالث فيتم الوصول إلى تسليط الضوء على بنية مفهوم الإرادة الداخلية، حيث سيكشف النقاب عن مختلف العناصر التي تكونه، ويتم التفصيل في أشكال إرتباطاتها وعلائقها بمختلف قوى النفس خاصة قوى النزوع والإدراك.
وأما الباب الثالث فقد تم أفراده للنظر في الإرادة بوصفها مبدأ إنسانياً ومدنياً، إذ يتناول الفصل الأول بالدراسة؛ الإرادة بوصفها عقلاً عملياً، الإرادة بوصفها مبدأ للمعقولات الإرادية، أي كل الموضوعات التي تنتجها الإرادة التي تتقدم قوة فكرية مبدعة ومشرّعة، ولا يخفى أن الإرادة هي ما يعطي العقل مضمونه العملي الذي ليس شيئاً آخر غير مضمون النزوع الذي هو مضمون حيوانيّ وطبيعي، وقد صار تحت سيادة العقل حتى تتولد مضامين الإرادة المختلفة بوصفها مضامين العقل العملي، أي مضامين إنسانية ومعقوات إرادية بلغة الفارابي.
ويتساءل الباحث في الفصل الثاني من طبيعة مضامينها "العملية" وعن طبيعة الغايات التي تستمد منها؛ سواء في الأخلاق أو في السياسة أو في التشريع، يسأل عن غاية الإرادة ما إذا كانت غاية عملية عملية عند فلاسفة الإسلام أو أنهم يضعون عزو الإرادة الحقيقي في ما وراء ذاتها، أي في النظر وليس في العمل، في التأمل وليس في الممارسة الحياتية، بينما تم في الفصل الثالث مساءلة خيرية الإرادة بين الفضيلة النظرية والفضيلة العملية وبين الفطرة والعادة. إقرأ المزيد